مصر تهزم فيروس «سي»

الرئيس عبدالفتاح السيسي يعلن خلو مصر من فيروس «سى»
الرئيس عبدالفتاح السيسي يعلن خلو مصر من فيروس «سى»

معركة صعبة استطاعت أن تخوضها الحكومة المصرية بكل قوة وحزم حتى تكللت جهودها بالنجاح حين أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى أن مصر ستحتفل خلال أسابيع بإعلان خلوها من «فيروس سي» وفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية، مؤكدًا أن مصرنا الحبيبة اكتسبت مهارات كبيرة فى المجال الصحى أدت إلى تحسين المنظومة الصحية بالكامل فى مصر، وذلك على هامش فعاليات المؤتمر والمعرض الطبي الأفريقي الثاني.

◄ تفاصيل الرحلة الشاقة من الاكتشاف إلى العلاج

◄ وزير الصحة: أصبحنا صفر إصابات.. واحتفالية كبيرة في سبتمبر

◄ خفض المعدل السنوي للإصابات بنسبة 92 ٪

■ د. خالد عبد الغفار في مؤتمر صحة أفريقيا

الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، تحدث عن رحلة القضاء على هذا الفيروس القاتل، من خلال معاناة الشعب المصرى لسنوات وعقود من العبء الطبى والاجتماعى والمالى لفيروس التهاب الكبد الوبائى «سي» والذى نجحت مصر فى تغيير وصفها من البلد الأعلى فى انتشاره، لتصبح أول بلد يتم إعلانه من قبل منظمة الصحة العالمية كبلد خالٍ من فيروس «سي»، حيث حققت مبادرة «100 مليون صحة» نجاحًا كبيرًا فى تخفيض المعدل السنوى للإصابات الجديدة السنوية بنسبة تزيد على 92٪، من خلال حملة غير مسبوقة على مستوى العالم، لفحص فيروس «سي» والكشف المبكر عن الأمراض غير السارية، مثل مرض السكرى وارتفاع ضغط الدم والسمنة، لما يقرب من 60 مليون شخص من المصريين وغير المصريين، حيث تم اكتشاف وتقييم وعلاج أكثر من مليونى شخص ليصبحوا معافين من فيروس «سي».

وعلى هامش مؤتمر صحة أفريقيا، قال الدكتور خالد عبد الغفار، إنه تم اجتياز خطوات كثيرة فى مجال البحث العلمى، وتم اجتياز مراحل كثيرة فى مجال الأبحاث الطبية، موضحا أن منظمة الصحة العالمية ستعلن خلو مصر من فيروس «سى» الشهر المقبل وستقام احتفالية كبيرة فى سبتمبر المقبل لإعلان مصر خلوها من فيروس «سي» بعد أن كانت من أعلى معدلات الإصابة بالفيروس. مشيرا خلال مشاركته بجلسة الفيروسات الكبدية بالمؤتمر إلى أن مصر حاليا أصبحت صفر إصابات، وحاليا يتم علاج حالات التليف وسرطان الكبد بأعلى التقنيات والأدوية الحديثة، وهذا يدل على اهتمام الدول المصرية بالمريض المصري.  

◄ تدريس التجربة المصرية
وأضاف أن مصر أصبح لديها خبرة كبيرة للتعامل مع فيروس سى، وتجربتها تدرس فى الدول الأفريقية وعلى مستوى شرق أوروبا بل والعالم أجمع، ليتحقق الواقع بعد أن كان حلما دام لمدة 15 عاما، وبالدعم الأساسى من الرئيس السيسى والإدارة السياسية تم أيضا توفير الأدوية ليس للمريض المصرى فحسب، ولكن يتم إعطاء أدوية فيروس سى لأفريقيا، حيث إن الدواء تم توفيره بأسعار أقل بكثير من الأسعار العالمية، مما جعل العلاج متاحا لجميع المرضى، وأصبح هناك بعد أفريقى لمساعدة الدول الأفريقية وتم تدريب كوادر لديهم وإرسال الأدوية لعلاج المرضى فضلا عن إرسالها لدول شرق آسيا ولعدد آخر من الدول الأوروبية.

فيما أشاد المكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية بمبادرة مصر فى الكشف عن التهاب الكبد الوبائى «فيروس سي» فى إقليم شرق المتوسط، مشيرا إلى نجاحها فى علاج ثلث المصابين بهذا الوباء الذى يصيب 360 مليون شخص على مستوى العالم، ويؤدى إلى وفاة 3 آلاف شخص كل يوم، لتستطيع مصر أن تجرى الكشف على 60 مليون شخص، وعلاج 4 ملايين.

◄ بداية الرحلة
ويروى الدكتور وحيد دوس، رئيس اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية التابعة لوزارة الصحة المصرية، كيف بدأت هذه المعركة الصحية التى توجت بالنجاح، فلا بُد من التعرف أولا على جميع المراحل التى مرت بها من عام 2014 وحتى عام 2023، مشيرا إلى أنه كانت المواجهة الحقيقية للمرض فى عام 2006 حين تم تشكيل اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية وإصدار عدة قرارات أهمها إجراء مسح قومى للسكان لمعرفة حجم المرض الفعلي، وبالفعل تم إجراء المسح فى عام 2008 واكتشاف أن 15% من الشعب المصرى مصاب بفيروس سي، وكان العلاج المتاح حينها مستوردا من الخارج فى شكل حقن أسبوعية تعرف باسم الإنترفيرون وكانت تكلف المريض الواحد ما يقرب من 70 ألف جنيه، وتم علاج ما يقرب من 300 ألف مريض على نفقة الدولة حتى عام 2014 وكانت نسب شفاء العلاج لا تتعدى الـ40% فقط وله مضاعفات وآثار جانبية عديدة جدا.

■ إنتاج الدواء محليا يخفض سعره بنسبة كبيرة

◄ العلاج المحلي
وظل الوضع هكذا خلال الفترة المحددة حتى تم البدء فى المرحلة الثانية وإجراء المسح القومى مرة أخرى فى عام 2015 حينها تم اكتشاف نحو 8.7% من المصريين مصابين بفيروس «سي» أى حوالى 7 ملايين شخص. ووقتها كان العالم أجمع قد بدأ يتجه للعلاج الفموى بعقار السوفالدى المستورد الذى يحقق نسب شفاء تصل إلى 99%، ولكن كانت تكمن المشكلة فى ارتفاع سعر الدواء بشكل مبالغ فيه، فكان يصل سعر الدواء للمريض الواحد فى أمريكا 80 ألف دولار مما كان يشكل عائقا كبيرا فى علاج أكبر عدد من المرضى على نفقة الدولة، حتى تم التمكن من التفاوض مع الشركة المنتجة لتخفيـض سـعر الـدواء ليصــل متوسط سعر علاج المريض الواحد الذى يستغرق 3 أشهر 6000 جنيه.

بعد ذلك بدأت وزارة الصحة واللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية فى عام 2016 التشجيع على إنتاج عقار السوفالدى محليا لتنخفض تكلفة العلاج من 6000 جنيه إلى 600 جنيه فقط للمريض الواحد، ما أعطى الفرصة لعلاج الملايين بالمجان، وتم شفاء نحو 2.5 مليون مريض بنسبة شفاء 99% دون آثار جانبية للعلاج كما كان يحدث من قبل.

◄ 100 مليون صحة
ترتب على ما سبق علاج كل المواطنين الذين يعلمون بمرضهم فقط، وهنا جاء دور المرحلة الثالثة والتى تمثلت فى مبادرة رئيس الجمهورية «100 مليون صحة» للكشف المبكر عن الأمراض السارية بما فيها فيروس سي، حيث تم إجراء مسح قومى فى عام 2018 لنحو 60 مليون مصري، والذى يعد أكبر مسح للأمراض فى التاريخ، وحينها تم اكتشاف إصابة 2 مليون مواطن لم يكونوا على علم بمرضهم من الأساس، وتم تلقيهم العلاج والشفاء بنسبة 99%، منوها إلى أن حالات الوفاة التى كانت تحدث من فيروس سى قديما تصل إلى 40 ألف حالة سنويا أما الآن فلا توجد حالات وفاة من هذا المرض، ويعد ذلك إنجازا تاريخيا تشهده جمهورية مصر العربية وسببا فى ترشحها لتكون أول دولة فى العالم خالية من فيروس سي.

◄ المتابعة والإنقاذ
وأوضح الدكتور وحيد أن الحملات لن تقف عند هذا الحد، ولكن هناك خطة مستمرة لتلقى أى إصابات جديدة قد تحدث وعلاجها على الفور، فضلا عن المتابعة الدورية كل ثلاث أشهر للمرضى المتعافين من فيروس سى ولكنهم مصابون بمضاعفات التليف الكبدي، لإنقاذهم من الأمراض الخطيرة التى قد تلحق بهم فيما بعد رغم القضاء على الفيروس، لذا يتم فحصهم بمختلف مراكز الكبد الصحية فى مختلف المحافظات وعلى نفقة الدولة، وكذلك برامح التأمين الصحي لمتابعة مرضى الكبد، لتكون ذلك لدينا منظمة متكاملة تساعد المريض على إجراء التحاليل والإشعات اللازمة لاكتشاف أى مضاعفات فى الحالات الأولى بشكل مبكر وإجراء متطلبات العلاج اللازمة التى يمكن أن تتم بحقن موضعى لتحقيق أعلى نسب شفاء سريعة قبل تطور المضاعفات التى قد تودى بحياته.

وأضاف أن الحملات السابقة لن تغفل عن اكتشاف المرض وعلاجه فى أطفال المدارس، حيث كان الفيروس يصيب واحدا من بين كل 300 طفل أى 0.3% من الأطفال، ويتم العلاج من خلال دواء فموى للأطفال من عمر 12 عاما، ونحن الآن بصدد تصنيع دواء شراب للأطفال الأصغر سنا من عمر 3 - 10 سنوات.
قاعدة البيانات 

وفى السياق، صرحت الدكتورة منال السيد، أستاذ طب الأطفال ورئيس وحدة الأبحاث الإكلينيكية بكلية طب جامعة عين شمس وعضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، أن مصر بفضل تاريخها وبرامجها التى بدأتها منذ 2006 أصبحت لديها قاعدة بيانات ضخمة ومترابطة على مستوى الدولة تشمل كافة بيانات المرضى الذين تم تشخيصهم وعلاجهم، مضيفة إلى أنه تم العمل وفق توصيات منظمة الصحة، وإطلاق مبادرة 100 مليون صحة تحت رعاية رئيس الجمهورية وعلاج أكثر من 65 مليون مريض من الالتهاب الكبدى الوبائى سي، كما يتم العمل على إتاحة حصول كافة المواطنين على خدمات الكشف المبكر عن المرض وعلاجه.

وأشارت إلى أن مصر لديها العديد من البرامج وبدأت فى مساعدة دول القارة المختلفة، كما توفر خدمات الكشف والعلاج للأجانب المقيمين فى مصر أيضًا، منوهة إلى أنه يتم التعاون مع مختلف الدول الأفريقية لإقامة المراكز البحثية وتبادل الخبرات معهم، وهناك الكثير الذى يمكن تحقيقه بالتعاون مع بعضنا البعض فى مجال الوقاية والكشف والعلاج.

◄ الانتصار المصري بالأرقام

2008 اكتشاف 15% من المواطنين مصابين وتم العلاج بتكلفة 70 ألف جنيه للمريض الواحد بنسبة شفاء 40%

2015 اكتشاف 8.7% من المواطنين مصابين بالفيروس وتم العلاج بالسوفالدى المستورد بتكلفة 6000 جنيه للمريض الواحد بنسبة شفاء 99%.

2016 تصنيع الدواء محليا بتكلفة 600 جنيه وعلاج 2.5 مليون مواطن ونسبة الشفاء 99%.

2018 اكتشاف إصابة 2 مليون مواطن وتلقى العلاج والشفاء بنسبة 99%

2023 مصر تصل إلى صفر إصابات وتعلن خلوها من فيروس «سي»