أوراق شخصية

الضفدع والتوقيت المناسب!

آمال عثمان
آمال عثمان

مشكلة كثير من البشر أنهم لا يدركون أهمية اختيار التوقيت المناسب لاتخاذ القرارات المصيرية، فمهما كان القرار صحيحا، ويُشكّل نقطة فارقة فى حياتنا، يظل مرهونا بتوقيت تنفيذه فى الوقت المناسب، وإلا فقد القرار قيمته وأهميته وصار كأن لم يكن! 

ومن أجمل القصص المُعبّرة عن أهمية توقيت اتخاذ القرار فى حياتنا، التجربة العلمية التى رواها د. مصطفى محمود، حول تجربة ضفدع وضعه العلماء فى وعاء ملىء بالماء، ثم بدأوا فى تسخينه، ومراقبة تصرفات الضفدع، خلال الارتفاع التدريجى لحرارة المياه. 

الغريب فى الأمر أن الضفدع كلما ارتفعت درجة حرارة الإناء، كان يحاول جاهدا التأقلم، من خلال ضبط حرارة جسمه، وعندما اقترب الماء من درجة الغليان، عجز جسم الضفدع عن التأقلم، وتحمل الماء المغلى، وهنا فقط قرر أن يقفز خارج الوعاء لينقذ حياته، وحين قفز باءت محاولته بالفشل، ولم يفلح فى الخروج، وأعاد المحاولة عدة مرات دون جدوى، لأنه لم يتخذ قرار القفز إلى الخارج، إلا بعد أن خارت قواه خلال عملية التأقلم مع درجة حرارة الماء، وسرعان ما استسلم وفقد حياته! 

والسؤال: هل قتل الماء الساخن الضفدع؟! الكثيرون سوف يعتقدون أن الماء المغلى هو الذى قتله، لكن الحقيقة أن ما جعله يفقد حياته هو عدم قدرته على اتخاذ القرار بالقفز خارج الإناء فى التوقيت المناسب، لذلك ليس علينا فقط اتخاذ القرار الصحيح أو المناسب فى حياتنا، ولكن ينبغى أيضا أن ندرك تماما متى نحتاج إلى المواجهة، ومتى يجب أن نبدأ فى اتخاذ الإجراء أو القرار المناسب، فإذا كان يستوجب علينا أن نتعلم كيف نتكيف مع الظروف والأوضاع المحيطة بنا، ونعرف كيف نتأقلم مع من حولنا مهما اختلفنا عنهم، فالأهم أن ندرك متى نحتاج إلى المواجهة وتغيير أوضاعنا، ونعى ونتعلم متى نتخذ الإجراء أو القرار المناسب!! وإلى أى درجة يمكن أن نتكيف ونتأقلم دون أن نسمح للآخرين أو الظروف باستغلالنا وابتزازنا عاطفيا أو ماليا أو عقليا، حتى لا ينتهى الأمر باستنزافنا والقضاء علينا نفسيا وبدنيا وفكريا. يجب أن نفطن متى نقفز قبل أن تخور قوانا ونهلك.