بعد إقراره بالتهرب الضريبي وحيازة السلاح| هانتر يحتمي في «جلباب» بايدن

دعم كبير الرئيس والسيدة الأولى لابنهما هانتر
دعم كبير الرئيس والسيدة الأولى لابنهما هانتر

■ كتبت: دينا توفيق

اسمه وعلاقاته السياسية كانا ستارًا له.. تهرب من الضرائب وتواطؤ وتقاضي رشوة لتمرير صفقات وعقد اتفاقيات بطرق غير قانونية.. حيازة سلاح وإساءة لاستخدام السلطة وتضارب فى المصالح؛ ما كان لها تأثيرها القوى على مجريات الأمور داخليًا وخارجيًا.. استغلال منصب والده والتستر وراءه كانا أدواته للنفوذ والتوغل.. دافع الرئيس الأمريكي «جو بايدن» عن نجله المحامي «هانتر» وسط إدمانه للمخدرات وقضايا النسب والمعركة القضائية المستمرة حول إعالة الطفل وحتى الآن، حيث أفاد البيت الأبيض أن «الرئيس والسيدة الأولى يحبان ابنهما ويدعمانه بينما يواصل إعادة بناء حياته».

◄ حاول ترامب استخدام هانتر بايدن كوسيلة لمهاجمة والده

◄ تعاملات هانتر التجارية فى أوكرانيا قوضت الجهود الأمريكية لمكافحة الفساد

تضم قصة هانتر بايدن ثلاث زوايا؛ الأولى، شخصية الابن الثانى للرئيس، الذى أدمن الكحول والمخدرات وتدمير حياته الزوجية التى وصلت إلى الطلاق. والثانية، مالية بإبرام صفقات تجارية مربحة مع جهات أجنبية؛ أما الثالثة فكانت بمثابة كرة سياسية حاول الجمهوريون ركلها فى الملعب لإصابة والده الرئيس الأمريكى بايدن. ومع إطلاق المدعين الفيدراليين صافرة تلك اللعبة السياسية من خلال الإعلان عن صفقة يقر فيها هانتر بالذنب لأنه لم يدفع ضرائب عن عامى 2017 و2018، حسبما أفاد المدعى العام «ديفيد فايس». ربما ستسمح له الصفقة بتجنب الملاحقة القضائية بتهمة حيازة سلاح نارى أثناء إدمانه للمخدرات. ولكنه لا يزال يتعين على القاضى الفيدرالى الموافقة على الصفقة التى عقدها هانتر مع وزارة العدل، وفقًا لمجلة «نيويوركر» الأمريكية. فيما استبعد موقع شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية دخول «هانتر بايدن» السجن، بموجب الاتفاق، لكنه قد يخضع للمراقبة القضائية لمدة عامين، ما فتح أبواب الانتقادات خاصة من الجمهوريين وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترامب»؛ الذى يواجه سلسلة من الملاحقات القضائية، وظهر ذلك فى تعليقه عبر شبكته «تروث سوشل»، إن هانتر لم يتلق سوى «غرامة عادية لانتهاكه قانون القيادة»، مكررًا قوله إن النظام القضائى «لا يعمل». وقارن الرئيس السابق وحلفاؤه اتهامات هانتر بايدن بالتهم التى يواجهها ترامب بسبب احتفاظه بوثائق سرية بعد ترك منصبه.

■ تسريبات نيويوك بوست عن استغلال هانتر نفوذ والده

وجاءت التهم الموجهة لنجل بايدن عن تحقيق استمر ما يقرب من خمس سنوات يركز على عمله مقابل عمولة من المصالح الأجنبية على مدار العقد الماضي، لا سيما للشركات أو كبار رجال الأعمال فى أوكرانيا والصين وكازاخستان. لطالما دارت الأسئلة الأخلاقية حول هذا العمل، والذى بدأه عندما كان والده على وشك أن يصبح نائب الرئيس واستمرت وسط سنوات مضطربة كان هانتر اعتاد على الإدمان. وبدأ هذا التحقيق برئاسة فايس، أحد المعينين من قبل ترامب عام 2018، والذى كشف عن انتهاك هانتر لقوانين جماعات الضغط الأجنبية وغسيل الأموال. 

وعلى الرغم من أن الصحافة الأمريكية قد برأت هانتر إلى حد كبير فيما يتعلق بدوره وأفعاله مع شركة «بوريسما»، أحد أكبر منتجى الغاز الطبيعى فى أوكرانيا، إلا أن صحيفة «نيويورك بوست» قدمت دليلًا يوضح أن «هانتر» قد كان بالفعل هو ووالده أحد أعضاء مجلس إدارتها. وهذا ما كشف عنه السيناتور الجمهورى الأمريكى «تشاك جراسلي» أمام مجلس الشيوخ عن وجود «المواطن الأجنبي» الذى «قام برشوة جو وهانتر بايدن» ويمتلك 17 تسجيلًا صوتيًا لمحادثاته معهم. ويُزعم أن «المواطن الأجنبي» هو وزير الموارد الطبيعية الأوكرانى السابق «ميكولا زلوشفسكي»، من الأوليجاركية الأوكرانية ومالك شركة «بوريسما». 

وتعود روابط عائلة بايدن بأوروبا الشرقية إلى زمن بعيد؛ فى أبريل 2014، أطلق المدعى العام الأوكرانى آنذاك «فيكتور بشونكا»، تحقيقًا فى قضية زلوشفسكي، بشأن اتهامات تتعلق بالتهرب الضريبى وغسيل الأموال التى قيل إنها حدثت بين عامى 2010 و 2012، حينها عين مجلس إدارة شركة «بوريسما» هانتر بايدن، نجل نائب الرئيس الأمريكى آنذاك والرئيس الحالى «جو بايدن»، إلى مجلس إدارتها براتب أكثر من 80 ألف دولار شهريًا، بعد شهرين فقط من الأحداث التى غيرت قواعد اللعبة فى أوكرانيا. وفى فبراير 2014، خلال ما يسمى بثورة ميدان، تمت الإطاحة بالرئيس الأوكراني «فيكتور يانوكوفيتش»، الموالى لروسيا؛ من قبل الولايات المتحدة. 

◄ اقرأ أيضًا | ترامب: الكوكايين الذي عثر عليه بالبيت الأبيض مخصص لبايدن ونجله هانتر

وإلى جانب هـذا هناك لعبة جيوسياسية أكبر قيد التنفـيذ، تتعلــق بأهـداف توسيع الناتو بقيادة الولايات المتحدة وسياسة واشنطن المتمثلة في «تطويق» و«مواجهة موسكو»، وهى العملية التى وُصفت بأنها السبب الرئيسى وراء الأزمة الأوكرانية منذ 9 سنوات وحتى اليوم. هناك أيضًا بُعد جغرافى اقتصادى لدور الولايات المتحدة فى حربها بالوكالة ضد روسيا فى أوكرانيا وهى الأرباح التى يحققها مصنعو الأسلحة الأمريكيون.

وفي أكتوبر 2020، وقع مديرو وكالة المخابرات المركزية السابقون «جون برينان» و«ليون بانيتا» و«مايكل هايدن» والمدير السابق للمخابرات الوطنية «جيمس كلابر»، بيانًا عامًا يزعم أن رسائل البريد الإلكترونى والمراسلات التى تم العثور عليها على الكمبيوتر القديم الخاص بهانتر، تحتوى على جميع معلومات العملية الروسية. وزعم هؤلاء السابقون أن مثل هذه العملية ستكون متسقة مع الأهداف الروسية لخلق فوضى سياسية فى الولايات المتحدة لتعميق الانقسامات السياسية هنا وتقويض ترشيح نائب الرئيس بايدن وبالتالى المساعدة فى ترشيح الرئيس ترامب. 

وشارك هانتر كذلك فى ترتيبات أعمال الترويج للنفوذ التى ساعدت فى تحريف السياسة الخارجية للولايات المتحدة، لا سيما فى أوكرانيا، وألقت بظلال من الفساد على إدارة بايدن للبيت الأبيض. فقد تفاخر الرئيس بايدن أمام مجلس العلاقات الخارجية بأنه ابتز الحكومة الأوكرانية لإقالة المدعى العام لشركة «بوريسما» الطاقة، التى دفعت لهانتر ما يصل إلى 5 ملايين دولار بعد تعيينه فى مجلس إدارتها، والذى يبدو أنه عمل كواجهة لوكالة المخابرات المركزية لتمويل الميليشيات اليمينية التى تخوض حربًا بالوكالة للولايات المتحدة فى شرق أوكرانيا. إن تورط بايدن فى أوكرانيا، مثل مشاركة صهر ترامب «جاريد كوشنر»، فى دول الخليج العربية - يلخص الترابط بين الرأسمالية والامبريالية الأمريكية، وهو ما يقودنا نحو حرب عالمية محتملة.  

وتعززت احتمالية أن تكون «بوريسما» شركة مملوكة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية تم استخدامها لتمويل الحرب فى شرق أوكرانيا سرًا، من خلال تعيين الرجل الثالث السابق فى وكالة المخابرات المركزية ومدير وكالة المخابرات المركزية لمكافحة الإرهاب «كوفر بلاك»، فى مجلس إدارتها مع هانتر.

ومنذ أن أصبح جو بايدن نائب الرئيس، كان من الصقور التى حرضت على تصعيد الحرب مع روسيا فى أوكرانيا وفى نفس الوقت الذى استفاد فيه أفراد عائلته مالياً فى أوكرانيا وتمكنوا من الوصول إلى فرص عمل جديدة. يُظهر تقرير جديد قام به موظف سابق فى البيت الأبيض فى عهد ترامب «جاريت زيجلر»، ومؤسس المنظمة غير الربحية ماركو بولو، وهى منظمة بحثية مكرسة لفضح الفساد الحكومى، جنبًا إلى جنب مع كتاب الصحفية «ميراندا ديفين»، «كمبيوتر من الجحيم» الصادر عام 2021، أن هناك ما يقرب من 459 انتهاكًا لقانون الولاية والقانون الفيدرالى على الكمبيوتر، بما فى ذلك التهرب الضريبى وغسيل الأموال وانتهاكات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA)، فضلاً عن الجرائم المتعلقة بالمخدرات. التقرير محرج ليس فقط لهانتر ولكن لعائلة بايدن بأكملها، لأنه يكشف عن مشاكل خطيرة مع تعاطى المخدرات والكحول والممارسات التجارية غير الأخلاقية حيث أصبح أفراد العائلة أثرياء بشكل فردى من خلال اللعب باسم بايدن.

وكان جهاز الكمبيوتر أول دليل على أن الرئيس بايدن متورط فى مشاريع ابنه فى الصين وأوكرانيا، على الرغم من إنكاره المتكرر، كادت الأسرار السيئة التى يحتويها الجهاز الخاص به أن تخرج والده من السباق الرئاسي وحملته الانتخابية عن مسارها وتشعل واحدة مـن أكــبر عمليات التستر الإعلامى فى التاريخ الأمريكي. وقبل شهر تقريبًا من الانتخابات الرئاسية لعام 2020، نشرت صحيفة «نيويورك بوست» مراسلات البريد الإلكترونى أظهرت هانتر بايدن يقدم والده إلى أحد كبار المسئولين التنفيذيين فى مجال الطاقة فى أوكرانيا، وبعدها تدفقت الأموال بغزارة. ورغم كل هذه التسريبات وما قبلها التى يزاح عنها الستار منذ عامين سيظل صمت الإدارة الأمريكية غامضا.