حبر على ورق

بيت الروبى

نوال مصطفى
نوال مصطفى

ذهبت لأشاهد فيلم بيت الروبى وداخلى توقعات بقضاء وقت ممتع مع نجوم أحبهم، وأثق فيما يقدمونه لنا على الشاشة الفضية. طبعا النجم كريم عبد العزيز كان هو السبب الرئيسى لحماسى فى اتخاذ قرارى بمشاهدة الفيلم. بالإضافة للنجم الصاعد الظريف، كريم محمود عبد العزيز الذى ورث من خفة دم والده الفنان القدير محمود عبد العزيز الكثير.

يتناول العمل قصة المهندس إبراهيم الروبى الذى تتعرض زوجته لأزمة ضخمة يلجأ بعدها للهروب من المدينة والابتعاد إلى مكان منعزل، ويعيش لسنوات ولكنه يعود مجددا بسبب ظروف طارئة تضطره إلى ذلك، الفيلم من إخراج بيتر ميمى وﺗﺄﻟﻴﻒ محمد الدباح وريم القماش. أما بطلات العمل فهن نور وتارا عماد.

لا أريد أن أحرق الفيلم، وأحكى الأحداث حتى لا أفسد على القراء الأعزاء متعة المشاهدة، فقط سوف أشير إلى فكرة الفيلم التى أعجبتنى جدا، لكن المعالجة السينمائية لم تكن فى مستوى الفكرة العالية للأسف، صراع الإنسان المعاصر الذى أصبح حتمية لا فرار منها بين الهدوء، وممارسة حياته بشكل طبيعى وإنسانى، يتفاعل فيه مع الأحداث التى تمر به بحلوها ومرها، يسعد ويحزن، يتأثر، يحب، يغضب، يتسامح، يغفر، يضحك، يبكى، يعيش كإنسان وبين الحياة العصرية التى تشده من أطراف عقله وقلبه وروحه، وتسحبه إلى عالم افتراضى، جذاب جدا، مفرداته كم المشاهدات، واللايكات، والتعليقات على بوستات الفيسبوك، والصور على انستجرام، والفيديوهات على تيك توك.

عالم أصبح يسلبنا حياتنا دون أن نعترض أو نتوقف عن التعاطى مع منتجاته التى تزداد يوما بعد يوم تعقيدا وجاذبية.

هذا هو موضوع الفيلم دون الدخول فى تفاصيل الأحداث، وهو موضوع مهم، وهادف، لكنى كنت أتوقع أن يصنع شريطا سينمائيا أفضل من ذلك. الأرقام تقول إن الفيلم حقق أعلى ثانى فيلم من حيث الإيرادات فى تاريخ السينما المصرية، وهذا معناه أن شعبية النجوم وخاصة كريم عبد العزيز كانت الأساس فى تحقيق تلك الإيرادات غير المسبوقة، لذلك كنت أتمنى أن تستغل هذه الشعبية الهائلة لكريم فى معالجة أعمق لقضية الساعة التى نتأثر بها جميعا بلا استثناء، ربما بنسب متفاوتة، لكن التأثير ضخم وخطير.

نحن أصبحنا نقيم حتى فى ترشيحات الحصول على وظيفة، أو لمنصب كبير حسب عدد المتابعين لصفحاتنا الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى! صارت علاقاتنا حتى العاطفية إلكترونية، تفتقد إلى الحياة والمشاعر!

ومهما حاولنا التخلى عن هذا العالم الافتراضى نجده يقتحم حياتنا، ويشدنا بلا هوادة ليأخذنا إلى طريق بلا نهاية. تحية لصناع الفيلم الذين أمتعونا، وتمنياتى بعودة السينما المصرية إلى قوتها وعنفوانها بإنتاج عشرات الأفلام كل عام منها فيلمان على الأقل من العيار الثقيل، كما كان يحدث فى التسعينات وبداية الألفية الثانية. طريق الألف ميل بدأ والأمل إن شاء الله أن يستمر، وتزدهر السينما المصرية لتعود أحد أهم دعائم قوة مصر الناعمة.
●●●
كلمات:

أيَقتُلكَ الغياب؟

أنا يَقتُلنى الحضُور الباهِتْ

الذى يَشبَهُ العَدم...

محمود درويش