صاحب «الديناصور» بعد جائزة «كنفانى»..أحلم بأن يقرأنى «الجمهور» و النخبة

عمرو حسين
عمرو حسين

يترك الزمن ندوبه على الأماكن، فتشيخ مثل البشر، لكن هل يمكن لتبدلاته أن تغير من طبيعة المشاعر الإنسانية؟ سؤال يتردد فى رواية «الديناصور» للروائى عمرو حسين من خلال أبطاله الرواة؛ جد تعدى السبعين من عمره، ومخرج شاب، وصانعة محتوى شابة فى سن أحفاده، يتبادلان الحكى عن الحب، ومدى قدرته على الصمود عبر العصور، وعن توازى حكايات الحب فى الماضى والحاضر، وعن تبدلات المكان وتأثيره على البطل المسن، وعن الفضاء الافتراضى وتأثير التكنولوجيا على الجيلين.

الأسبوع الماضي، أعلن فوز الرواية الصادرة عن دار دون للنشر بجائزة غسان كنفانى فى دورتها الثانية، وهو العمل الثالث فى مسيرة «حسين» الأدبية، حيث سبقتها روايتان: «الرهان، تاهيتي» وصدرت بعدها رواية رابعة بعنوان «خارج نطاق الخدمة»، ويشير «عمرو» فى حوارنا معه إلى اختلاف أعماله الأربعة عن بعضهما البعض، على مستوى الموضوع وأساليب السرد والبناء، معتبرا «الديناصور» رواية أصوات بين جيلين؛ مرتبطة بفكرة الحنين واختلاف الأجيال، واستمرارية الحياة، ويضيف: «أنا من جيل غير موجود فى الرواية، جيل وسط أرى الجيلين: الأكبر والأصغر وسوء التفاهم بينهما، فوجدت نفسى فى وضع يسمح لى بالتعبير عن الجيلين لأنى فى زمن سابق، وأنا فى العشرين من عمري، كنت أرى الجيل الكبير بشكل مختلف عن تلك اللحظة التى نضجت فيها بما يكفي، أردت أن تعرف الأجيال الصغيرة أن الأجيال الكبيرة كنز كبير من المعرفة والخبرة، وكذلك أن تستوعب الأجيال القديمة أن الشباب لديهم إتقان لأدوات معرفة جديدة يمكن تعلمها منهم».. تتصدر عبارة «رسالة حب من زمن آخر» غلاف الرواية كعنوان فرعى يحيلنا إلى تصنيف الرواية باعتبارها رواية «رومانسية» منذ البداية، وبالفعل تتداخل قصص الحب ما بين ما يكتبه جد سبعينى عن قصة حب صامت دارت فصولها فى ضاحية المعادى فى ستينيات القرن الماضي، تتوازى مع قصة حب صامت أخرى تدور فى هذا العصر بين المخرج الشاب، وصانعة المحتوى الشابة، ويشهد عليها المسن، وهو ما يعترض عليه الأديب قائلا: «بالنسبة إلى «الرومانسية» كانت عنصر جذب فقط لإظهار الاختلاف فى التعبير بين الأجيال، البطل حين تعدى السبعين كان سهلا عليه الحكى عن قصة حب قديمة فى العشرين من عمره، لأن تقدم العمر يمنح الإنسان قدرة على التحرر من القيود».. يكتب «عمرو حسين» وأمام عينيه القاعدة العريضة من القراء، ولا يجد أن هناك تناقضا بين حصول الرواية على جائزة تحمل اسم مبدع كبير، وبين رواج، حيث إنها تحمل مقومات الروايات الرائجة، ويمكن للقارئ العادى الاستمتاع بها، ويوضح عمرو قائلاً: «أن تحمل الجائزة اسم غسان كنفانى تشريف كبير جداً وأية لجنة تحكيم لها عناصرها فى الاختيار، وإن كان المتعارف عليه أن هناك أدبا تجاريا يكتب للجمهور، وهناك أدب آخر نخبوى مناسب للتقييم الأكاديمى والناقد المتخصص، وقد لا يتواصل معه قاعدة واسعة من القراء، ولكن من النادر الحدوث أن تجد رواية سلسة فى الكتابة ويمكن للقارئ العادى الاستمتاع بها، فإن هذا مشروعي، الجمع بين المتعة والقيمة، وأتمنى أن يتحقق هذا فى أعمالى القادمة مثلما تحقق فى «الديناصور».. يحيلنا عنوان الرواية أيضا إلى فكرة التلاشى أو الموت الجماعي، ويمكن أن يكون تلاشى الأماكن القديمة كما نعرفها، وبالتالى موت طبيعة الحياة المرتبطة بها، كما تمثل ذلك فى الرواية من خلال حى المعادى حيث نشأ وعاش البطل السبعيني، وحيث ولد وعاش الأديب، وهو ما يعلق عليه قائلا: «أجد أن عنوان الرواية مرتبط أكثر بالعلاقة ببين الأجيال والاختلافات ما بينها، وهل الشعور الإنسانى يختلف وينقرض، أم يظل بنفس رونقه؟، فهو إشارة لاستمرار الحياة رغم كل التغيرات، والاختلافات، والجيل الجديد الذى بلغ العشرين سيأتى جيل آخر فى يوم من الأيام بمعطيات عصر مختلفة وسينظر إليه باعتباره ديناصورا، أما بالنسبة إلى حضور حى المعادى فكان ضروريا بالفعل، وجزء من تصورى منذ البداية هو الكتابة عنه، ليس بهدف التوثيق، لكن بدافع الغيرة من غيابها، فهناك أدباء كتبوا عن أحياء مثل: «نجيب محفوظ»، وحارات القاهرة القديمة، والزمالك فى أدب «أشرف العشماوى» ومصر الجديدة والكيت كات وغيرها، بينما لم تحظ المعادى بالتواجد بشكل كبير فى الرواية المعاصرة».