الأديبة الليبية عائشة إبراهيم:الحكايات المرعبة وليدة الخوف

الأديبة الليبية عائشة إبراهيم:الحكايات المرعبة وليدة الخوف
الأديبة الليبية عائشة إبراهيم:الحكايات المرعبة وليدة الخوف

متى تصبح المدينة مجرد صندوق رمل؟
عندما لا تربطك بها عاطفة انتماء، ليست وطنك، وتعلم أنها غير مرحبة بك، هذا كان شعور المستعمر وهو يضع قدميه على شواطئ طرابلس، كان أول ما شعر به الغزاة هو حقيقة الرمل الحارق تحت الأقدام، وكان هذا هو التعبير المتداول لديهم، واستخدمته الصحافة الإيطالية تندراً وسخريةً من مشروع «روما» الاستعماري.


ماذا عن القصص الخرافية فى الرواية ومناسبتها؟
جاءت القصص الخرافية فى مناسبات نفسية قاسية جدا، مشاعر الحزن أو الخوف تجعل الإنسان تحت سطوة أفكار وحكايات مرعبة، ففى صندوق الرمل، عندما حاول «ساندرو» النوم فى سريره فى الليلة التى مات فيها صديقه «ريكاردو»، تراءى له شبحه وهو يدخن سجائره فى السرير المجاور له، كذلك فى الليلة التى تعرض فيها الجنود إلى هجوم فى المعسكر، وكان الظلام مسيطرا، وجد الجنود أنفسهم يسردون حكايات مرعبة، عن هيكل الثور الصقلي، وعن شبح السيدة «بيانكا» التى تضلل السائقين فى الليالى الممطرة، وعن المومياوات التى هربت من متحف بومباي، هكذا فى الحرب (حتى فى الوقت الحالي) تحت وطأة الشعور بالرعب يختلق الناس حكايات غرائبية عن الأشباح، ويتفقون على سردها بطريقة مدهشة، من الصعب تفسيرها لكن الخوف يكون أحد أهم العوامل التى تساهم فى سرد تلك القصص.

اقرأ ايضاً| فى مجلة القصة:كيف نواجه حرب الشائعات؟


كيف استطعت أن توازنى بين الشخصيات الحقيقية والشخصيات المتخيلة؟
الشخصيات الحقيقية لا يمكننى أن أختلق شيئاً يخصها غير مدعم بالمصادر، وبهذه الرواية التاريخية التى تعتمد على شخصيات حقيقية لا بد من توخى الحذر عند إطلاق أية معلومة أو وصف حدث مرتبط بها، فعندما اخترت شخصية «باولو فاليرا» (مثلاً) وهو الصحفى الإيطالى الذى واكب أولى معارك الاحتلال الإيطالى لليبيا، كانت جميع صفاته وأقواله وأفعاله ومواقفه حقيقية قرأتها فى كتابه الذى نشره عن طرابلس، وقرأت تقريره المطول عن حادثة نفى الليبيين وزيارته للسجون الإيطالية، أما الشخصيات المتخيلة، وهى فى الغالب شخصيات مغمورة على الهامش، (ساندرو) مثلا، بإمكاننا أن نختلق قصصا متخيلة عنه كجندى مجهول من أصل آلاف الجنود، وهى قصص ستأتى بطبيعة الحال من وعى المؤلف بحالة الحرب وظروفها وحالات المنازعة الإنسانية والخوف والحنين إلى الوطن.


هناك حالة من تبادل المواقع بين الشخصيات، فمتى يحمل الإنسان حياة شخص آخر؟
الموت فكرة مؤلمة، عندما يفقد الإنسان عزيزاً لديه، سيحاول مواساة نفسه باستحضاره، ولو بشكل غير واعٍ، فكرة تسمية المولود بأسم أحد أفراد العائلة المتوفين فكرة شائعة فى كل المجتمعات، وهو وراء تسمية «حليمة» بهذا الاسم، أما الطريقة التى ابتكرها «ساندرو» بإرسال رسالة إلى حبيبة صديقه كانت تعبر عن رفض قاطع لفكرة الموت، ربما ليس فقط حزناً على صديقه، بل الخوف من أن يتعرض لنفس المصير.. لذلك أراد لصديقه أن يبقى حياً فى مخيلة حبيبته.