«فتنة وطن».. قصة قصيرة للكاتب سيد جعيتم

سيد جعيتم
سيد جعيتم

تعلمُ بأن كلَ ما وضعتَه خلفَ البابِ لن يمنع اقتحامَه، ومع ذلك كومت بعضَ الأشياءِ خلفه.

منذ أيامٍ خرجَ زوجُها باحث عمَّ يسدُ به رمقَهم ولم يعد.

تتوسطُ أرضَهم كل المحاور، وتتساقطُ عليهم الحممُ من كلِ الاتجاهات، البيوتُ المجاورةُ أصبحت أكوامًا من حجارةٍ، أشلاء سكانها متناثرة رائحة الموت تعمُ المكان، بئرُ الماءِ

 

الوحيد ملئوه بالجثث، حرقوا الشجر، حتى حشاش الأرض لم ينج.

الجوع يعتصر بطونهم والماء نفد، جمعت أولادها حولها، تحاول طمأنتهم، تحكي لهم عن الجيران وغوطة المشمش وشجر التفاح، وعن حلاوة ماء البئر العذبة.

 

 تُتنازعها الهواجس بشأن مصير زوجها.

أصوات أقدام خارج الباب، قد يكون زوجُها عاد بالماءِ والطعام، تنبهت هي أصوات لأقدام كثيرة، شعرت بغصة في حلقها.

 فُتِح البابَ على مصراعيه.

رجالٌ مدججون بالسلاح، يرتدون زيَ الجنودِ مختلفَ الأنماطِ والألوان فهم ليسىوا فصيل واحد، خوذاتٌ.

- أين زوجك؟

ـ لم يعد منذ أيام.

قَلبَ المقتحمون البيتَ رأسًا على عقبٍ.

أشار أحدُهم للولد: تعال. استرحمتهم:

ـ ما زال قاصرًا.

لكمها أحدُهم فأوقعها أرضًا سال الدم من أنفها وفمها.

مدت يدَها تغطي ما انكشف منها، هبت واقفةً مزَمْجَرَة، نفرت عروقُ رقبتِها صاحت:

ـ يكفيكم خرابًا، لن تأخذوا ابني، فلتخرجوا خارج داري.

صفعة شديدة على وجهها، صرخت بقوةٍ، أنشبت أظافرَها وأسنانَها في وجهِ قائدهم، أصابه الخوف، تراجع مذعورًا:

ـ اقتلوها.

أفرغ النشامى خزاناتِ بنادقِهم في جسدِها النحيل.