فى الشارع المصرى

«إن لنسائكم عليكم حقّاً»

مجدى حجازى
مجدى حجازى

أعاد الله على مصر الحبيبة الأيام باليمن والبركات.. مضى عيد الأضحى المبارك، ومازلنا فى رحاب نسماته.. ولنتفكر آخر كلمات سَيِّدنا مُحَمَّد، فى خطبة الوداع، ولنعى دلالاتها، ونستأنس بالدعوات، وخيرها دعاء يوم عرفة، قال النبى صلى الله عليه وسلم: «خيرُ الدعاء، دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلى: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شىء قدير». [رواه الترمذى].

عن جابر بن عبدالله، قال سَيِّدنا مُحَمَّد  فى خطبة الوداع: «أيها الناس، اسمعوا منى أبيِّن لكم، فإنى لا أدرى لعلِّى لا ألقاكم بعد عامى هذا، فى مَوقفى هذا.. أيها الناس، إن دماءكم، وأموالَكم، حرامٌ عليكم إلى أن تَلقَوْا ربَّكم، كحرمةِ يومكم هذا، فى شهركم هذا، فى بلدكم هذا، ألا هل بلغتُ، اللهم فاشهد.. فمن كانت عنده أمانة، فليؤدِّها إلى من ائتمنه عليها، إن ربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربًا أبدأ به ربا عمى العباس بن عبدالمطلب، وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث، وإن مآثر الجاهلية موضوعة، غيرَ السِّدانة والسقاية، والعَمْد قَوَدٌ وشِبْهُ العَمد ما قُتِلَ بالعصا والحَجَر، وفيه مائة بعير، فمن زاد، فهو من أهل الجاهلية..

أيها الناس، إنَّ الشيطان قد يئسَ أن يُعبدَ فى أرضكم، ولكنه قد رضى أن يُطاعَ فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم.. أيها الناس، إن النسىء زيادةٌ فى الكفر، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدةَ الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض، منها أربعةٌ حُرم: ثَلاثٌ متواليات، وواحدٌ فرد، ألا هل بلَّغت، اللهم فاشهد..

أيها الناس، إن لنسائكم عليكم حقًّا، ولكم عليهن حقٌّ؛ ألا يُوطِئنَ فُرُشَكم غيرَكم، ولا يُدخِلنَ أحدًا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم، ولا يأتِينَ بفاحشةٍ، فإذا فعلنَ ذلك، فإنَّ الله أذِنَ لكم أن تَهجروهُنَّ فى المضاجع، وتَضربوهُنَّ ضربًا غير مُبَرِّحٍ، فإن انتهينَ وأطعنكم، فعليكم رزقهُنَّ وكِسوتهُنَّ بالمعروف، وإنما النساء عوانٍ عندكم ولا يَملكنَ لأنفسهِنَّ شيئًا، أخذتموهُنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجَهنَّ بكلمة الله، فاتقوا الله فى النساء واستوصوا بهنَّ خيرًا، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.. أيها الناس، إنما المؤمنون إخوة، ولا يَحلُّ لامرئٍ مالُ أخيه إلا عن طيب نفسٍ منه، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.. فلا ترجعوا بعدى كفَّارًا يَضرب بعضُكم رقابَ بعض، فإنى قد تركتُ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده؛ كتاب الله..

أيها الناس، إن ربَّكم واحدٌ، وإن أباكم واحد، كلكم لآدمَ، وآدمُ من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربى فضل على عَجمى إلا بالتقوى، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد..

أيها الناس، إنَّ الله قد قسم لكلِّ وارثٍ نصيبَه من الميراث، ولا تَجوز لوارثٍ وصيَّةٌ، ولا تَجوز وصيَّة فى أكثر من الثُّلثِ، والولد للفراش، وللعاهر الحجر، من ادَّعى لغير أبيه، أو تَولَّى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يَقبلُ الله منه صرفًا ولا عدلاً». [رواه مسلم].

وبعد الانتهاء من خطبة الوداع سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال: «وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّى، فَما أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قالوا: نَشْهَدُ أنَّكَ قدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقالَ: بإصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إلى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إلى النَّاسِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».

حفظ الله المحروسة شعبًا وقيادة، والله غالب على أمره.. وتحيا مصر.