محمود الوردانى يكتب :عالم صدام حسين ( 1 – 2 )

محمود الوردانى
محمود الوردانى

يحدث لى مثلما يحدث  للكثيرين أن أعيد قراءة بعض الكتب، وخصوصا الأعمال الأدبية، دون خطة محددة، ودائما ما يفاجئنى أن هناك ما فات عليّ فى القراءة الأولى. وكنتُ قد قرأت رواية عالم صدام حسين لكاتب يُدعى مهدى حيدر وأصدرتها دار الجمل عام 2003 بعد الغزو والاحتلال الأمريكى للعراق.


بهرتنى الرواية، وما زلت أحمل لها التقدير والإعجاب- بلا حدود- بسبب موقفها من صدام حسين والعالم المترامى المرتبط به، والاتساع الجغرافي، والشخصيات المخيفة والتاريخ الدموى للمنطقة بكاملها.


ولكن استوقفنى أمران الأول هو شخصية الكاتب، والثانى هو الوظيفة الأساسية التى أخلص لها صدام حسين وظل يؤديها بكفاءة مطلقة ورفضه أن يتولى غيرها، وهى اضطلاعه ببناء جهاز الأمن الخاص بحزب البعث، واستمراره فى تحمل هذه المسئولية إلى ما بعد توليه رئاسة الحزب والدولة معا.


سأكتب هنا عن الأمر الأول وهو شخصية الكاتب مهدى حيدر.
فى القراءة الأولى- أى قبل ما يزيد على عقدين من السنين، اكتفيتُ بما تردد وما كُتب عنه من أن الاسم ليس حقيقيا، وأن صاحبه معارض للنظام ومنفى لهذا السبب ويعيش فى الخارج، كما أنه يوضّح فى آخر سطور الرواية أنها مكتوبة بين نيبال 1992 و ليما بيرو 2002.


عدت لويكيبديا ونبشتُ قليلا، ووجدت إشارة إلى أنه ربما كان أحد كُتَاب أربعة يقيمون فى المنفى هم:  فؤاد التكرلى أو حيدر حيدر أو فاضل العزاوى أو عبد الرحمن منيف. وباستثناء فاضل العزاوى الذى لم أقرأ له، فإننى أقطع بأن الكتاب الثلاثة الآخرين لم يكتبوها حسب معرفتى بما كتبوه من أعمال روائية، فضلا عن أن منيف تحديدا كاتب سعودى اختار أن يعيش فى العراق وكان حريصا على أن ينأى بنفسه عن المعترك المخيف فى العراق وترأس تحرير مجلة النفط والتنمية.


وفى نقاش بينى وبين الكاتب العراقى سمير طاهر، أعرب لى عن شكه فى حكاية الأسم المستعار للكاتب. فبعد النجاح المذهل للرواية وإعادة طباعتها عدة مرات، كان الأقرب للمنطق أن يعلن عن نفسه وإسمه الحقيقي، فصدام وحزبه وأجهزته سقطوا جميعا والعراق بكامله تم احتلاله.


وحسب إشارات مختلفة من خلال قراءة الرواية، يمكن بسهولة اكتشاف أخطاء قاتلة فى الجغرافيا خلال الفترة التى أقام فيها صدام فى القاهرة، ولكن ما لايمكن التغاضى عنه هو أخطاء الجغرافيا فى العراق، وهو ما أكده لى سمير طاهر.


هناك ملاحظات أخرى يمكن إيرادها، من بينها مثلا كلمة الطعمية هى التى يستخدمها المصريون والعراقيون يستخدمون كلمة فلافل، وكذلك الملوخية وهى أكلة مصرية وليست عراقية، وكلمة جاط، وهى الإناء الذى توضع فيه الخُضرة، كلمة شامية ولا تستخدم تقريبا خارج الشام .


كذلك لاحظت أثناء تجولى قليلا على الشبكة أن الكاتبة العراقية عالية ممدوح تشير إلى احتمال أن يكون كاتب الرواية غير عربى وأنه كتبها بلغة غير العربية ثم جرى ترجمتها، مستندة فى هذا إلى أخطاء عديدة من بينها أسماء شخصيات عامة و معروفة.


وأخيراً فإن ما هو عصيّ على الفهم لماذا يصرّ كاتب الرواية، سواء كان عربيا أو عراقيا أو من بلاد تركب الأفيال لماذا يصرّ على التخفى، خصوصا أن روايته نجحت ، وصدرت منها طبعات عديدة، والأهم أن صدام حسين والبعث والنظام القديم بكامله انتهى تماما ولا خوف من الانتقام من الكاتب،على أى حال أستكمل الأسبوع القادم إذا امتد الأجل..