واجهة حضارية للفيوم| سواقى «الهدير التاريخية» عمرها 2000 سنة

محافظة الفيوم تحتضن سواقى الهدير التاريخية
محافظة الفيوم تحتضن سواقى الهدير التاريخية

تنفرد محافظة الفيوم باحتضانها سواقى الهدير التاريخية التى أنشئت فى عهد المصريين القدماء، ولذلك استخدمت شعارًا للمحافظة، وتعتبر واجهة حضارية لها، لأن الفيوم عرفت باختلاف المناسيب فى أرضها وكانت السواقى تقوم بدفع المياه من المناسيب الأقل انخفاضًا إلى الأعلى وبذلك تدور عليها سواقى الهدير وطواحين المياه بقوة الدفع والتى لا يوجد مثيل لها فى مصر كلها.

وتعتبر الفيوم من المحافظات التى لها طبيعة خاصة فى نظام الرى على مستوى الجمهورية ولها نظام فريد ونادر من نوعه فى نظام الرى بالغمر «المناوبة» ويحسب بالدقائق والساعات ويطلق عليها مزارعو الفيوم أنها الساعة الرقمية للرى.

ونظرًا لكون الفيوم من المحافظات التى تعانى من نقص فى مياه الرى اخترع المزارع الفيومى القديم ما يسمى بسواقى الهدير، وتفنن الفلاح القديم فى تطويرها وكيفية تشغيلها بالدواب إلى الرى بالناعورة وصولاً بسواقى الهدير بشكلها الحالى، وتتميز الفيوم بوجود أكبر ساقية على مستوى محافظات الجمهورية فى قرية البسيونية التى تتبع مركز الفيوم.

يقول سيد الشورة مدير عام آثار الفيوم السابق، إن سواقى الهدير عمرها يزيد على الألفى عام وابتكرت فى العصر البطلمى بعد أن اتجه المصرى القديم إلى الزراعة فى الفيوم، مشيرًا إلى أن للفيوم طبيعة خاصة، فهى عبارة عن منحدرات تبدأ فى الجنوب عن ارتفاع 26 مترًا فوق سطح البحر وتنتهى بارتفاع 44 مترًا تحت سطح البحر شمال الفيوم عند شواطئ بحيرة قارون، لافتًا إلى أن الفلاح قديمًا كان يحتاج إلى رى أراضيه من منسوب أدنى إلى منسوب أعلى وكان عليه أن يفكر فى وسيلة لرفع الماء إلى الأرض الزراعية وتم ابتكار السواقى.

ويضيف «الشورة» أن الفيوم كانت تضم قديمًا عددًا يقدر بالآلاف من السواقى وانقرض حتى وصل إلى نحو مائتى ساقية تحاول المحافظة الحفاظ عليها من الانقراض لتظل مزارات سياحية وواجهة حضارية للفيوم، لافتًا إلى أن تكلفة الساقية الواحدة تتخطى 40 ألف جنيه نظرًا لأن صناعة السواقى تحتكرها أسرة واحدة فقط وأيضًا لارتفاع الخامات.

ويقول جرجس ناروس «أحد صانعى السواقى بالفيوم» إن صناعة السواقى من أخشاب الشجر، وهى مهنة ورثتها عن أجدادى حيث إننى أعمل «نجار بلدى» وصناعة الساقية الواحدة تستغرق 15 يومًا خاصة أن صناعتها صعبة وتحتاج إلى اتقان.

وأضاف أن صناعة السواقى من المهن الشاقة والمهمة نظرًا لأن السواقى تستخدم لرفع المياه لرى الآلاف من الأراضى الزراعية خاصة فى أحياء دار الرماد والهدير وعزبة نامو ومنشأة عبد الله والبسيونية، حيث يعتمد الفلاحون على رى أراضيهم من خلال السواقى.

وأشار إلى أنه لا يغالى فى أسعار الساقية الواحدة، حيث إن من يقوم بسداد السعر الفلاحون من جيوبهم لأن الساقية الواحدة تتكلف 40 ألف جنيه خاصة أن السواقى تستخدم أيضًا للسياحة وهى رمز لمحافظة الفيوم تشتهر بها المحافظة وغنى لها العديد من المطربين مثل أم كلثوم والفنان محمد عبد الوهاب، بالإضافة إلى المئات من الأفلام والمسلسلات التى صور معظم مشاهدها أمام السواقى.