«رياح الحياة» تغير مفهوم الأغنية الصيفية

أغنية رياح الحياة
أغنية رياح الحياة

ندى‭ ‬محسن

تصدرت أغنية “رياح الحياة” للمطرب حمزة نمرة “التريند” في مصر فور طرحها بساعات قليلة، وهي أغنية درامية اجتماعية تُناقش الواقع الذي يمر به الكثيرون بين لحظات الألم والانكسار، ومحاولات التجاوز رغم الصدمات والمعوقات، وكسر حمزة من خلالها التابوهات التقليدية لشكل الأغنيات التي يتهافت النجوم على اختيارها وتقديمها في موسم الصيف تحديدًا، والتي تتميز بلحن إيقاعي سريع، وكلمة خفيفة تُناسب متطلبات الموسم، وجاء ذلك واضحًا في تجارب عديدة، منها أغنية “اركب على الموجة” لسمية الخشاب، و “بلبطة” لحسين الجسمي، وغيرها من اختيارات النجوم بإعتبار أن هذا اللون الغنائي سيضمن لهم النجاح والتواجد القوي من خلال الحفلات الغنائية والأفراح، حتى أصبحت الأغنية تندرج تحت تصنيف “صيفية” أو “شتوية”.. توجهنا بالسؤال لعدد من الشعراء والملحنين والنُقاد حول أسباب اتجاه نجوم الغناء لتقديم لون معين خلال موسم الصيف، وهي الظاهرة التي بدأت في الانتشار خلال السنوات القليلة الماضية، وهل أثبتت التجربة نجاحها أم لا؟.

في البداية يقول الملحن مدين : “مسألة تصنيف الأغنية تعود لحرص النجوم على اختيار وتقديم أغنيات تحمل إيقاع سريع وكلمات خفيفة وبسيطة خاصة في موسم الصيف بإعتباره الموسم الأكثر زخماً بالحفلات الغنائية والأفراح، لذا نجد الطلب أكثر على الأغنيات الصيفية إن جاز التعبير، وهذا ما يبحث عنه معظم المطربين من أجل تحقيق هدفهم، وهو تقديم الحفلات الغنائية والأفراح، لكن الغريب في الأمر، وما يحدث معي شخصياً هو طلب النجوم للأغنيات ذات الإيقاع السريع سواء “هاوس”، “مقسوم”، “ريجاتون” أو “ستايل” طوال أشهر السنة، وذلك تلبية لجدول حفلاتهم التي تُقام على مدار العام، وهذا تفكير سليم، وأراعي في عملي هدف بعض المطربين في التواجد على خريطة الحفلات الغنائية التي تُقام في العديد من المدن الساحلية، لأنه حتى وإن قدم أغنية درامية وحققت نجاحاً كبيراً فهو أصبح بعيداً عن الهدف الذي يتبعه في أشهر الصيف، وهناك بعض النجوم أيضاً الذين يهدفون للنجاح فقط، وهذا ما أُرجحه، وفي النهاية جميعنا نجتهد من أجل إسعاد الجمهور، والحكم لديهم، ولا يوجد أحدًا يضمن النجاح أو الفشل، فمن الممكن أن يطرح أحد النجوم أغنية صيفية ولا تلقى النجاح، والعكس صحيح”.

ويُضيف قائلًا : “لا أعترف بفكرة تصنيف الأغنية، فقد حققت النجاح و”التريند” بأغنيات درامية من ألحاني، فعلى سبيل المثال تصدرت أغنية “ظروف معنداني” للمطرب وائل جسار “التريند” خلال موسم صيف هذا العام رغم مرور 8 سنوات على طرحها، ورغم أنها حققت نجاحاً وقت طرحها، إلا أن هناك قطاع كبير من الجمهور اعتقد أن الأغنية جديدة، لذا النجاح الذي لم يصل لكل الناس ليس معناه أن الأغنية ليست جيدة، لكن هناك معايير كثيرة تتحكم في هذا الأمر، منها توقيت الطرح وعملية التسويق على “السوشيال ميديا”، ومحطات الإذاعة، وأيضاً أغنية “جابوا سيرته” للمطربة أصالة تصدرت “التريند” فور طرحها في موسم صيف عام 2019، ونفس الأمر تكرر مع أغنية “حبه جنة” للمطربة شيرين عبد الوهاب، وأغنية “أسجل روحي” للمطرب العراقي محمد عبد الجبار، إذ تخطت الأغنية فجأة وبلا مقدمات حاجز الـ 136 مليون مشاهدة عبر موقع “اليوتيوب”، لذا الأغنية جيدة الصُنع تفرض نفسها على مر السنوات”.

حالة

“أغنية (انت عمري) لكوكب الشرق أم كلثوم عايشة لحد دلوقتي، وهي لا أغنية صيفي ولا شتوي” .. بهذه الكلمات بدأ الشاعر محمد عاطف حديثه قبل أن يُضيف : “الأغنية عبارة عن حالة بصرف النظر عن التصنيفات أو القوالب إما أن يُحبها ويتفاعل معها الجمهور أو لا، والأغنية جيدة الصُنع من ناحية الكلمات والألحان والتوزيع هي التي تعيش مع الجمهور لسنوات طويلة، وهذا الأهم، وهو ما حدث أيضاً مع عدد من التجارب أحدثها أغنية “بسلم عليك” للمطرب مصطفى قمر من كلماتي، والتي تصدرت المشهد من جديد، وانتشر تداولها بشكل سريع خلال الأسابيع القليلة الماضية عبر تطبيق “تيك توك” رغم مرور سنوات طويلة على طرحها، ونفس الأمر تكرر مع أغنية “ظروف معنداني” لوائل جسار رغم أن اللون الغنائي لكل منهما بعيد عن الإيقاع السريع الذي يُركز عليه معظم النجوم في موسم الصيف، وأتفهم هذا الأمر بحكم متطلبات الموسم، لكن أتمنى التنوع والتجديد لاسيما أن جميع الأغنيات أصبحت تُشبه بعضها من حيث الكلمة واللحن، وضاعت بينهما شخصية المطرب”.

افتعال

ومن جانبه يقول الشاعر صابر كمال : “أصبحت الأغنيات المُقدمة على الساحة الغنائية “مفتعلة” بسبب تصنيفها تحت قوالب مُعينة، ففي موسم الصيف نجد موجة من أغنيات الغزل، الفرفشة، الرقص، والفرح، وتنهال علينا موجة من أغنيات الفراق، الاشتياق، والحزن في موسم الشتاء، فهذه “الحِسبة” خاطئة، ومع الأسف معظم النجوم غير مُنتبهين لتلك المسألة لدرجة أن السوق الغنائي بأكمله أصبح عبارة عن أغنية واحدة، تعاد أكثر من مرة بأكثر من طريقة، لذا لا تحقق معظم تلك التجارب النجاح المطلوب بسبب الملل الذي حدث للجمهور، فضلًا عن أن إيقاع المقسوم يفرض على الشاعر طريقة كتابة مُعينة، لذا أصبح السوق “هش” بسبب التجارب والنسخ المتشابهة”.

ويُتابع : الفن هو إحداث الدهشة، وهذا أصبح غير موجود بسبب سيطرة التجارب السطحية على الساحة الغنائية، وظهور مُدخلات جديدة غيرت من شكل الصناعة، مثل تطبيق “تيك توك”، و”انستجرام”، فالنجم أصبح يطلب “سينيو” مدته 15 ثانية ليتوافق مع مدة “ستوري” التطبيقات المختلفة، ففي اعتقاده أن هذا هو النجاح، فلهذه الدرجة الصناعة أصبحت “مفتعلة”، وغاب إحساس تذوق الكلمة واللحن، و”ده اللي بيخلي أي حد بيعمل حاجة عكس السائد بتنجح”، أحدثهم أغنية “رياح الحياة” لحمزة نمرة التي حققت نجاحاً كبيراً فور صدورها، وكأنها “مياه نزلت على عطش”، وأتمنى أن يتخذها النجوم كمؤشر وبوصلة نحو احتياجات الجمهور، وأذكر أيضًا أغنية “لو جاي في رجوع” للمطرب الشاب أحمد فريد التي تصدرت التريند من قبل.

ويستكمل : المهرجانات تفوقت على الأغاني في فترة من الفترات بسبب الملل، الرتابة، والتكرار، لذا انصرف الجمهور إلى لون وشكل موسيقي جديد عليه، ونحن في هذه المرحلة حالياً، وأخشى أن تظهر على الساحة موجة ثانية من الأشكال والألوان الموسيقية المستحدثة.

تقليعة

ويقول الناقد أحمد السماحي : تصنيف الأغنية إن كانت صيفية أو شتوية هي فكرة خاطئة، و”تقليعة” جديدة من نجوم الغناء وشركات الإنتاج ظنًا منهما أن الأغنية الخفيفة من حيث الكلمة واللحن والتوزيع هي التي تضمن نجاح المطرب في فصل الصيف بإعتباره موسم الحفلات الغنائية والأفراح، لكن إن تحدثنا بشكل واقعي سنجد أن هناك أغنية جيدة الصُنع من حيث الكلمة واللحن والتوزيع، وتلك التي تضمن النجاح في أي زمان ومكان بصرف النظر عن توقيت طرحها، وأخرى غير جيدة الصُنع لذا لا تلقى أي نجاح يُذكر، والأمثلة على ذلك كثيرة، فالنجاح الكبير الذي طال نجوم الزمن الجميل لم يعرف مصطلح الأغنية الصيفية أو الشتوية.

ويُضيف : من الإيجابيات التي لفتت نظري في موسم صيف هذا العام، هو عدم اعتماد النجوم في أغنياتهم على إيقاع المقسوم فقط، حيث قدم أكثر من مطرب اللون الرومانسي منهم خالد سليم، سامو زين، هيثم شاكر، وهو اللون الذي كان غائبًا عن المشهد خلال السنوات الأخيرة الماضية، وإن كان يتم تقديمه على استحياء في موسم الصيف.

ويستكمل السماحي قائلًا : التنوع مطلوب لأن أذواق الجمهور مختلفة، ولا تتبع معايير التصنيف، الأهم فقط هو حرص النجوم على تقديم أغنية جيدة الصُنع، ويتم طرحها في توقيت صحيح، فهناك أغنيات تُحقق نجاحاً هائلاً بسبب الظرف الإجتماعي أو السياسي، وهذا ما حدث مع عدد من التجارب الغنائية التي لاقت نجاحاً كبيراً بسبب توقيت طرحها، مثل أغنيات “آه لو لعبت يا زهر” لأحمد شيبة، و “إزاي” لمحمد منير، فهي أغنيات عبرت عن الناس في مرحلة مُعينة، ولمست وجدانهم، ونفس الأمر مع أغنية “رياح الحياة” للمطرب حمزة نمرة الذي تميز بإختلافه والسباحة ضد تيار الأغنيات الخفيفة التي تحمل لحن إيقاعي وكلمة بسيطة، ونجح في مخالفة “تقاليع” النجوم في فصل الصيف، والتجربة أثبتت أن الصيف يتحمل تقديم ألوان وأنماط موسيقية مختلفة بعيدًا عن المقسوم، و”الهاوس”.

ويُتابع : “رياح الحياة” أغنية مصنوعة بصدق، وبشكل احترافي كبير سواء من حيث الكلمة القوية، والمختلفة، واللحن الذي ترجم وعكس إحساس الكلمات بشكل مُتميز ورائع، لذا كان النجاح حليفها، وهذا النجاح ليس غريباً أو جديداً على حمزة، بل هو نِتاج ما أثمرته تجربته الموسيقية المتميزة سواء من ناحية الاختيارات أو طريقة الطرح، فهو لا يُشبه أحدًا، ويُذكرني بسيد درويش منذ بداية ظهوره على الساحة الغنائية عام 2001”.

اقرأ أيضًا : 4 ملايين مشاهدة.. «رياح الحياة» لحمزة نمرة تحتل صدارة ترند يوتيوب


 

 

 

;