كنوز| « القلماوى» أول طالبةٍ تحصل على الماجستير والدكتوراة من جامعة فؤاد

الدكتورة سهير القلماوى تصافح الرئيس جمال عبد الناصر
الدكتورة سهير القلماوى تصافح الرئيس جمال عبد الناصر

يزخر تاريخ مصر الحديث بقناديل مضيئة كل قنديل منها يضيء باسم سيدة مصرية أثرت فى مسيرة مصر الأكاديمية والإبداعية والفكرية والثقافية، وفى مقدمة هذه القناديل الآنسة سهير القلماوى التى كانت متلألئة على صفحات أشهر المجلات التى كانت تكتب بها وتجرى معها أحاديث صحفية ومنها: «اللطائف المصورة - المصور - العروسة - الهلال» لأنها كانت أول طالبةٍ مصريةٍ تحصل على درجة الماجستير بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف فى «أدب الخوارج فى العصر الأموى» 1937 بتشجيع من أستاذها د. طه حسين، وحصولها على الدكتوراة بدراسة عن «ألف ليلة وليلة» 1941 بتقدير امتياز قال عنها د. طه حسين: «هذه رسالة بارعة من رسائل الدكتوراة التى ميزتها كلية الآداب بجامعة القاهرة، وبراعتها تأتى من مؤلفتها».

وُلدت سهير القلماوى فى يوليو 1911، لأبٍ مصرى يعمل طبيباً بمدينة طنطا وأمٍ شركسيةٍ، درست فى المدرسة الأمريكية للفتيات وشجعها والدها على التخصص فى الأدب العربى عوضاً عن الطب الذى كانت تتمنى دراسته، التحقت بقسم اللغة العربية بجامعة فؤاد عام 1928، وحرص والدها الجراح على أن يقرأ معها القرآن الكريم وكتاب تفسير مختصر لمحمد فريد وجدى لتقوية لغتها العربية وأحضر لها أساتذة فى اللغة، واستفادت من مكتبة والدها الثرية بمؤلفات د. طه حسين وعباس محمود العقاد والمازنى ورفاعة الطهطاوى وابن إياس وآخرين من أساطين الأدب الذين أسهمت مؤلفاتهم فى تشكيل موهبتها الأدبية، ومن حسن حظها ونبوغها وتميزها احتضنها د. طه حسين وشملها برعايته واعتبرها بمثابة ابنته الروحية، لأنها كانت البنت الوحيدة بين 14 زميلاً من الشباب بقسم اللغة العربية، وكان ترتيبها الأول دائماً، فعينتها الجامعة محاضرةً بدعم من أستاذها د. طه حسين وظلت تترقى حتى أصبحت أول سيدةٍ مصريةٍ تتولى رئاسة قسم اللغة العربية بكلية الآداب. 

وشجعها د. طه حسين على نشر مقالاتٍ صحفيةٍ بجوار عملها الأكاديمى بالجامعة، فكتبت لعدة مجلات منها: «اللطائف المصورة - العروسة - الهلال - أبوللو - الرسالة»، وأشرفت على صفحة المرأة فى صحيفتى «كوكب الشرق - والبلاغ»، وتم اختيارها لإلقاء أحاديثٍ كل ثلاثاء بالإذاعة عام 1934، وكلفها د. طه حسين بالإشراف على صفحة الأدب وصفحة المرأة عندما اشترى جريدة «الوادى»، وعرض عليها المفكر الكبير أحمد أمين لتكتب فى مجلة «الرسالة» ثلاث مقالاتٍ بمقابل خمسة جنيهات، وخرجت د.سهير القلماوى من الحيز الأكاديمى الضيق لتساهم فى النشاط الاجتماعى والنسوى والثقافى فتولت رئاسة «الاتحاد النسوى المصرى»، ورئاسة «رابطة خريجات جامعة المرأة العربية»، وانتشرت مؤلفاتها الأدبية الثرية التى حققت لها شهرة كبيرة ومنها: «أحاديث جدتى»، ودراسة تحليلية فى «ألف ليلة وليلة»، و«أدب الخوارج»، و«فى النقد الأدبى»، و«ثم غربت الشمس»، و«المحاكاة فى الأدب»، و«العالم بين دفتى كتاب»، وترجمت العديد من الكتب والقصص ومنها: «قصص صينية لبيرل بك»، و«عزيزتى اللويتا»، و«رسالة أبون لأفلاطون»، وبعض مسرحيات الكاتب «وليم شكسبير»، فكانت أول امرأةٍ تحصل على الجائزة الأولى من مجمع اللغة العربية عام1941، وعندما تولت رئاسة الهيئة المصرية العامة للكتاب أسست «معرض القاهرة للكتاب» وعملت على تثقيف الشباب بالقراءة، فكان لها السبق فى إنشاء مكتبة فى صالة مسرح الأزبكية لبيع الكتب بنصف ثمنها، ومنحت الفرصة لأكثر من 60 أديباً لتقديم مؤلفاتهم عندما قامت بإصدار سلاسل أدبية باسم «مؤلفات جديدة»..

ظلت د. سهير القلماوى التى كرمها الرئيس جمال عبد الناصر واحدة من أهم الأعمدة الثقافية والأكاديمية، قنديلاً مضاءً فى تاريخ مسيرة المرأة المصرية النابغة، حتى لقيت ربها فى 4 مايو 1997.
«كنوز »