أفكار متقاطعة

سور«السين» العظيم

سليمان قناوى
سليمان قناوى

باريس.. عاصمة النور تقدم على إجراء قد يجعلها تفقد هذا اللقب، بل لتكتسب لقبا جديدا، وهو عدوة الثقافة على سور نهر السين بوسط العاصمة، تخطط الحكومة لإزالة 570 كشكاً لبيع الكتب رغم إنه أصبح ضمن المزارات السياحية لفرنسا مثل قوس النصر وكنيسة روتردام وبرج ايفل وشارع الشانزليزيه ومقاهيه الشهيرة. سبب الإزالة هو حفل إطلاق دورة الألعاب الأوليمبية التى ستقام على نهر السين فى يوليو من العام القادم. وما أن علمت جمعية بائعى الكتب فى باريس نوايا الحكومة تجاه ما يسمونه سور الثقافة العظيم، حتى بدأت هجومها لأنها ترى أنه لا يمكن أن يكون بناء الاجسام على حساب بناء العقول ابدا، لان العقل السليم فى الجسم السليم، فثنائية الجسد والروح لا تتناقضان بل تتكاملان. وقال جيروم كاليه رئيس جمعية بائعى الكتب فى باريس لإذاعة مونت كارلو الدولية إن الناس يأتون لرؤيتنا مثلما يفعلون مع برج إيفل وكنيسة نوتردام، (لكن) يريدون إخفاءنا خلال حفل من المفترض أن يمثل باريس ونحن نمثل تراثها ايضا». فهل تفعل ذلك عاصمة النور لانها تحتقر باعة التنوير وتريد طردهم. ترد بلدية باريس بأنها لن تفعل ذلك، فكل ما ستقوم به هو تفكيك الاكشاك وإعادة تركيبها فى نفس مكانها بعد انتهاء الدورة الأوليمبية، وسوف تتحمل ايضا نفقات تجديدها، إلا ان اوليفييه وهو أحد باعة الكتب المشهورين بالسور، ويبيع منه الكتب منذ 40 عاما، لا يثق فى وعود البلدية، ويشكك فيها هو وباقى زملائه من الباعة، ويقول إنهم لا يدركون قيمة هذه الاكشاك، ويتخيلون انها مجرد صناديق من الخشب، لكنها بالنسبة لكثير من الفرنسيين والسائحين من تراث «امتنا». ورغم أن بلدية باريس تؤكد ان الامر لن يستمر سوى بضعة أسابيع، إلا أنه حتى لو صدقت البلدية فإن سكان باريس يرون أنه أمر سيئ إزالة بائعى الكتب حتى ولو لأسابيع، لأنه تغيير لجغرافية سور السين وتشويه لأثر اعتاد المتنزهون للمكان على التجول فيه والتوقف لالتقاط كتاب من هذا البائع او ذاك، ويرون ان إزالة هذه الاكشاك من مكانها مثل رفع لوحة الموناليزا من متحف اللوفر لعدة أيام وإعادتها مرة أخرى، فهل يستقيم ذلك؟! وهل ينتصر باعة النور والتنوير أم تفقد باريس لقبها؟!.