بدون أقنعة

فشخرة كدابة

مؤمن خليفة
مؤمن خليفة

صدمنى أحد الأصدقاء وهو يحكى عن سعر غرفة النوم التى تعاقد عليها لابنه المقبل على الزواج نهاية الصيف الحالي.. كان يحكى بمرارة عما تكبده الابن من نفقات الزواج الباهظة والتى استطاع توفيرها من خلال عمله لسنوات فى إحدى الدول الخليجية.. سعر غرفة النوم فقط كان يكفى لشراء «عفش» كامل قبل 4 سنوات. الطبيعى أن أسعار الخامات زادت وتجاوزت كل حدود المعقول.. الأب يقول إنه نجح فى توفير فرصة عمل للابن فى الدول الخليجية عن طريق قريب لهم وبراتب بسيط وأن ما وفره الابن يكفى زواجه بالكاد وأنه بدون عمل وعلى أبواب الـ 36 عاما وكان لابد من زواجه ناهيكم عن الأسعار الخرافية لقاعات الأفراح التى تجاوزها الابن وعروسه بالاتفاق على قاعة رخيصة بأحد الأندية وقضاء عطلة عدة أيام فى مطروح بتكلفة بسيطة جدا. أرقام تكلفة الزواج أضحت كبيرة مقارنة بالسنوات الماضية ومن الضرورى أن تتعاون العائلات فى التيسير على العرسان وحل الكثير من المشاكل التى تعترضهم والتخفيف عليهم بدون «فشخرة» لأن أرقام الزواج تتراجع بسبب التكلفة الضخمة التى لا تقدر عليها كل الأسر.. ولولا أن ابن صديقى وجد فرصة سفر ما استطاع أن يأخذ هذه الخطوة.


أعرف عائلات فقيرة ومتوسطة الدخل ورغم ذلك يسعون إلى كسر ظهر العريس وتحميله الكثير من نفقات الزواج بدءا من فستان العروس الذى يقومون بتأجيره بمبالغ تخطت 10 آلاف جنيه لليلة واحدة ودفع الكوافير وقاعات أفراح مما يجعل العريس يستدين من أهله ومعارفه لإتمام الزواج وبعدها تأخذ المشاكل طريقها إلى البيت الذى يقع على رءوس ساكنيه وعلى العريس أن يدفع مؤخر الصداق الذى يقصم ظهره وأسرته التى تدفع الثمن.


الزواج ليس فرصة للمغالاة فى المهور أو الشبكة وغيرها من التكاليف التى لا مبرر لها و«الفشخرة الكدابة» بدون أساس لا محل لها من الإعراب وإذا لم تكن تملك تكلفتها فلا داع لها ولا تسمح لأحد أن يجبرك عليها.. وقد شاهدت بعينى بالصدفة فى أحد الأفراح فى أحد الفنادق والد العريس وهو يصرخ فى المدير المسئول عن القاعة بعد أن طالبه بدفع قيمة 5 مدعوين زيادة عن العدد المتفق عليه مع الأسرة وهو مبلغ لا يقدر عليه.. أقسم بالله العظيم أن الدموع فرت من عينى فالرجل كاد أن يبكى خارج القاعة وهو يطلب من زوجته وابنته وابنه الصغير مغادرة القاعة بديلا عن الأشخاص «الزيادة» وبعد أن ورطه ابنه وهو يخشى أن يفقده فرحته.


أصابنى حزن على هذا الرجل وتجمع أقاربه على صراخه ليتجمعوا ليسددوا المبلغ المطلوب الذى لم يكن فى الحسبان!
الأب المسكين فوجئ فقد تحمل نصف تكاليف ليلة الفرح ولم يعد فى إمكانه أن يتحمل أكثر مما دفعه ولا يريد أن يفسد فرحة الابن وعروسه وأن يفقد هيبته أمام أهله وأصدقائه.. فى هذه اللحظة غير الإنسانية قررت ألا أحضر وخرجت من الفندق إلى سيارتى ساخطا على الابن الذى كاد أن يتسبب فى فضيحة لأسرته.. هذا المشهد ما يزال ماثلا أمام عينى حتى الآن بسبب فشخرة أهل العروس وكذلك العريس الذى أحرج أباه بدون مبرر وصمم على إقامة فرحه فى هذا المكان.


على الأسر أن تساهم فى التخفيف على العرسان الجدد وعدم المغالاة فى كل شيء خاصة أن التكلفة زادت بشكل مبالغ فيه ولم يعد الشباب المقبل على الزواج يستطيع تحمل تلك التكلفة ولولا مساهمات الأسر فى تحمل جزء من التكاليف ما كان ممكنا أن تستمر الأفراح والليالى الملاح.. وأتمنى من كل الأسر الابتعاد عن «الفشخرة» وإنفاق الكثير من الأموال الطائلة.. وهذا لا يمنع أن أبدى إعجابى بكثير من الأسر حضرت أفراحها البسيطة وبتكاليف زهيدة وعشت فرحتهم.