فى الصميم

التجربة‭ ‬الرائدة‭..‬ مصر‭ ‬وروسيا‭!‬

جلال عارف
جلال عارف

خرجت‭ ‬القمة‭ ‬الإفريقية‭ - ‬الروسية‭ ‬الأخيرة‭ ‬بعدة‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬للطرفين،‭ ‬وبإعادة‭ ‬طرح‭ ‬المبادرة‭ ‬الإفريقية‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬فى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ووضعها‭ ‬على‭ ‬الطاولة‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬وببروز‭ ‬الدور‭ ‬الإفريقى‭ ‬كقوة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التوسط‭ ‬فى‭ ‬نزاع‭ ‬عالمى‭ ‬مشتعل‭ ‬رغم‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬التى‭ ‬تعانى‭ ‬منها‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭.‬


مصالح‭ ‬الطرفين  ‬‮«‬الإفريقى‭ ‬والروسى‮» ‬‭ ‬جعلت‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬ممكنا‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ومحاولات‭ ‬الاستقطاب‭ ‬الدولى‭ ..‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يستوجب‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقلال‭ ‬الموقف‭ ‬الإفريقى‭ ‬ورفض‭ ‬الضغوط‭ ‬الخارجية‭ ‬التى‭ ‬تريد‭ ‬تحويل‭ ‬إفريقيا‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬للتنازع‭ ‬على‭ ‬النفوذ‭ ‬وعلى‭ ‬الثروات‭ ‬الإفريقية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ .‬استقلال‭ ‬القرار‭ ‬الإفريقى‭ ‬هو‭ ‬الذى‭ ‬جعل‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬ممكنا‭ ‬وبحضور‭ ‬كبير‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تتخلف‭ ‬إلا‭ ‬خمس‭ ‬دول‭ ‬افريقية‭. ‬واستقلال‭ ‬القرار‭ ‬هو‭  ‬الذى ‬استوجب‭ ‬التحرك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصالح‭ ‬القارة‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تحتمل‭ ‬التأجيل‭ ‬وقد‭ ‬جاءت‭ ‬القرارات‭ ‬محققة‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المصالح‭.‬


على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬كانت‭ ‬روسيا‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬ميراث‭ ‬قديم‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬افريقيا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتى  السابق‭ ‬حين‭ ‬قدم‭ ‬المساعدات‭ ‬الكبيرة‭ ‬لحركات‭ ‬التحرر‭ ‬الأفريقية‭ ‬فى‭ ‬نضالها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحرير‭ ‬والاستقلال‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التنمية‭. ‬ورغم‭ ‬ظروف‭ ‬الحرب‭ ‬الحالية‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬روسيا‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬انعقاد‭ ‬الدورة‭ ‬الثانية‭ ‬لهذه‭ ‬القمة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انعقدت‭ ‬القمة‭ ‬الأولى‭ ‬برعاية‭ ‬روسيا‭ ‬ومصر‭ ‬قبل‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭. ‬وفى‭ ‬هذه‭ ‬الدورة‭ ‬أعلنت‭ ‬روسيا‭ ‬عن‭ ‬إسقاط‭ ‬ديون‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬بما‭ ‬يجاوز‭ ‬20‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬كما‭ ‬تعهدت‭ ‬بتقديم‭ ‬الحبوب‭ ‬مجانا‭ ‬لست‭ ‬دول‭ ‬إفريقية،‭ ‬وتوفير‭ ‬ما‭ ‬تستطيع‭ ‬لباقى‭ ‬دول‭ ‬القارة‭.‬


لكن‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬شراكة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التنمية،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬جهد‭ ‬حقيقى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‭ ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬الاستقطاب‭ ‬الدولي‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬مصر‭ ‬المؤثر‭ ‬فى‭ ‬القمة‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬دلالاته‭ ‬الكبيرة‭. ‬فالعلاقة‭ ‬بين‭ ‬القاهرة‭ ‬وموسكو‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬تقدم‭ ‬نموذجا‭ ‬فى‭ ‬الشراكة‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬السد‭ ‬العالى‭ ‬ومعركة‭ ‬التصنيع‭ ‬والانتصار‭ ‬فى‭ ‬أكتوبر‭ ‬المجيد‭ ‬بالسلاح‭ ‬السوفيتي،‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭ ‬حيث‭ ‬الشراكة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتعاون‭ ‬فى‭ ‬إنشاء‭ ‬المنطقة‭ ‬الصناعية‭ ‬وفى‭ ‬مشروع‭ ‬الضبعة‭. ‬ثم‭ ‬هذا‭ ‬التحرك‭ ‬مع‭ ‬افريقيا‭ ‬الذى‭ ‬بدأ‭ ‬بجهد‭ ‬مشترك‭ ‬من‭ ‬القاهرة‭ ‬وموسكو‭.‬


وتبقى‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه،‭ ‬وأن‭ ‬افريقيا‭ ‬ستكون‭ ‬قوة‭ ‬حقيقية‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬بقدر‭ ‬نجاحها‭ ‬فى‭ ‬توحيد‭ ‬صفها‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتخلف،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬التنمية‭ ‬والتقدم‭.. ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬استقطاب‭ ‬دولى‭ ‬يريدها‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬رهينة‭ ‬فى‭ ‬قبضة‭ ‬الديون‭ ‬وساحة‭ ‬لنفوذ‭ ‬الأقوياء‭.‬