عاجل

حريات

الكاتب الصحفى والكتكوت المفترس

رفعت رشاد
رفعت رشاد

من مظاهر الانفلات المجتمعى أن يتخذ أى فرد فيه لنفسه أى لقب يرغبه. فالممثل العادى يصبح نجما وفنانا كبيرا، والممثلة الكومبارس تصير حبيبة الجماهير، وهزيل الجسم ذاك يصبح الأسد المرعب، وقليل الحيلة ذاك يدعى الكتكوت المفترس، ويتحول موظف صغير إلى باشا.

كل فرد يمكن أن يطلق على نفسه ما يريد ويلزم الناس بأن يدعوه بما أراد.

أتذكر قيادة حزبية فى فترة ماضية كان يشغل منصب الأمين العام لنقابة مهنية كبيرة. سافر إلى دولة ممثلا لنقابته فكرموه بشهادة فخرية .

بعد عودته  قرر أن تكون شهادة التكريم دكتوراه فخرية وألزم كل اللجان النقابية بأن تهنئه فى الصحف بمناسبة حصوله على الدكتوراه ، وصار اسمه بالفعل الدكتور فلان. 

لا يمكن لمثل هذا التصرف أن يحدث فى إنجلترا مثلا، فالسير مجدى يعقوب لا يمكن أن يضيف إلى اسمه لقب سير إلا لو منحته إياه ملكة إنجلترا. والألقاب إما أن تكون علمية  كالدكتوراه أو الأستاذية أو جماهيرية اتفق عليها العقل الجمعى والمجتمعى مثل ساحر الكرة أو كاتب العبقريات.

فى الفترة الأخيرة لاحظت زملاء من شباب الصحفيين لم يمضوا فى المهنة سوى سنوات معدودة يلحق اسمه بلقب (الكاتب الصحفى) وهو قمة الألقاب فى عالم الصحافة، فى زمن سابق لم يكن لصحفى إكساب نفسه هذا اللقب بدون أحقية وخبرة كبيرة.

ربما يكون الزميل نابها ومتميزا فى مجال العمل الصحفى لكنه ليس كاتبا صحفيا، فهذا اللقب يأتى بعد سنوات من الجهد والعرق وتراكم الخبرات وكتابة آلاف المقالات والموضوعات الصحفية 

نتيجة مثل هذه الأمور أن تصغر الأشياء وتقل القيم وتنقص المعايير وتصير بلا قيمة.