إنها مصر

الانتخابات والقانون الأصلح !

كرم جبر
كرم جبر

لا يوجد شيء اسمه الحقيقة المطلقة، أو من يمتلك رأياً صواباً على طول الخط، خصوصاً فى القضايا السياسية التى تقبل تعدد الآراء والرؤى .

وإذا اختلف الشركاء حول قضية ما، فهذا لا يعنى أبداً أن أحدهما وطنى والآخر غير وطني، فالجميع شركاء فى طرح البدائل واختيار القانون الأصلح للمرحلة التى تعيشها البلاد.

أقول ذلك بمناسبة المناقشات الدائرة فى الحوار الوطنى بشأن قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب وتعدد الآراء للتوصل الى النظام الأمثل، وهل هو الفردى أم القوائم النسبية أم المطلقة، أم نظام مختلط؟

بالنسبة للنظام الفردى وهو الأصل فى الانتخابات، فيجب أن نعترف أن الظروف الحالية التى تمر بها البلاد قد لا تكون مناسبة.

أولاً: لأن النظام الفردى يعتمد على العصبيات والأسر والعائلات ويحتاج فترة انتقالية لتهيئة الأجواء والتخلص من المساوئ الانتخابية.

ثانياً: لم يسلم برلمان من الانتقادات بالنظام الفردى قبل 2011، وكثيراً ما كنا نسمع عن نواب القروض ونواب المخدرات واتهامات من هذا القبيل جاءت إفرازاً لنظام الفردي.

ثالثاً: لأن النظام الفردى يحرم فئات معينة ليس لها عصبية أو إمكانيات مالية، مثل الشباب والمرأة وبعض التخصصات المطلوبة التى لا تمتلك خبرات انتخابية.

ورغم ذلك فمن حق المشاركين فى الحوار أن يتحمسوا لهذا النظام، وفى النهاية يخضع الأمر للأخذ والرد واحترام رأى الأغلبية.

أما القوائم النسبية فمن عيوبها تفتيت الأصوات وعدم التوصل إلى كتلة برلمانية متماسكة لإقرار القوانين والتشريعات، ولنا سوابق غير مريحة فى حكومات قبل ثورة يوليو التى كانت تتغير كثيراً بفعل تفتيت الكتل الحزبية فى البرلمان.

قد يكون نظام القوائم المطلقة هو الأنسب، ولكى يتحقق ذلك، فالأمر يخضع لوضع معايير اختيار عادلة وموضوعية تضمن تمثيل كل الفئات، وتؤدى إلى برلمان قوى وفعال.

الموضوع برمته يخضع للحوار والنقاش، ولا أحد يمتلك وحده ناصية الحقيقة، ولكن لكل رأى مزاياه وعيوبه، ويجب أن يناقش الأمر فى ضوء اختيار النظام الذى يحقق الأهداف المرجوة من البرلمان.

برلمان قوى يدافع عن مصالح المواطنين ويقف فى ظهر الدولة والقضايا القومية، ولا يكون عائقاً أمام إصدار القوانين والمشروعات الوطنية.

برلمان يضمن تمثيلاً عادلاً للشباب والمرأة وذوى الاحتياجات الخاصة والعمال والفلاحين والمصريين فى الخارج والاقباط .

برلمان يعبر عن المجتمع والدولة والنظام، ويتمتع بالقوة والاحترام، ويعيد إلى الأذهان العصر الذهبى للبرلمانات، ويقدم النموذج والقدوة فى إدارة دفة التشريعات فى الدولة.