مفاجآت فى انهيار برج «سيدى بشر»

انهيار برج سيدى بشر
انهيار برج سيدى بشر

محمد مجلي

اصطحب محمد السيد زوجته وأبنائه الثلاثة وشقيقه وصديقهما المقرب وأسرتيهما إلى محافظة الإسكندرية، قادمين من القاهرة لقضاء إجازة عيد الأضحى والمصيف، قاما بحجز وحدة سكنية بأحد عقارات الإسكندرية الشاهقة والتي اشتهرت بأنها للمصطافين لقربها من البحر، اتفق مع سمسار المنطقة على استلام الشقة التي قاموا باستئجارها في الطابق السابع بالعقار رقم 5 بشارع خليل حمادة فى تمام الثانية عشر ظهرًا، جلسوا على طريق الكورنيش بعد وصولهم انتظارًا لتسليم الشقة وعند عودتهم فوجئوا بأن العقار المكون من 14 طابقًا ليس سوى أنقاض وكتل خرسانية على الأرض وسط صراخ وعويل من أهالي الضحايا الذين لم يمهلهم القدر الفرصة للهروب من الموت في انهيار واحد من أكبر عقارات الإسكندرية.

وفي واحدة من مسلسل العقارات المنهارة بعروس البحر الأبيض المتوسط؛ اعادت الأذهان إلى انهيار عقار لوران الذي سقط منذ أكثر من 12 سنة، شهدت منطقة سيدى بشر انهيار عقار مكون من 14 طابقا بشارع خليل حمادة أحد الشوارع الحيوية والتي تطل على طريق الكورنيش ويربط بينه وبين شارع خالد بن الوليد الأشهر فى المنطقة، وأسفر عن وفاة 10 من السكان والمستأجرين واثنين من العاملين تصادف وجودهما بداخل العقار واصابة 4 أخرين تماثلوا للشفاء وغادرو المستشفيات.

تلقت مديرية أمن الإسكندرية اخطارًا من قسم أول شرطة المنتزه يفيد بورود بلاغ بانهيار عقار مأهول بالسكان بالعنوان المشار إليه ووجود ضحايا ومصابين أسفل الأنقاض.

على الفور انتقلت وقتها جميع الأجهزة التنفيذية والأجهزة المعنية يتقدمهم اللواء محمد الشريف، محافظ الاسكندرية وقيادات مديرية أمن الاسكندرية وقوات قسم شرطة المنتزه أول رفقة قوات الحماية المدنية و8 سيارات اطفاء و10 سيارات إسعاف إلى موقع الحادث، وتم وضع الحواجز الأمنية وفرض كردون أمني على الشارع بأكمله لمنع عبور المارة حماية لهم من تساقط أي أجزاء أخرى وتسهيل عملية رفع الأنقاض واستخراج جثامين الضحايا والمصابين. 

وبفحص حالة العقار تبين أنه مكون من طابق أرضي و13 طابقًا وحدث به انشطار رأسي، لتقرر الأجهزة الأمنية سرعة اخلاء العقار بالكامل من سكانه حفاظًا على حياة سكانه.

على الرصيف

في الوقت الذي ظلت الحاجة نادية ستينية العمر، جالسة على الرصيف المقابل لموقع أعمال رفع الأنقاض من عقار الإسكندرية المنهار تتمتم بكلمات وتدعو الله ان ينجى ابنتها وحفيديها وزوجها من الانهيار وأن تجدهم على قيد الحياة فظلت الثواني المعدودة تمر كالسسنين انتظارًا للوصول إلى جثمان نجلتها وبينما تنهمر الدموع من عينيها رفقة باقي أفراد الأسرة، روت أن ابنتها وتدعى شيرين المقيمة بالعقار جمعتهما مكالمة هاتفية أكدت أنها سمعت لصوت طقطقة فى العقار وشروخ وأن قلبها مش مطمن ثم انقطع الاتصال.

وأشارت إلى أنه تم استخراج الزوج بعد مرور نحو 12 ساعة بعدها تم استخراج الزوجة فى تمام الثانية من صباح اليوم التالي وذلك بعد مرور 16 ساعة بينما تم العثور على حفيدها فى تمام التاسعة من صباح اليوم التالي.

قدام عيني

وتقول الناجية بوسي محمد، والتي أنقذت اثنين من أشقائها الأطفال صغار السن، مؤكدة أنها استيقظت على صوت طقطقة والشروخ فى الحائط فتوجهت سريعا واصطحبت شقيقتيها أطفال رضع ووضعتهما أسفل الكنبة خارج الغرف التي حدث بها انشقاق ثم عادت لتنجد والدتها وشقيقها والأب إلا انها شاهدت سقوط الجزء المنشطر.

وأضافت لـ»أخبار الحوادث»: لا أستطيع أن انسى هذا المشهد منذ وقوع الحادث الأليم ومنذ لحظة انهيار العقار وأنا فى حالة بكاء، مؤكدة أنها حملت الطفلتين الصغار ونزلت من الجزء الأخر من الشقة والذي لم يشهد أي انشطار ولم يسقط، موضحة ونزلت عن طريق السلم لنحو 9 طوابق كاملة وهي تهرول.

وأشارت إلى أنها أجرت اتصالا بجدتها أخبرتها خلالها بأن العقار ينهار وأنها شاهدت سقوط والدتها وشقيقها، معبرة عن حزنها الشديد لعدم تمكنها من انقاذهما قبل أن يسقط العقار بهم، مشيرة إلى انها انتظرت لحظة خروج الجثامين في مشاهد كانت صعبة ولا تستطيع أن تواصل حياتها منذ وقوع الحادث الأليم.

كشف المستور

وكشفت احدى ساكنات العقار وتدعى أم عبدالرحمن قائلة: توقعت سقوطه بسبب تعليه الطابق الأخير أعلى السطوح وتلاعب فى الأسانسير والأساسات والأعمدة، مؤكدة أن هناك تعلية حدثت بالطابق الأخير لفيلا بمسطح العقار وهي التي أثرت على تماسك العقار وتسببت فى سقوطه، موضحة أن أسفل العقار كان يوجد كافيه أزال صاحبه عمودين، وأشارت إلى أن الأعمدة بدأت تنفجر منذ عدة أيام قبل الانهيار وظهرت الشروخ فى بعض الشقق وحذرت مرة أخرى من انهيار العقار، قائلة: «شقى عمرى راح وخسرت الشقة ووجهت اتهامات لاتحاد ملاك الشاغلين بالتسبب فى انهيار العقار».

وقالت والدة الشاب محمد ياسر أحد ضحايا العقار: أن نجلها أحد الضحايا العشرة الذين سقط بهم العقار، فقبل دقائق من الإنهيار أبلغ شقيقته بأن العمارة تنهار وطالبها م بسرعة النزول لكنه لم يتمكن من النزول.

وأضافت: أن محمد كان مهندس وعمره 28 سنة وعمره ما زعل حد ولا كان سبب فى أذى حد، وأكد أنه قبل أيام لاحظ وجود تشققات بالعقار بعد تعلية الطابق الأخير والبدء في بناء فيلا على مسطح العقار بالكامل مع وجود تلاعب فى الأعمدة والأساسات الأمر الذي تسبب فى انهيار العقار.

وقال محمد مرجان وكيل وزارة بالتربية والتعليم سابقا وهو من سكان العقار: أن ما حدث هو نتيجة أخطاء بشرية يدفع ثمنها أشخاص آخرين، مضيفًا أن العقار كان عبارة عن 13 طابقا بالإضافة إلى فيلا تهالكت بسبب عوامل الطقس والمناخ والقرب من البحر، علاوة على أن العقار يعود بناءه إلى السبيعنات.

وأضاف لـ «أخبار الحوادث»: فى يوم وليلة فوجئنا بوجود انشاءات وتعلية طابق جديد مكون من 6 شقق أعلى المبنى ولا نعرف كيف حصلوا على تراخيص لانشاء طابق أخر، موضحًا أنه تم بيع الوحدات الجديدة ولا نعلم أي شيء عن المالك الجديد.

وقال الشاب هشام يحي بدر: أنا من شبر الخيمة وحضرت من القاهرة للبحث عن لقمة العيش وأثناء عملى بذات المنطقة فوجئنا بصوت صراخ وتساقط حجارة وطوب ثم انهار العقار، موضحًا انه توجه رفقة آخرين لاخراج السكان من باقي السكان وأنقذ أكثر من 40 فردًا من سكان النماذج الاخرى.

وأضاف؛ لم أشعر بخوف او قلق ودخلت العقار لمساندة الجميع من سكان العقار سواء سيدات أو أطفال أو كبار سن، ما فكرتش فى نفسي كان كل همي انقاذ أكبر عدد من السكان.

التحقيقات

كانت الأجهزة الأمنية ألقت القبض على كل من مالك الطابق الـ14 والمقاول المسؤول عن البناء وجرى عرضهما على نيابة المنتزه أول التي باشرت التحقيق فى الواقعة تحت إشراف المستشار محمود عوف، المحامي العام الأول لنيابات المنتزه، والتي وجهت للمتهمين 3 تهم وهي القتل والإصابة الخطأ والبناء المخالف.

وأوضحت التحقيقات؛ أن المتهم الأول صاحب الطابق الـ14 يدعى «هاني.ج» وانه استعان بالمتهم الثاني المقاول ذلك للقيام بأعمال بناء دون ترخيص بالطابق الـ 14 واستندت فى ذلك إلى وجود بلاغات من السكان ضد حي المنتزه أول والذي أصدر لها قرار إزالة لم ينفذ.

واستمعت النيابة العامة فى تحقيقاتها إلى أقوال السكان وطلبت الملف الخاص بالعقار واستدعاء مهندسي الحي والتأكد من القرارات الصادرة بشأن العقار والتراخيص اللازمة لاستكمال عملية بناء الطابق الأخير وأصدرت قراراها بحبس المتهمين لمدة 4 أيام قبل أن يتم التجديد لهما بالحبس لمدة 15 يومًا.

وكان اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية أكد؛ أنه تم تكليف مدير مديرية التضامن الاجتماعي وجميع الجهات المعنية، بتوفير كامل الدعم والرعاية اللازمة لقاطني العقار والبالغ عددهم نحو 16 أسرة.

وأوضح الشريف؛ أن العقار حدث به انشطار نصفي رأسي، لافتا إلى أن العقار يستخدم كشقق ايجار خلال موسم الصيف، وصادر للطابق الأخير به قرار إزالة وتم التوجيه فورا بقطع جميع المرافق عن العقار وقت وقوع الحادث.

وكلف محافظ الإسكندرية بتشكيل لجنة من المنشآت الآيلة للسقوط، بمشاركة اساتذة من كلية الهندسة لمعرفة الأسباب وراء إنهيار العقار، ومعاينة سلامة المنشآت المجاورة وإزالة الخطورة الداهمة من العقار الآيل للسقوط.

واضاف؛ أن النيابة العامة تباشر تحقيقاتها فى الواقعة وأن اللجنة الهندسية مازالت تتابع أعمالها عن كثب.

اقرأ أيضًا :


 

;