خرجت القمة الإفريقية - الروسية الأخيرة بعدة نتائج إيجابية للطرفين، وبإعادة طرح المبادرة الإفريقية لإنهاء الحرب فى أوكرانيا ووضعها على الطاولة من جديد، وببروز الدور الإفريقى كقوة قادرة على التوسط فى نزاع عالمى مشتعل رغم الظروف الصعبة التى تعانى منها القارة السمراء.
مصالح الطرفين «الإفريقى والروسى» جعلت انعقاد القمة ممكنا فى ظل حرب أوكرانيا ومحاولات الاستقطاب الدولى ..وهو أمر يستوجب الحفاظ على استقلال الموقف الإفريقى ورفض الضغوط الخارجية التى تريد تحويل إفريقيا إلى ساحة للتنازع على النفوذ وعلى الثروات الإفريقية من جانب القوى الكبرى .استقلال القرار الإفريقى هو الذى جعل انعقاد القمة ممكنا وبحضور كبير حيث لم تتخلف إلا خمس دول افريقية. واستقلال القرار هو الذى استوجب التحرك من أجل مصالح القارة التى لا تحتمل التأجيل وقد جاءت القرارات محققة للكثير من هذه المصالح.
على الجانب الآخر، كانت روسيا تستفيد من ميراث قديم فى التعامل مع افريقيا من جانب الاتحاد السوفيتى السابق حين قدم المساعدات الكبيرة لحركات التحرر الأفريقية فى نضالها من أجل التحرير والاستقلال ثم من أجل التنمية. ورغم ظروف الحرب الحالية فقد كانت روسيا حريصة على انعقاد الدورة الثانية لهذه القمة بعد أن انعقدت القمة الأولى برعاية روسيا ومصر قبل أربع سنوات. وفى هذه الدورة أعلنت روسيا عن إسقاط ديون على الدول الأفريقية بما يجاوز 20 مليار دولار، كما تعهدت بتقديم الحبوب مجانا لست دول إفريقية، وتوفير ما تستطيع لباقى دول القارة.
لكن الأهم هو أن تكون هناك شراكة من أجل التنمية، وأن يكون هناك جهد حقيقى من أجل السلام وبعيدا عن الاستقطاب الدولي. ولا شك أن وجود مصر المؤثر فى القمة كانت له دلالاته الكبيرة. فالعلاقة بين القاهرة وموسكو كانت على الدوام تقدم نموذجا فى الشراكة والاحترام المتبادل من أيام السد العالى ومعركة التصنيع والانتصار فى أكتوبر المجيد بالسلاح السوفيتي، وحتى اليوم حيث الشراكة الاقتصادية والتعاون فى إنشاء المنطقة الصناعية وفى مشروع الضبعة. ثم هذا التحرك مع افريقيا الذى بدأ بجهد مشترك من القاهرة وموسكو.
وتبقى حقيقة أن العالم متعدد الأقطاب يفرض نفسه، وأن افريقيا ستكون قوة حقيقية فى هذا العالم بقدر نجاحها فى توحيد صفها ضد الإرهاب والتخلف، ومن أجل التنمية والتقدم.. بعيدا عن استقطاب دولى يريدها أن تبقى رهينة فى قبضة الديون وساحة لنفوذ الأقوياء.