في «شبرا بلولة»| تحت الياسمين.. مغارة علي بابا

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتب: هانئ مباشر

«تحت الياسمينة فى الليل‏، نسمة والورد محاذيني، الأغصان عليَّ تميل‏،‏ فاحت من ريحة الأزهار، فكرتك شعلت النار‏..‏ عملت لهليبة فى قليبي»!.. واحدة من أجمل أغاني الفنان محمد منير، التى تمايلت معها القلوب، وربما استمع إليها العشاق إما تحت ظلال شجر الياسمين، أو أرسلت لهم محملة بزهرة ياسمين.. وفي مكان ما من أرض مصر هناك «وطن للياسمين».

◄ مليارات «العجينة» التى تباع بالملاليم

◄ خطة للتوسع فى المساحات المنزرعة من النباتات الطبية والعطرية

◄ مصر الأولى عالميًا فى تصدير زيوت الياسمين النقية 100 %

◄ تقلبات السياسات التصديرية أبرز تحدٍ يواجه هذه الصناعة ويعوق الصادرات

◄ النباتات الطبية والعطرية تمثل أملا حقيقيا لدعم الاقتصاد

◄ نقيب الفلاحين: ضرورة إنشاء مصانع للمواد الخام بدلا من استيرادها

عشرات الآلاف من الأفدنة المزروعة بالياسمين، وتحديدا فى قرية «شبرا بلولة» التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية، وهى ليست فقط «موطن الياسمين» بمصر، بل هى القرية الأولى فى العالم فى زراعة الياسمين والمصدر الأول لعجين تلك الزهرة أكثر من نصف إنتاج العالم والمكون الأساسى لصناعة أفخم العطور، فضلا عن مستحضرات التجميل ومكسبات الطعم.

◄الحلو ميكملش
لكن وكما يقول المثل الشعبي «الحلو ما يكملش»، فنحن نصدّر «عجينة الياسمين» فقط ولا نصنّعها، رغم أن مكاسب التصنيع خاصة فى مجال صناعة العطور تفوق مكاسب التصدير مئات المرات وتقدر بالمليارات. فلماذا نصدّر ولا نصنع؟!

بحسب الاتحاد الدولى للزيوت والعطور بلغ إنتاج مصر من «عجينة الياسمين» 6أطنان، والذى يعد عنصرًا أساسيا فى إنتاج العطور العالمية خاصة الفرنسية، حيث تنتج القرية أكثر من نصف الإنتاج العالمى من عجينة الياسمين، ويعمل فى القرية وما جاورها قرابة 60 ألف شخص فى هذه العملية.

إنتاج القرية يوميا من «زهر الياسمين» يصل إلى 10 أطنان، ويتم توريدها بعد جمعها إلى ما يعرف بالمجمع الذى يشترى الطن بنحو 15 ألف جنيه ليستخلص منه ما يتراوح بين 2 و3 كيلوجرامات من عجينة الياسمين، ويتم تصدير الكيلو منها مقابل 15 ألف دولار لتستخدم فى صناعة أغلى أنواع العطور التى قد تباع القنينة الواحدة منها والتى لا تتجاوز المئة مليمتر بنفس السعر الذى صدر به الكيلو من «العجينة» إن لم يكن أغلى.

◄ مقدمة الصادرات
ووفق أحدث الإحصاءات، فإن صادرات الزهور ونباتات الزينة والنباتات الطبية والعطرية المصرية تحتل المرتبة الخامسة ضمن قائمة صادرات مصر لعام 2021، وأصبحت بعض الأصناف هى الأغلى عالميا والأكثر طلبا فى العديد من الدول، ومن بينها الياسمين والبردقوش والكاموميل والكمون، والتى تلقى قبولا بمختلف الأسواق الدولية حيث تقوم مصر بالتصدير بالفعل لعدد من الدول من بينها أمريكا وألمانيا وفرنسا.

وبلغ إجمالى تلك الصادرات النباتات الطبية طبقا لإحصائيات عام 2021 حوالى 144 ألف طن بعائد 188 مليون دولار، بينما فى عام 2020 كان إجمالى صادراتها حوالى 79 ألف طن بعائد 138 مليون دولار، وفى عام 2019 بلغ إجمالى الصادرات 42 ألف طن بعائد 68 مليون دولار، بينما فى عام 2018 بلغ إجمالى الصادرات 34 ألف طن بعائد 64 مليون دولار.

◄ مناطق الزراعة
الدكتور أحمد دويدار، باحث أول بقسم بحوث النباتات الطبية والعطرية بمعهد بحوث البساتين والمشرف على مزرعة النباتات الطبية والعطرية بالقناطر الخيرية يقول: إن مساحة الأراضى التى تتم زراعتها فى الوادي والدلتا بالنباتات الطبية والعطرية تختلف من عام لآخر، فوفقا لإحصائيات عام 2022 تم زراعة حوالى 99 ألف فدان من إجمالى الصيفى والشتوي في الأراضي القديمة والأراضى الجديدة، بالإضافة للمناطق التى تنمو فيها الأعشاب الطبية بشكل برى فى المناطق الصحراوية عقب مواسم سقوط الأمطار‏، والتى لا يمكن حصر مساحتها‏.

وتحتل محافظات مصر الوسطى (المنيا والفيوم وبني سويف والجيزة) المركز الأول فى زراعة النباتات الطبية والعطرية بحوالى 55.3% من إجمالى المساحة الكلية، تليها فى المركز الثانى محافظات مصر العليا (أسيوط وأسوان والأقصر وقنا) وتمثل حوالى 27.2% من إجمالي المساحة الكلية، ثم محافظات وجه بحرى فى المركز الثالث (الغربية وكفر الشيخ والبحيرة والإسماعيلية) وتمثل حوالى 10.8% من إجمالى المساحة الكلية فى حين تحتل محافظات أخرى خارج الوادى المركز الأخير (الوادى الجديد والبحر الأحمر وشمال سيناء والنوبارية) وتمثل حوالى 5.7% من إجمالى المساحة الكلية من مساحة النباتات الطبية والعطرية ونباتات الزينة والزهور.

وكما هو مخطط فى «استراتيجية التنمية الزراعية» فإن المستهدف هو التوسع فى المساحات المنزرعة من النباتات الطبية والعطرية بمصر لتصبح 250 ألف فدان بحلول عام 2030.

ومن أهم المحاصيل الطبية والعطرية المزورعة من حيث المساحة والتى تدخل فى صناعة مستحضرات التجميل هناك «الريحان والبردقوش والورد البلدى والمورينجا والنعناع الفلفلى والحناء والهوهوبا والياسمين والزعتر والنارنج وحشيشة الليمون والبنفسج والعتر والعرقسوس والمليسا والمريمية والنعناع البلدى وشيح البابونج والكراوية والشمر والكلانديولا وحبة البركة والروزمارى.

◄ صناعة العطور
فيما تقول الدكتورة وفاء حامد، أستاذ النباتات العطرية بمركز بحوث الصحراء: ما لا يعرفه الكثيرون أن صناعة العطور تأتى فى المركز الرابع بقائمة المبيعات العالمية بعد الأسلحة والسيارات والبترول بمبيعات تبلغ 80 مليار دولار، وهذا ما يجعلنا نرى الدولة وهى تبذل جهودا حثيثة من أجل النهوض بهذه الصناعة بل ودعم كافة المشروعات التى تقوم باستخلاص الزيوت العطرية من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ما يسهم بشكل كبير فى توفير فرص عمالة للشباب وتصدير هذه الزيوت، حيث تحتل الصادرات المصرية من النباتات العطرية والطبية المركز ال11 على قائمة الدول.

وينتظر زيادة مساحة الأراضى المزروعة بتلك النباتات لتصل لأكثر من 500 ألف فدان وذلك عام 2030 حسب الاستراتيجية الزراعية المصرية، لأن المناخ يساهم فى إنتاج محصول جيد - كما ونوعا ذي نسبة مرتفعة من الزيوت الطيارة وبأقل استهلاك للمياه، كما أن موقع مصر متوسط يقلل تكاليف النقل والشحن عند التصدير، ولذلك يتوقع حدوث صحوة كبيرة بهذا المجال خلال السنوات القادمة، لأنها الأعلى جودة، ويوجد بمصر أكثر من 30 نوعاً يُزرع بصورة اقتصادية، ويبلغ حجم الصادرات 95% من إجمالى الناتج السنوى، وتستحوذ دول الاتحاد الأوروبى على نحو 40% من الصادرات، وتعد ألمانيا أكبر مستورد فى أوروبا بنسبة 21.4%، فيما يذهب نحو 29% من الصادرات إلى أمريكا، وقد قفزت صادرات مصر إلى أفريقيا من نحو 17 مليون دولار عام 2011، إلى 130 مليون دولار فى 2019، وقد تزايدت صادرات المواد العطرية المصرية ل5 دول، من بينها الجزائر استوردت فى 2011 عطوراً بقيمة 1.67 مليون دولار فقط، زادت إلى 61.96 مليون دولار فى 2019، أى ثلث الصادرات المصرية لأفريقيا لتسحب البساط من «باريس» عاصمة العطور!

وهناك قرى فى مصر تتميز بزراعة هذه النباتات العطرية بل وتصنيعها مثل قرية «طنسا الملق» ببنى سويف التى تقوم بزراعة نباتات الجيرانيوم «العتر البلدى» واستخلاص الزيت منه مصدر رزق أهلها، ويوجد بها 25 مصنعاً لاستخلاص الزيوت العطرية، ويصدر نحو 4% من زيته، حيث يباع كيلو الزيت من العتر للشركات المصدرة بقيمة 1100- 1200 جنيه، وسعره عالمياً 100 دولار.

وتشتهر قرى شبرا بلولة والقرشية وسامول بمحافظة الغربية، بزراعة «الياسمين واللارنج»، وإنتاج 50% من عجينة الياسمين المستخدمة فى أرقى العطور، ويبلغ سعر كيلو زهور الياسمين من 30 - 40 جنيهاً ويتم تصديرها إلى دول أوروبا!

وكانت مصر حتى سبعينيات القرن الماضى تحتل مصر المركز الرابع عالميا فى مجموع صادرات الزيوت العطرية والطبية، وتسبقها الهند، والصين، وتركيا، ورغم ذلك فإن العقود الأخيرة شهدت تراجعاً كبيراً لمركز مصر فى هذا القطاع لافتقاره التقنيات الحديثة، ونقص معلومات السوق التى تعيد مكانته فى الصدارة، ويمكن البدء فى المرحلة الأولى بالمجموعات المستخلصة من الأعشاب تبعا لاحتياجات السوق الدولية.

◄ صناعة استثمارية مربحة
وتعتبر العطور من الصناعات الاستثمارية المربحة، ومصر الأولى فى تصدير زيوت الياسمين النقية 100% وهى أثمن أنواع العطور لارتفاع تكاليف الإنتاج، حيث إن طن الزهر يصل ل10 آلاف جنيه، والطن ينتج ما يتراوح بين 2 و3 كيلوجرامات من العجينة، وكيلو العجينة يتم تصديره ب15 ألف دولار، وتعتبر فرنسا أحد مراكز صناعة العطور الفاخرة عالميا أهم مستورد، ثم يليها أمريكا وسويسرا واليابان، كما يتم تصدير عجينة أزهار نبات «الفُتنة» إلى فرنسا فقط، وزيت «العتر» إلى فرنسا وإنجلترا وسويسرا.

وللأسف فإن نظام التسويق فى النباتات العطرية بمصر يعانى عدة مشاكل، حيث يبتعد المصدرون وتجار الجملة عن التعامل مع صغار المزارعين، وتباع عادة الحاصلات بعد الحصاد فى كميات صغيرة للتجار المحليين، لأن معظمهم صغار مزارعين يقترضون منهم ولذلك ملتزمون بالبيع لهم، ورغم أن هذا النظام يقلل التكلفة والمخاطرة لدى المزارع فإنه يقلل من الأرباح المحتملة، كما تواجه تلك الصناعة تحديات عديدة ومنها عدم استقرار السياسات التصديرية، نتيجة التقلبات ما بين المنع والإيقاف المؤقت، وعدم وجود قاعدة بيانات عن الشركات التى تنتج آلات التجهيز ومعاملات البذور، فضلاً عن العشوائية وتقلبات تكاليف الشحن البحرى التى تحتاج سياسة ثابتة للأسعار التى قد تزيد 1000 دولار فجأة، إلى جانب تدهور نسبة الزيت فى الأصناف المحلية، وغلاء أسعار المستوردة ذات نسبة الزيت المرتفعة والمواصفات القياسية المطلوبة للتصدير، ونتيجة قلة المياه يضطر المزارع للرى بالمياه المختلطة الناتجة عن عملية التقطير مع مياه الصرف الصحى، وعدم وجود رقابة على المبيدات، ما يؤدى إلى تلوث المنتج ورفضه فى الأسواق العالمية، وارتفاع أسعار التحاليل فى المعمل المركزى للمبيدات، ما يزيد التكلفة ويقلل الربح، وعدم توافر بيانات عن السر النهائى لتركيب العطور الذى يحتفظ به الفرنسيون.

ومن هنا يجب وضع حزمة من القرارات والحوافز والامتيازات من قبل الدولة مثل تقديم الدعم المادى وتشجيع الباحثين على التوصل لطرق وأسرار صناعة العطور‏، وزيادة القيمة المضافة منها بتحويلها من التصدير كمواد خام إلى عطور وكريمات وشامبوهات ومساحيق تجميل مصنعة فى مصر، وتخصيص مناطق لإنتاج وتجهيز النباتات لرفع حصة مصر من 3.4% إلى 10% بالصادرات العالمية، وبذلك ستحتل مصر المرتبة الثانية فى تصدير هذه المنتجات، وإقامة مناطق مثل مشروع المنطقة الصناعية المتخصصة، التى أعلن عن إقامتها ببنى سويف، إن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة يعتبر مفتاح النجاح فى تطوير هذا القطاع، لتتضاعف قيمة الصادرات وتصل إلى ما يزيد على مليار دولار سنويا.

◄ تجربة جامعة أسيوط
ويجب الإشارة إلى تجربة جامعة أسيوط فى مجال دعم الباحثين والمتخصصين فى مجال صناعة العطور والنباتات العطرية، حيث تم إنشاء وحدة تجهيز واستخلاص النباتات الطبية والعطرية. ويقول الدكتور عادل محمد محمود عميد كلية الزراعة بجامعة أسيوط: الوحدة عبارة عن نموذج لمصنع متكامل مكون من ثلاثة أجزاء، الأول هو عصر الزيوت الثابتة مثل حبة البركة وجوز الهند والجوجوبا والسمسم والكتان وغيرها، والثانى هو خط متكامل لتجهيز وخلط وتعبئة شاى الأعشاب، والجزء الأخير عبارة عن تقطير للزيوت الطيارة مثل النعناع والبابونج والعتر وغيرها، وبالفعل تم البدء فى عرض المنتجات وجميعها زيوت نقية خالية من أى إضافات داخل منافذ البيع بالكلية.

◄ استخلاص الزيوت
وهناك تعاون مع صندوق تمويل المشروعات الصغيرة والجمعيات الأهلية، لتدريب الراغبين فى إنشاء مصانع أو وحدات لاستخلاص الزيوت، وقد تم تدريب العاملين بالوحدة على جميع الأجهزة من ماكينات عصر ووحدات فلترة وماكينات تعبئة آلية، لقد تطورت صناعة استخلاص الزيوت ومكسبات الطعم والرائحة وكذلك العطور،  ولكن مازال هناك المزيد حتى تحصل مصر على مكانتها المستحقة فى هذا المجال، وأن يتم تصنيع المنتجات بدلا من تصديرها خام، والعائق أمام الأسواق التصديرية هو خلو المنتج من متبقيات المبيدات ونجاح تحاليله التى تجيز تصديره، بالإضافة إلى عدم ثبات أسعار المنتجات.

فيما يقول المهندس وليد ثروت، خبير زراعة الزهور ونباتات الزينة: إن إنتاج مصر من الزهور ونباتات الزينة يتمتع بأعلى جودة، بسبب تميز العامل البشرى المصري، لذلك يتم سنويا تصدير 144 ألف طن من النباتات العطرية والطبية للعديد من دول العالم فى مقدمتها ألمانيا وفرنسا تبلغ قيمتها حوالى 188 مليون دولار ما بين نباتات ومواد مصنعة ومنها النباتات التى تساعد فى علاج الأورام والسكر.

ولتعظيم الفائدة أكثر وبدلا من أن يقتصر الأمر على التصدير لابد من اتخاذ عدة خطوات هامة ومن بينها إنشاء بورصة زراعية لتحديد أماكن زراعة نباتات الزينة ومساحتها نظرا لعدم قيام البعض بتقنين الزراعة أو رسمنتها وبالتالى لا يمكن حصر المساحة الكلية أو الإنتاج النهائى لهذه النباتات، وستكون «البورصة» بمثابة مظلة لكل المزارعين فى هذا المجال يمكن من خلالها التصدير للخارج وتقنين عملية الإنتاج والتركيز على النوعيات ذات الإنتاجية المنخفضة لزيادتها وبالتالى الحصول على العملة الصعبة.

◄ تحديات الصناعة
أما الدكتور حسين عبدالحى، الرئيس الأسبق لشركة النصر للكيماويات الدوائية والمتخصصة فى تصنيع خامات الدواء، فيقول: إن صناعة العطور تدخل تحت نطاق مستحضرات التجميل بجانب دخول النباتات الطبية الأخرى فى تصنيع خامات الأدوية وهذا متاح ويمكن تنفيذه فى مصر، وما يحدث حاليا أنه يتم تصدير النباتات طازجة أو مجففة وفق حاجة المستورد ولا يتم أى قيمة إضافية عليها، وهذا يحرمنا من دخل كبير لأن التصنيع يضيف الكثير، وللأسف نحن نصدرها فى حالتها الخام ثم نعود ونستوردها أدوية أو خامات دوائية.

وأهم التحديات التى تواجه تلك الصناعة وتعوق الصادرات، تتمثل فى التقلبات المستمرة فى السياسات التصديرية، والتى تؤدى إلى تخوف عملاء الخارج من منتجاتنا، وقلة الدعاية والإ علان عن المنتجات بسبب الشق الاقتصادى المكلف، فضلا عن ندرة المعارض المتخصصة مما يبعدنا عن الأسواق المستوردة، ومواصفات الجودة القياسية وأذواق المستهلكين والمنافسة الكبيرة عالميا.

وتمثل النباتات الطبية والعطرية أملا حقيقيا لدعم الاقتصاد، لمن يبحث عن مستقبل واعد، خاصة مع زيادة التوجه إلى الطبيعة، خاصة العطور المكونة من أزهار ونباتات مصرية مثل الياسمين والكراوية واليانسون والكمون والشمر والبابونج وحبة البركة والنعناع والليمون والبرجموت والزنبق والمريمية والأخشاب.

وقد حرك توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسي بتصنيع النباتات العطرية والطبية، المياه الراكدة فى تصنيع تلك المواد، بالتالى المهم دخول الدولة فى مجال التصنيع بداية من عمل جمعيات تقوم بتوريد الخامات لمصانع ويمكن تصنيع مرحلة أو مرحلتين أو ثلاث مراحل كبداية من الخطوات العديدة التى تمر بها الصناعة للوصول للمنتج النهائى، كما يمكن لبعض الجهات العامة الدخول فى شراكة لتدشن المصنع الجديد بصورة سريعة بما يدعم الزراعة فى المقام الأول ويفتح المجال للمزارعين للتوريد للمصنع الجديد بدلا من التصدير بهدف تعظيم سلسلة القيمة المضافة للنباتات الطبية والعطرية، خاصة أن النباتات الطبية والعطرية بما تحتويه من مواد فعالة متنوعة التركيب والصفات والتأثير ذات أهمية كبيرة للاقتصاد القومى، وللأسف فعلى الرغم من تميز مصر عن دول العالم بمقومات عديدة تؤهلها لتبوؤ مكان الصدارة فى إنتاج وتصنيع وتعظيم القيمة المضافة للنباتات الطبية والعطرية ومنتجاتها إلا أن الإنتاج السنوى والكميات المصدرة والعائد منها لا يعبر عن تلك المقومات.

ولك أن تتخيل بعد كل ذلك أن المواد الخام لتلك العطور يتم تصديرها من مصر، ولك أن تتخيل أيضا أن الأعشاب الطبية التى يتهافت عليها الجميع موادها الخام مصرية ولكن صناعتها أجنبية!

◄ فوائد اقتصادية
فيما يرى حسين أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، أن النباتات العطرية لها فوائد اقتصادية كبيرة إضافة إلى أنها تعود علينا أيضا بعملة صعبة، والصناعات العطرية يتم استخدامها فى العديد من الصناعات أهمها صناعة الدواء والصناعات العطرية، وحل مشكلة تصدير واستيراد العطور يكمن فى اتحاد القطاعين العام والخاص معا لإنشاء مصانع لتصنيع المواد الخام واستعمالها فى مصر بدلا من استيرادها بأسعار مرتفعة، ويجب التوجه نحو التوسع فى الاستصلاح الأفقى عن طريق زيادة المصانع والشركات التى تحول المواد الخام لمنتجات مما يخلق عائدا اقتصاديا كبيرا على الدولة، وإذا تم استغلال بعض المواد الخام ستحقق عائدا اقتصاديا كبيرا وتوفر ملايين الجنيهات وستعمل على تشجيع الأيدى العاملة وتوفير فرص العمل فالنباتات العطرية يتم تصديرها بالطن وتستورد كجرامات بملايين الجنيهات.

وأخيراً يقول الدكتور حسام عواد، أستاذ النباتات العطرية بمركز البحوث الزراعية: إن الحل يكمن فى تنشيط المكون التصنيعى، واستخلاص الأدوية والأعشاب الطبيعية، ولابد من إنشاء المصانع بالمناطق الصناعية التى تتركز فيها زراعة النباتات العطرية للاستفادة القصوى منها، مع إمكانية استغلال تلك المصانع لإنتاج العديد من المنتجات مثل مكسبات الطعم واللون والرائحة الطبيعية، والعطور، ومياه العطور، وأدوية، وأعشاب طبية.. إلخ.