أنـا وهـو

الحب فى زمن «الحقد»

سيد على
سيد على

سُئل أحد الصالحين، ما هو الحب؟ أجاب: الحب هو توجه القلب إلى المحبوب، توجه يربط نفعه بنفعك، ومضرتك بمضرته، وله مرحلتان: حب العقل، وهو ما يرجح العقل نفعه، كما يحب المريض الدواء المر، لا يحب الدواء المر بعاطفته، لأنه يكرهه، وإنما بعقله لأنه سبب العافية، وحب العاطفة، ليس له دليل عقلى، تحب ابنك وإن كان غبيًا، وتكره ابن عدوك وإن كان ذكيًا.

وفى العلاقات الزوجية، حب العاطفة وحده لا يساوى شيئا، المهم فى المقام الأول هو العقل، فالعاطفة متغيرة، عابرة، وأى زواج يبنى على حب العاطفة، لابد أن ينتهى، وكل ما نتمناه وقتها أن يتوقف الحب فقط، ولا يتحول إلى موجات من الغل، والحقد، والكراهية، والتشويه، وربما إلى القتل!،

خاصة مع النفوس الشريرة التى تنسى أو تتناسى، المودة، والرحمة، والأخلاق، ولا تتذكر سوى نفسها وما تمتلئ به من أنانية وبخل فى كل شيء، حتى المشاعر الطيبة لأقرب المحيطين بها، وتسيطر عليها كل السموم التى بثتها فى قلبها مشاعر الحقد والكراهية. أما حب العقل - فى العلاقات الزوجية - هو الأقوى، فالحب يتوقف ويتحول، وتتصدر الأخلاق الطيبة، ويصبح الإنسان أكثر استعدادا للتخلى عن أنانيته وفرديته فى العيش مع الآخر، وتستمر الحياة بعواطف أخرى، أكثر قوة وقدرة على التماسك، والمواجهة، والتغلب على الصعوبات والمشاكل التى تواجه الأزواج، عواطف تضفى البهجة، والسرور، والرضا، تمتلئ بها النفوس الخيرة، المعطاءة، وتفتقدها النفوس المريضة بالبخل والأنانية.

وما سبق، يفرض علينا تساؤلا، ما السر وراء إصرار البعض على عرض نماذج مشوهة للعلاقات الزوجية، وتقديمها للأجيال الصغيرة، وللمشاهدين - فى بيوتهم - حتى تبدو للجميع وكأنها هى الحياة المعتادة والمنطقية، ونمط طبيعى للعلاقة بين الزوجين!

كتلك الزوجة التى ضجت وسائل التواصل، ووسائل الإعلام بمشكلتها مع زوجها، أحد المشاهير، وتهديدها له، تارة، بالتلويح والتلميح بفضحه، ونشر أسراره الخاصة، وتارة أخرى، بدموعها ومحاولات اقتناص التعاطف، وبين هذا وذاك يتوه المشاهد، ويتعجب!

وبمرور الوقت سادت النماذج والقصص المريضة، وفرضت سيطرتها على الجميع، وأصبحنا نتندر على الحياة الزوجية الهادئة التى تسودها المودة والرحمة والأخلاق.