مدمنون ومرضى نفسيون| ثمن الطلاق يدفعه الأبناء

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتبت: هبة عبدالرحمن

..آلاف من القصص المأساوية التى تشهدها يوميًا محاكم الاسرة سواء من أمهات يشتكين الظلم الواقع عليهن، أو  آباء يشتكون من قسوة القانون وحرمانهم من أبنائهم بعد الطلاق، لكن هناك من يدفعون الثمن وحدهم فى ظل هذه الحروب، شعور بالضياع وعدم الأمان والوحدة والانكسار يسيطر على أبناء الطلاق، وهم ينظرون إلى آبائهم وامهاتهم وكل واحد منهم يعطى ظهره للآخر ويمضى فى حياته وكأنه لم يتزوج أو يتحمل مسؤولية أبناء، وبدلا  من أن يصبح الانفصال بينهما نهاية مشكلات، يتحول إلى بداية معارك جديدة، دون أن يضع أي منهما فى اعتباره الصغار الذين يشعرون وكأن زلزالاً مدمرًا هدم استقرارهم ودمر حياتهم.

وهناك الكثير من قصص لأبناء طلاق تدمى لها القلوب، نروي تفاصيلها مع آراء واقتراحات لعلاج المشكلة من متخصصين من مجلسى القومى للمرأة والامومة والطفولة، فى السطور التالية.

◄ حكايات من دفترالطلاق| تلميذة تكتب اسم والدتها بدلاً من والدها فى الكراسة.. وأخرى ترسم مشنقة بورقة الإجابة

..لم تتحمل «ريم» الفتاة الصغيرة ابنة الثامنة من عمرها فراق والدها عنهم وطلاقه لأمها، وتركهما هى وشقيقها الاصغر، فانعزلت وأغلقت على نفسها وأصبحت ترفض الاختلاط أو تكوين

صداقات مع اي من عمرها حتى أنها ترفض الذهاب إلى مدرستها، وتقول والدتها «ز.ع» موظفة:
تركنا والدها وعمرها لا يتعدى خمس سنوات وكانت مرتبطة به بشدة فجن جنونها ورغم محاولاتها للتقرب اليه والاتصال به، لكن تفاجئ بزوجته الجديدة تقف حائلا بينهما، وللأسف يستسلم لها والدها ويرفض مقابلة ابنته التى اصبحت فى حالة نفسية يرثى لها، حتى انه فى العام الدراسى الماضى اتصلت بى معلمتها فى المدرسة وطلبت المقابلة، اخبرتنى انها صدمت بشدة عندما رأت ابنتى فى ورقة الامتحان كتبت اسم والدتها بعد اسمها ولم تذكر اسم الاب ورسمت شخصًا يشنق نفسه، وعندما سألتها عن السبب صمتت بشكل عجيب، فبحثت فى كراساتها وفوجئت بأنها دائما ترسم هذه الافكار الغريبة، وأنها دائما هادئة بعيدة عن اقرانها، حاولت البحث عن طبيب نفسى لكن للأسف ترفض ابنتى الذهاب كما انى لا امتلك ثمن هذا العلاج، لذلك احاول تعويضها عن هذا الفقد رغم إدراكى التام بأنى لن اعوضها بشيء آخر عن غياب والدها.

أما «نور» فتاة صغيرة عمرها لا يتعدى 10سنوات، انفصل والداها وترك لهم الاب المنزل وأخبر والدتها بأنه طلق أبناءها مثلما طلقها، قالت امها بدموع عينيها:
فوجئت بابنتى وشقيقها الاصغر وقد أصيبا بداء «التبول اللاإرادى»، خاصة انى للأسف أتركهما لوقت طويل واخرج للعمل من أجل تغطية مصروفاتهما، فوالدهما يرفض الإنفاق عليهما وأسرتى بسيطة لا يقدرون على مساعدتى فى النفقات، لذا اخرج للعمل لأوقات طويلة، لكن للاسف شعرا طفلاى بضياع البيت والأسرة مما ترك لهما أثرًا نفسيًا رهيبًا أصابهما بالمرض، كما انهما لديهما فقد شهية ورغبة فى الانطواء واشعر بخوف شديد عليهما لكن لا أدرى الحل خاصة انه ليس بيدى حيلة. د. دينا الجندى:
حملات للتوعية بتأثير الانفصال على الأطفال
 

◄ د. دينا الجندي: حملات للتوعية بتأثير الانفصال على الأطفال

..بسؤال الدكتورة دينا الجندي المحامية بالنقض والدستورية العليا وعضو المجلس القومي للمرأة قالت:
هناك طلاق يكون علاج للكثير من المشكلات، أهمها حماية الاطفال من العقد النفسية، لأنهم طالما تابعوا مشكلات والديهم وعاشوا فى خلافات دائمة وشجار يؤثر على الابناء ويخرجون معقدين، فيتخذ الآباء قرار الانفصال حتى يخرج أبناؤهم اسوياء، وقد رأيت الكثير من هذه الحالات يتعاملون بود واحترام متبادل بعد الطلاق، ولا يشعرون الأبناء بوقوع الطلاق نهائيًا لكنها ليست الاغلب للاسف، لأن هناك طلاقًا يؤثر بالسلب على الأبناء ويسبب لهم عقد بل فى بعض الحالات تتفاقم إلى أن يتحول الشخص لمريض نفسى أو مدمن أو مجرم، بالتأكيد الطلاق يؤثر بشكل أو بآخر على الابناء، خاصة أن هناك عددًا كبيرًا من الآباء للاسف يرفضون الإنفاق على أبنائهم لذلك نرى محاكم الاسرة مكتظة بهذه النماذج، مما يخلق حالة من العند وتبادل القضايا وصراع لا ينتهى من يدفع ثمنه ويروح ضحيته الأبناء فحسب.

◄ تستكمل دينا الجندى عضو المجلس القومي للمرأة قائلة:
العلاج للمشكلات النفسية التى تواجه الأبناء تبعات الطلاق هو التوعية، من خلال مؤسسات تهتم بالأسرة المصرية والطفل المصري الذى هو همنا الأكبر، من خلال برامج توعية ومسلسلات تلفزيونية تعرض خطورة الطلاق على الأبناء وتبعاته، لأن المسلسلات الدرامية مهمة جدا مثلما رأينا فى مسلسل «تحت الوصاية» الذى سلط الضوء على قضية هامة جدا وبدأ الجميع يناقشها.

ولابد من تكثيف حملات التوعية من خلال المجالس القومي للمرأة والأمومة والطفولة، وهى بالفعل تقوم بعمل حملات توعوية عدة، لكن يكثف المجهود والحملات لزيادة الوعى لدى الشباب والشابات، المتزوجين آباء وامهات، بمعنى الزواج وقدسيته وما شرعه الله من حقوق وواجبات على الطرفين، وايضا تسليط الضوء على العادات والتقاليد المصرية التى تمتعت بها الاسر على مر العصور للحفاظ على الأسرة والأبناء، وتوعية الام والاب بكيفية تعليم أبنائهم كيف يكونون زوج وزوجة فى المستقبل صالحين للمجتمع، لأنه إذا لم تكن الاسرة صالحة فكيف يكون للمجتمع النهوض والتقدم، الاسرة هى اساس المجتمع، وحتى إذا وقع الطلاق يتعلمون التعامل كما أمرنا الله بالإحسان وكما تعلمنا من اجدادنا وتقاليدنا من أعراف واحترام، وكل هذا حماية للأبناء مستقبل وطننا.

◄ د. ولاء شبانة: هناك مسئولية على عاتق المجتمع 

..بسؤال الدكتورة ولاء شبانة استشارى الصحة النفسية ؤالعلاقات السلوكية ومستشار المجلس القومي للطفولة والامومة عما يعانيه أبناء الطلاق من آثار نفسية واجتماعية والحلول، فأجابتنا قائلة:
تابعت على مدار الايام الماضية فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعى لمراهق بالفعل يعاني من حالة نفسية مضطربة جدا بسبب طلاق والديه، وفى الزمن الحالى أصبحت الامراض النفسية متفشية بشكل كبير، ويعتقد الكثيرون أن السوشيال ميديا هى السبب الاساسي لتلك الأمراض النفسية، ولكن الحقيقة لا، هى فقط اظهرت على السطح هذه الظواهر، لان قديمًا كان المجتمع منغلقًا إلى حد كبير لكن السوشيال لها دور في اظهار هذه الحالات، ويجب أن نستفيد من تلك التجارب التى نراها حاليًا على مدار التجارب الحياتية، من عدة مواقف لها مسميات خاصة ومن اهمها «التفكك الاسرى»، وهو من اكبر المصطلحات المنتشرة من زمن كبير حتى الآن، وهو فى حد ذاته لم يعد المصطلح القديم المتعارف عليه من طلاق الام والاب، لكنه احيانًا يحدث التفكك الأسرى للاسرة القائمة الموجود فيها الاب والام على حد سواء، لان فكرة الصدمات النفسية أوالأمراض العقلية والدماغية التى تصيب الإنسان، ممكن تصيبه نتيجة هذا التفكك الاسرى الذى لا يوجد فيه تفاهم كافى داخل البيت، وبعض الأحيان يفتقد الاطفال أحد الابوين أو كلاهما ويكاد يكون معدوم من الحياة بالنسبة له رغم انه على قيد الحياة، مثل غياب الاب لوحده أو غياب الام، وهذا يرجع لأن الطلاق بالنسبة لنا بمثابة حرب أهلية، على الرغم  من أن الطلاق ربنا أحله فقط لعدم الضرر بسبب استحالة المعيشة أو الأضرار التى ممكن أن تنجم بسبب هذه المعيشة.

;