إنها مصر

احترام النساء

كرم جبر
كرم جبر

ليست كل نساء مصر مترفات يضعن زينتهن ويتعطرن ويجلسن فى المنازل لانتظار الأزواج وتلبية رغباتهم فيخرج علينا أحد المتشددين قائلا: "ليس من حق المرأة أن تخرج من بيتها، فقد يكون زوجها فى حاجة لها"، فمثل هذه الفتوى تثير الضحك والبكاء، لأنها تتعامل مع الغرائز وتهين احترام الزوج ووقار الزوجة، وعلى شاكلة هذه الفتاوى أمور أخرى تحظر على الرجل - مثلا - أن يجلس على مقعد كانت تجلس عليه امرأة غريبة، ورغم التقدم الكبير الذى تحققه المرأة فى كل المجالات، إلا أن بعض الأفواه الصفراء تحاول العودة إلى التخلف والرجعية.

آن الأوان أن يتم التخلص من بقايا الفتاوى التى تهين المرأة فقد أعزها الإسلام وكرمها ورفع شأنها، وانظروا إلى عقلها وليس جسدها، ولا تسلطوا ألسنتكم على ما يحط شأنها ويسفّه دورها، فهى الأم والزوجة والأخت والابنة، وتتحمل فوق طاقتها فى صبر وصمت، فلا تكونوا عليها لتزيدوا آلامها وأوجاعها، وتحتاج إلى من يمد لها يد العون والمساعدة، لتؤدى دورها الطبيعى فى المجتمع، بدلاً من حصارها بترسانة من الفتاوى المُسيئة التى تُنسب للإسلام، والإسلام بريء منها.

كثيرات من نساء مصر يُطلق عليهن "المرأة المعيلة" التى مات زوجها أو أعجزه المرض والبطالة عن العمل، ويتحملن عبء العمل والإنفاق على البيت والأولاد والزوج المقعد.. ويجب أن تكون هذه المرأة هى الأولى بالرعاية والعطف، وحض الناس لإيجاد فرص عمل شريفة لهن، وأن تساعدوهن على تحمل متاعب الحياة الكريمة، لإنقاذ أسرهن من الفقر والجوع والمرض والتشرد والانحراف، وإن فعلتم ذلك سيكون ثوابكم عند الله سبحانه وتعالى كبيراً، وسينظر إليكم الناس بقدر من الوقار والاحترام، وتكونوا قدوة حسنة وصورة طيبة للإسلام والمسلمين.

كونوا مع المرأة ولا تكونوا عليها، دافعوا عن حقوقها ولا تنتقصوا منها، اهتموا بعقلها وعلمها وعملها، فالحياة تعب ومشقة وشمس حارقة، والنساء يقمن بأعمال منزلية شاقة منذ الصباح حتى المساء، وتذهب المرأة لعملها لتساعد زوجها فى تحمل نفقات المعيشة وغلاء الأسعار الرهيب. المرأة ليست مجرد دمية، إنهن شركاء الحياة وصنّاع الرجال وسر الوجود، فارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء.

مصر فيها ملايين الصور المشرقة لنساء فى الجامعات والمراكز البحثية والوظائف المرموقة وسيدات أعمال وعاملات فى المصانع والمزارع، ويحتاج هذا النوع من النساء إلى دعمكم ومساندتكم، وأن تقولوا لهن صحيح الدين فى الحياة والعمل وتنشئة الأطفال ورعاية البيت والزوج، لنعلى شأن الفتاوى التى تحض على الفضيلة وتعلو بشأن القيم والمثل العليا والأخلاق، وتقدم الوجه المضيء للإسلام الذى يقول رسوله الكريم "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وليس من أخلاق المسلم أن يكون نماماً وثرثاراً، أو أن يُسّخر دينه الحنيف للحط من شأن المرأة التى يكرمها الإسلام ويهينها المتشددون.