بقلم واعظة

هدى عبيد الشاذلي تكتب: الدستور الباقي

هدى محمد عبيد الشاذلي
هدى محمد عبيد الشاذلي

■ بقلم: هدى الشاذلي

ظل الوحى يتنزل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم طوال مدة الدعوة أى ثلاثة وعشرون عامًا،  فيأتى جبريل ليُخبر النبى صلى الله عليه وسلم بأمر ربه فى مسألة ما، أو يأت بأحكام وتشريعات، أو آداب وأخلاقيات، قال تعالى: «وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ على مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا»، وكان منهجه صلى الله عليه وسلم مع الصحابة فى تعليمهم القرآن منهجًا تربويًا راقيًا فعن أبى عبد الرحمن السُّلمى قال: «حدثنا مَن كان يُقرئنا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يقرأون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات، فلا يأخذون فى العشر الأخرى حتى يعلموا ما فى هذه من العلم والعمل، قالوا: فعلمنا العلم والعمل»، ومن الصحابة من كان يقوم بكتابة آيات القرآن أولا بأول ويرشدهم الرسول صلى الله عليه وسلم على موضع الآيات وفى أى سورة تكون، وظل الأمر كذلك ولم يفكر أحد يومًا ما أن يجمع القرآن بين دفتىّ كتاب حتى جاءت خلافة الصدّيق أبو بكر رضى الله عنه وفى حروب الردة وبخاصة حرب اليمامة وسقط الكثير من الشهداء من حملة القرآن فخاف الصحابة على دستور حياتهم وما تبقى لهم بعد رسولهم من الضياع فكانت فكرة جمع القرآن فى مصحف واحد ولنتوقف كثيرًا حينما نقرأ أنهم أخذوا الآيات من قلوب الصحابة، وجريد النخل، وأكتاف الإبل، والرقاع، وعلى مر التاريخ حتى الآن كثيرا ما سمعنا عن محاولات لتحريف المصحف الشريف ولو بحركة أو سكنة أو شدّة، وكثيرًا ما سمعنا عن حرق المصحف الشريف وامتهانه الأمر الذى يُحزن الشعوب الإسلامية فى كل مكان ولكن ليس هذا ما نخشى منه لأننا نعرف جيدًا أن هذا الكتاب محفوظ بأمر ربه، وأن لمقدساتنا ربًا يحميها ولكن ما نخشى منه أن يأتى على الناس زمان لا يوجد القرآن فى قلوبهم حفظًا، ولا على ألسنتهم تلاوة ، ولا فى عقولهم تدبرًا وفهمًا ، ولا فى أخلاقهم عملاً وتطبيقًا، فلنُحى القرآن فى قلوبنا وعقولنا وأفهامنا ليبقى أبد الدهر رغم حقد الحاقدين.