مبدعة «السيدة التى سقطت فى الحفرة»: الحكايات لا تموت أبدًا

إيناس حليم
إيناس حليم

تطرح  الأديبة إيناس حليم سؤالاً، كيف تبتكر حكاية أسطورية بواسطة تفاصيل واقعية من الحياة اليومية، عبر روايتها «حكاية السيدة التى سقطت فى الحفرة»، التى تتحدث عن امرأة تهدى لابنتها فى عيد ميلادها أدوات للكتابة، وتطالبها بتأليف رواية عن حادثة العروس التى اختفت فى شارع النبى «دانيال» بالإسكندرية، فهل ستنجح الفتاة فى إنجاز المهمة بنسج رواية عن تلك الواقعة الشهيرة؟ وتقول إيناس عن سبب اختيارها لهذا الحادث ليكون محور روايتها: مساحة الغموض التى خلقها لغز تلك الحادثة فى خيالى حين قرأتُ عنها للمرة الأولى عبر محركات البحث على أنها أسطورة، ومساحة الدهشة التى أثيرت فى عقلى حين عرفتُ أنها حكاية حقيقية تخص فتاة عاشت حياتها القصيرة فى الإسكندرية، وكانت ذات عائلة وبيت ووجود، ثم مساحات الشك التى أفضت إليها الروايات المختلفة عن اختفائها والتى تتأرجح بذاتها بين واقع وخيال. تأثرتُ بكل تلك المساحات ففكرتُ فى استخدام عناصر مثل الاختفاء أو الغياب أو التلاشي، بما تتصل بها من حيثيات وحالات شعورية وأشكال للمعاناة، فى التعبير عن تلك الموضوعات من خلال إسقاطها على حيوات أشخاص آخرين يسكنون المدينة نفسها لكن فى زمن آخر.. ونسأل إيناس عن خفايا هذه التجربة عبر السطور التالية:

-هل الرواية، قصة عن عروس النبى «دانيال» أم حكايات عن نساء الإسكندرية؟
- إذا كانت الرواية عبارة عن سرد قصصى عن نساء الإسكندرية كنتُ سأختار تقنية مختلفة للكتابة عن حياتهن؛ ربما لا تحتاج إلى جهد بحثى عن معلومات دقيقة تخص شخصية حقيقية بعينها محيت من سجلات الإسكندرية وذاكرة ساكنيه، روايتى انعكاس للأفكار التى خلقتها قصة عروس النبى «دانيال» على جميع شخصيات الرواية من نساء ورجال وأطفال، وليست الشخصيات النسائية فقط، باستخدام تقنية كتابة الرواية داخل النص الذى هو شكل من أشكال الكتابة يعتمد على توالد الحكايات من حكايات أخرى، وهو الشكل الذى وجدته ملائمًا لحكى قصة عروس النبى «دانيال» بكل تفاصيلها، وفى الوقت نفسه حكى قصة البطلة «شادن» وكل ما يخص حياتها وحياة المحيطين بها، بالإضافة إلى الحكى عن المدينة نفسها.


 وما سبب اختيارك لعام 2002 لتكون زمن أحداث الرواية الصادرة عن دار الشروق؟
- 2002 و2003 هو زمن كتابة البطلة لروايتها داخل الرواية، لكن أحداث الرواية نفسها تنقلّت ما بين الألفينات، والتسعينات، والثمانينات، والسبعينات، -وهو زمن وقوع حادثة عروس النبى «دانيال»- وصولاً إلى أحداث فى الستينات تخص زواج الجد والجدة، وانتقالهما للعيش من الصعيد إلى الإسكندرية. وقد اخترت مطلع «الألفينات» ليكون الزمن الحاضر فى الرواية بسبب الخصوصية التى تحملها تلك الفترة بالنسبة إلى أبناء جيلي؛ وهى خصوصية تتعلق بشكل الحياة التى كانت تتأرجح وقتها بين البساطة والاعتماد على المعرفة عن طريق البيت والشارع والكتب الورقية، وبين دخول أشكال «التكنولوجيا» الرقمية المختلفة إلى المدن، وتعلق جيلى بها، وتأثير كل ذلك على أفكاره وقناعاته، بالإضافة إلى الخصوصية التى تتعلق بالمكان وملامح المدينة التى أردتُ توثيقها قبل التغير الطارئ عليها لاحقًا.


وكيف تقاوم الحكاية الموت؟
- الحكايات لا تموت أبدًا؛ تجد دائمًا طريقة كى تصل وتعيش عن طريق انتقالها عبر الزمن والأشخاص بالسرد الشفاهى أو المكتوب، حتى لو تغيرت فى الحكاية بعض التفاصيل، وحتى لو تغير شكلها وشخصياتها تمامًا، ستبقى منها الحكمة والدرس الذى أراد ساردها الأول أن يُبلغها، وهنا تكمن الأهمية الحقيقية للقصص بتنوعها بعيدًا عن كونها مصدرًا للمتعة، حيث أنها أيضًا بشكل أو بآخر تُشكل معرفة ويمكنها أن تكون وعاءً للتاريخ والتعريف بالمكان وتوثيقه، وتكون أداة لعرض فلسفات وأفكار وتشريح للنفس البشرية، بل إن بعض القصص تصل إلى أبعد من ذلك، فتتنبأ بمستقبل شعوب بناءً على أحداث ماضيها ووقائع حاضرها.