مشروعات في قطاعات السياحة والتعليم العالي والصحة

وجه الحياة يتغير في «البحر الأحمر»| «القصير».. رحلة حب إيطالية لتراب مصر

المقابر الإيطالية بمدينة «القصير»
المقابر الإيطالية بمدينة «القصير»

شهدت محافظة البحر الأحمر مؤخراً اهتماماً ملموساً من القيادة السياسية باعتبارها من أهم المقاصد السياحية على مستوى العالم ويؤكد محافظ الإقليم اللواء عمرو حنفى أنه دائم التنسيق مع مجلس الوزراء لتنفيذ مشروعات فى المحافظة فى كافة القطاعات ،حيث تم تطوير الممشى السياحى بالغردقة العاصمة بطول ٦ كيلومترات وإنشاء شاطئ عام جديد بتذكرة دخول لاتتخطى الـ ١٠ جنيهات للفرد بالإضافة إلى انطلاق الدراسة بجامعة الغردقة الجديدة العام الدراسى القادم  2024/2023
وتطوير العمل والخدمات فى القطاع الصحى وتوقيع اتفاقيات تعاون طبى مع كبرى المستشفيات فى القاهرة لإجراء الجراحات الكبيرة داخل مستشفيات المحافظة.‬

تحتوى مدينة القصير، الواقعة فى وسط المحافظة على أحد أقدم التجمعات السكانية فى المنطقة، يمتد تاريخ المدينة إلى العصور القديمة، حيث ترك الفراعنة آثارهم وبعدهم الرومان، ومن ثم الأقباط، وعلاوة على ذلك، كانت المدينة محطة لقوافل الحجاج الذين كانوا يسافرون عبر مينائها التاريخى إلى بلاد الحجاز، ومن أهم المعالم التاريخية فى المدينة، كانت الشركة الإيطالية التى بدأت استخراج الفوسفات منها فى عام 1916، والتى أحدثت طفرة كبيرة فى عملية الاستخراج.
عندما وصل الإيطاليون إلى مدينة القصير، جاءوا برفقة حلاقين وخبازين وأطباء ومعلمين، بهدف إنشاء مجتمع متكامل، قاموا ببناء منطقة المستعمرة وعملوا حتى تم تأميم الشركة وبقوا فى المدينة لأكثر من 50 عامًا.

خلال هذه الفترة، قدم الإيطاليون إسهامات مهمة فى المدينة وتركوا آثارهم البارزة، بما فى ذلك المبانى الضخمة والهياكل والبنية التحتية، بالإضافة إلى آثار أول تلفريك ومقابر الإيطاليين.

وفقًا لمحمد عبده حمدان أحد أبناء مدينة القصير ورئيسها السابق والمهتم بتراث مدينة القصير، يقول إنه لا يوجد منزل فى المدينة لا يحمل آثار الاحتلال الإيطالي، وتوجد العديد من العائلات التى عملت فى شركة الفوسفات القديمة التى أسسها الإيطاليون فى بداية القرن التاسع عشر، مع مرور الوقت وتأميم الشركة، ترك الإيطاليون الكثير من المبانى والمدارس والكنائس ومساكن العمال والبنية التحتية الأخرى للمدينة، وتعود أصول مقابر الإيطاليين إلى المقابر القبطية القديمة، والتى تحتوى على لوحة رخامية ضخمة تحمل أسماء الإيطاليين الذين دفنوا فى القصير، بالإضافة إلى تواريخ وفياتهم وتواريخ ميلادهم.

وفقًا لما قاله حمدان يوجد تصميم مميز لمقابر الإيطاليين فى القصير، حيث تتألف القبور من ألواح رأسية وأفقية، وتأخذ الألواح العلوية شكلًا مدببًا، تم اعتماد تصميم التخشيبة فى القبور، بناءً على اعتبارها أقل تكلفة من التوابيت التقليدية، تظل اللوحة الرخامية، التى تم وضعها منذ ما يقرب من مائة عام، متواجدة حتى اليوم، وتحمل أسماء الأفراد الذين دفنوا فى تلك المقابر من الإيطاليين، بالإضافة إلى تواريخ وفياتهم وتواريخ ميلادهم.

وأشار حمدان إلى أن هناك عائلتين إيطاليتين حرصتا على نقل جثامين أقاربئهما، وتم ترك الصناديق الفارغة بالقرب من المقابر لفترة قصيرة حتى تم نقلها عن طريق طائرة خاصة، وأثناء زيارة الملك فؤاد الأول للقصير لافتتاح منجم جبل ضوي فى 28 ديسمبر 1926، أمر ببناء سور حول المقابر، وأثناء توسعة الطريق العام، تم تقليص مساحة المقابر للسماح بالتوسعة.

◄ اقرأ أيضًا | وجه الحياة يتغير في «البحر الأحمر»| الحلم يتحقق.. انطلاق الدراسة بجامعة الغردقة العام المقبل

من الجدير بالذكر أن بنك روما الوطنى قد تأسس فى عام 1910 بواسطة الإيطاليين، وكانت شركة مصرية لإنتاج الفوسفات، حيث عمل معظم سكان مدينة القصير وسكان المحافظات الأخرى في الصعيد بها، وتأثروا واندمجوا مع عمال الفوسفات القادمين من مدينة أجورني الإيطالية، الذين أحبوا مدينة القصير واختاروها لتكون مكان دفنهم بعد وفاتهم.. استغرق الإيطاليون عامين فى إنشاء المنشآت وثلاثة أعوام فى الإنتاج، وفى عام 1916، أبحرت أول سفينة من القصير لتصدير الفوسفات إلى الهند، وكانت تُعرف باسم «كافيا»، اندمج الإيطاليون مع سكان مدينة القصير، وقاموا ببناء مدرسة، وهى مدرسة الراهبات الإيطالية، وبعد فترة قصيرة، طلب أحد الشخصيات البارزة فى المدينة من مدرس المدرسة أن ينضم أطفال القصير إلى المدرسة، وتم إنشاء صف دراسى باللغة العربية لأطفال القصير، وآخر باللغة الإيطالية لأطفال الإيطاليين.