كشف حساب

بهدلة السجائر !

عاطف زيدان
عاطف زيدان

لو عاد بى الزمان ، مااقترفت هذه الخطيئة أبدا . عرفت التدخين فى بداية المرحلة الجامعية . عندما التحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة ، الوحيدة فى مصر والعالم العربى آنذاك . ذقت مرارة الاغتراب ، بعيدا عن بلدتى الصغيرة ، واهلى واحبتى والحقول الخضراء التى كانت مسرحا لطفولتى وصباى . اصادق من اشجارها ، التوت والرمان وحتى الجميز . واتلفع على شاطئ الترعة بأغصان الصفصاف الناعمة . عانيت قسوة الغربة فى المدينة الجامعية . وبينما أعانى الوحدة طرق باب غرفتى أحد زملائى ، وهو من مشاهير الفضائيات حاليا . جلس على المقعد بعد أن أشعل سيجارة ، بينما اضطجع انا على فراشي.

تبادلنا أطراف الحديث ، حول الكلية وافاق المستقبل . وظل زميلى ينفث سجائره ، الواحدة تلو الأخرى، وهو ينسج أحلامه وطموحاته فى عالم الصحافة والإعلام . أحسست برغبة فى تجربة تدخين سيجارة . ويبدو أنه استشعر ذلك . فأعطانى سيجارة . من هنا بدأت رحلتى مع التدخين . سيجارة أولى ثم ثانية وهكذا ، لانتقل الى مرحلة الشراء والاعتياد . الغريب ان زميلى القديم توقف عن التدخين منذ سنوات طويلة ، بينما انا أعانى بشدة فى ظلماته .وتزداد المعاناة فى سفرياتى الخارجية ، حيث يضطر المدخن إلى الجلوس منبوذا ، فى المطارات ، بغرفة اشبه بعشة فراخ ! اما فى العمرة أو الحج ، فالمعاناة ذات أشكال وأنواع.

فالسجائر يمنع بيعها فى المناطق المقدسة ، ناهيك عن نظرات الاستنكار لكل من يمسك سيجارة وهو يرتدى ملابس الإحرام ! «كل هذا كوم ، وما حدث لى الخميس الماضى كوم اخر « . فقد توقفت أمام كل اكشاك السجائر ، وانا فى طريقى إلى مقر الجريدة ، لشراء علبة واحدة ، وكان الرد : مفيش اى نوع من السجائر ! وصلت مقر الجريدة بدون سجائر .

وتساءلت بينى وبين نفسى ، كم سيكون اليوم عصيبا ؟! انقذنى صديقى الاستاذ فرج ابو العز مدير التحرير بواحدة من علبته ، ثم زادنى صديقى الاستاذ عبد الله زيد سكرتير التحرير بأخرى، حتى نجح أحد العمال فى العثور لى على علبة كاملة من أحد اكشاك بولاق بضعف الثمن . لعن الله التدخين وتجاره ، أسألك ياالله ان تعافينى وغيرى من هذا الداء اللعين . وألا تبارك لكل تاجر محتكر جشع لأى سلعة ، وتجعل ياالله مايجمعونه من أموال احتكار وتخزين السلع ، وبالا وضياعا لهم فى الدنيا والآخرة.