«أحمر شفاه» قصة قصيرة للكاتب الدكتور صلاح البسيوني

صلاح-البسيوني
صلاح-البسيوني

 حين يكون لقائهما .. تتوقف نواميس الطبيعة .. تضيع بينهما الجاذبية الأرضية .. تتلاشى المسافات والأبعاد .. ويتوقف الزمن.

 

تحملهم أحلامهم إلى قصر جميل محاط بحدائق الأماني حيث يتنسمون عبير الحب .. عبر لحظات عناق طويل.

 

يتوقف فجأة .. يتذوق طعم شفتيه بعد أن أفرجت عنهم .. يسألها في عتاب خفيف : أنت غيرت نوع أحمر الشفاه؟.. تجيب في تعجب ودلال : ده نفس الدرجة .. أزاى عرفت ؟ .. يجيبها وقد علت وجهه ابتسامة خفيفة تطلق عليها في لحظات المداعبة بينهما ابتسامة خبيثة .. أصل الطعم أتغير ‍.. تضحك بصوت عال وقد فاجأها الرد .. يستكمل أصل النوع الجديد طعمة مش مريح .. تعلو ضحكاتها .. يضيف .. هو أنت فاكره أن القبلات ملهاش آثار جانبيه .. تتساءل : آثار جانبيه ؟ .. يستكمل .. طبعاً كل مرة ألتهم شفتاكي ألتهم معها أحمر الشفاه الموجود بها .. شوفي بقى أنا أكلت كام صباع أحمر شفاه .. تنهى الحوار بسلسلة متصاعدة من الضحكات الرنانة .

 

 

كان حريصا على شراء أصابع أحمر الشفاه بنفسه قبل أن تستنفذ ما عندها .. من نوع خاص .. ومن محل خاص بوسط المدينة .. وكان حبهم يكبر وأحلامهم تكبر معهم .. ودنياهم الجديدة تستقبلهم كل يوم بحلم تحقق يعقبة حلم جديد .. ويظل الثابت دائما في عالم الواقع هو قبلتهم التي يبدأ بها لقائهم وتبدأ بها رحلة الأحلام .. كما ينتهي بها اللقاء والعودة إلى عالم الواقع مرة أخرى .. وهو في كل مرة يلتهم شفتاها ويلتهم من عليها أحمر الشفاه .

 

 

وفجأة تسافر حبيبته دون وداع .. تسحبها أمواج حنين خادعة إلى ماضىً ظالم وقاسى .. حيث تركته خلفها وأتت إلى عالمه فأستقبلها .. وداوى جراحها .. وشد من أذرها .. وساندها ووقف بجانبها يحيطها بسواعده أحياناً ويحميها بصدره أحياناً أخرى .. سافرت وكأنها اشتاقت إلى عذابها بعد أن حملها بعيداً عنه إلى دنياه .. وكأنها يئست من الأحلام التى لم تكتمل بعد .. أو كأنها يأست من تحققها .

 

 

أخذ يصرخ وهو في ركنهم الذي شهد لحظات لقاءهم وسجلها على جدران حائط عشهم .. يصرخ وتتردد صرخاته في أرجاء المكان باكية عليه .. يصرخ ليه يا زهرة السوسن .. يتنقل في هستيريا من مكان إلى آخر ومن غرفة إلى أخرى باحثاً عنها في كل ركن إلى أن يصل إلى غرفة النوم فيجرى إلى التسريحة القريبة من باب الغرفة .. يبعثر محتويات أدراجها .. يمسك صورتها .. يحتضنها .. يقبلها .. يلتقط أصبع أحمر شفاه من بين أشياءها ويبدأ في التهامه.