حكايات| «في ستين داهية».. مدح وتفخيم بدأ من «بن مكشوم»

«في ستين داهية».. عبارة تقال في غير أصلها
«في ستين داهية».. عبارة تقال في غير أصلها

«في ستين داهية».. نسمعها كثيرا هنا وهناك، يقولها أحدهم للتعبير عن عدم المبالاة عما ضاع وفات، لكن هل فكرت يوما أن هذه العبارة ظلمها كثيرا ناطقوها حتى وضعوها في غير موضعها؟ بل هل فكرت حقا أنها عبارة أطلقت على مدح من فات والتفخيم منه؟ فاللأمر قصة وللعبارة حكاية.

أصل العبارة

تداولها العرب على عاداتهم في نقل الأخبار والأقوال والمأثورات عن بعضهم، فتعيس حقا من قيلت له تلك العبارة على غير سبيل المزاح، لكن حينما نعود إلى ما قبل أكثر من ألف وربعمائة عام وقبل ظهور الإسلام نجد هناك أصلا لتلك العبارة وحكايتها.

صراع «مدحج» و«همدان»


هناك في اليمن بدأت القصة قبل ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية، فهنالك الحروب كانت مشتعلة بين قبيلتين من العرب هما «مدحج» و«همدان»، لكن النصر كان حليفا دائما للقبيلة الأولى مما اضطر الثانية للجوء إلى منطقة فارس في هضبة إيران حيث كان الفرس هناك، استعانت «همدان» بالفرس لإعداد الخطط والترتيبات للإيقاع بـ«مدحج» وكبار مشايخهم.


خطة وُلدت منها العبارة

الهمدانيون مع الفرس أعدوا الخطة لاستدراج مشايخ قبيلة «مدحج» الذين عرفوا بالذكاء والدهاء وكأنهم يريدون طرح فكرة للحوار والصلح بدون حمل السلاح، هنا وقع 60 شيخًا من كبار مشايخ قبيلة مدحج في الفخ صدقوا الفكرة فوقعوا في شركها، وبمعاونة الفرس قتل الهمدانيون مشايخ «مدحج» ثم تفرقت بعدها القبيلة.

بطل الحكاية

جئنا إلى بطل القصة ومن بدأت عنده الحكاية، فكان أحد فرسان قبيلة «مدحج» هو الصحابي قيس بن مكشوم، الذي قرر الثأر لقومه ولمشايخ قبيلته الذين قتلهم أبناء قبيلة همدان، فما كان منه إلا أن أخذ بالثأر وأمعن فيهم القتل، وعندما عوتب في الأمر وسئل عن سبب قتله لهذا العدد الكثير أجابهم بأن هؤلاء قتلتهم جميعا للثأر «في ستين داهية» من قبيلتي.