«عالمي الخاص» قصة قصيرة للكاتبة منة نور الدين

الكاتبة منة نور الدين
الكاتبة منة نور الدين

مؤخراً ضللت الطريق عن الواقع.. انفصلت عن العالم الخارجي لمدة عامين أو أكثر لا أستطيع الخروج من المنزل، كنت أشعر وكأن البشر سيتحولون لوحش مميت عند رؤيتي لأحدهم، وأصبحت أقضي الكثير من الوقت داخل غرفتي وأنا غارقة في صمتي، تنتابني حالة هستيرية من الخوف عند اقتراب شخص مني.

 

 ربما شعرت أنني أعيش أكذوبة داخل مشاهد الحياة الزائفة وقررت الانسحاب من كل شيء لأنتهي بفقدان الطريق إلى ذاتي.. أصبحت أعيش مثل الأموات على الأرض.

 

حتى هذا اليوم..استيقظت صباحاً وذهبت لتحضير القهوة، لأنتهي بالجلوس على مقعدي الأرجواني الداكن المفضل، وبدأت بالحديث مع خالقي كالمعتاد، ولكن هذه اللحظة كانت مميزة أكثر من أي يوم مضي

 

يا حبيب.. أغرق يومياً في مشاعر اليأس والخوف والحزن وعدم الأمان، أرضي أصبحت مليئة بالظلام، قلبي أصبح كالحجارة يريد أن ينشق ليخرج منه الماء، وكأني أحمل صخرة ضخمة فوق ظهري تعيق إقبالي على الحياة من جديد

 

وبدأت أشعر أن هناك قوة غير مرئية تراقبني داخل الغرفة، إنها تقترب مني أكثر وأكثر، لا أستطيع فهم ما يحدث.. أشعر بعناق دافئ من شيء ملئ بالحب لم أحصل عليه مؤخراً، وبدأ همس خافض داخل أذني..نحن نحبك!

 

أخذت لحظات لأدراك ما يحدث، ومازال عقلي يرفض التصديق، حتى سمعت همس مجدداً.. قومي بفتح نافذة غرفتك، إنها مغلقة منذ عامين، لا أستطيع فعلها، الهمس يزداد في أذني.. لا تخافي يا صغيرة!!!

 

اقتربت ببطء شديد من النافذة.. وبدأت بفتحها وأنا مترقبة، وهنا حدث أغرب شيء قد مررت به، فوج من الفراشات الملونة يدخل غرفتي ويحلق في كل مكان بكامل حريته وبهجته

 

رافقتني حتى خرجت من منزلي.. رأيت السماء صافية والطيور تحلق ونسيم ينتشر حولي ملئ بالحب والسكينة، شعرت برغبة في احتضان الحياة بكل ما يتعلق بها..وبدأت بالضحك مثل طفل برئ

 

لا أصدق لم يعد الخوف متواجدا.. روحي أطلقت العنان من جديد وكأنها ولادتي الأولى، كأني ألتقط أنفاسي لأول مرة، لأجرب اختبار ذاتي بعمق أكثر، لأقوم بالرقص مع العالم واحتضان كل ما يختبئ به من مجهول

 

علمت أن انفصالي عن الواقع بسبب عدم الحصول على الحب من المحيطين.. لم أكن أعلم أن مصدر الحب الحقيقي بداخلي، الحب الذي يشفى جميع الجروح

 

وبدأ الإرشاد الإلهي يوجهني للعثور على مسار حياتي وتحقيق مهمة روحي وهي نشر الحب والنور.