العالم بين يديك| تمرد فاجنر: النهاية لم تُكتب بعد

فاجنر.. سلاح روسيا الفتّاك

فاجنر.. سلاح روسيا الفتّاك
فاجنر.. سلاح روسيا الفتّاك

انتهت أقصر محاولة انقلابية فى التاريخ، وهو ما عرف على نطاق واسع فى وسائل الإعلام العالمية، بانقلاب «فاجنر» فى روسيا، بعد ساعات فقط من بدئها، لكن معظم تحليلات الصحف الغربية، تجمع على أن انتهاءها بهذه السرعة، لا يعنى أن الأمر قد استتب للرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وأن سيد الكرملين بعد هذه المحاولة الانقلابية، ليس هو نفسه سيد الكرملين فيما قبلها.

فرغم أن هذا التراجع من قبل «فاجنر» وقائدها، قد جعل بوتين يتنفس الصعداء، ويتفادى أزمة خطيرة، كانت محدقة بحكمه، فإن معظم المحللين يجمعون على أن انفراج الأزمة لا يعدو أن يكون مرحليًا، وأن الضرر قد لحق بالفعل بصورة بوتين وبحكمه وبقوة بلاده القتالية فى أوكرانيا.، كما أن هذه المحاولة التى أجهضت على وجه السرعة سيكون لها نتائج.

غير أن جانبًا آخر من المراقبين، يعتبر أن بوتين ربما استغل الفرصة التى سنحت له، لإبعاد رجل كان يخشى من تزايد نفوذه، ونفوذ ميليشياته المسلحة، فقد تحدث كثيرون عن أن زعيم «فاجنر».

كان ينسج شبكة علاقات داخل بعض أفرع القوات المسلحة، وأنه كان يجهر بعدائه لوزير الدفاع الروسى، وربما منح الاتفاق الأخير، الذى توسط فيه رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو، الفرصة لبوتين لإبعاد زعيم «فاجنر» والتخلص منه نهائيًا، وإعادة هيكلة تلك الميليشيات وفق ما يخدم مصلحته.

إقرأ أيضاً|الخارجية الأمريكية: ما جرى بين روسيا وقوات «فاجنر» شأن داخلي

مجموعة فاجنر ‏هى منظمة روسية شبه عسكرية، وصفها البعض بأنها شركة عسكرية خاصة (أو وكالة خاصة للتعاقد العسكرى) وقيل إن مقاوليها شاركوا فى صراعات مختلفة، بما فى ذلك العمليات فى الحرب الأهلية السورية  إلى جانب الحكومة السورية، وكذلك فى الفترة من 2014 إلى 2015 فى الحرب فى دونباس فى أوكرانيا لمساعدة روسيا.

تشتهر كمثيلاتها من المجموعات العسكرية الغربية مثل شركة بلاك ووترز الأمنية التى استخدمتها أمريكا أثناء احتلالها للعراق بقسوتها وتكتيكاتها الوحشية فى ساحة المعركة.

سميت باسم «فاجنر» نسبة إلى مؤسسها الذى  كان يحمل الاسم السرى «فاجنر»، ويقال إن مؤسسها أطلق عليها اسم فاجنر نسبة للموسيقار الألمانى ريتشارد فاجنر

ويُعتقد أن هذه المجموعة العسكرية تأسست على يد الضابط الروسى السابق ديمترى  أوتكين المولود عام 1970، والذى شارك فى  حربى الشيشان الأولى والثانية، وخدم قائدًا لفرقة العمليات الخاصة «سبستيناز» فى اللواء الثانى  التابع للمخابرات الروسية العسكرية، وقد ترك الخدمة عام 2013 وعمل فى  شركات أمنية للحماية، ثم أسس شركة فاجنر عام 2014.

كان دور أوتكين قيادة المجموعة عسكريًا وميدانيًا، وبعد توسع نفوذها فى سوريا برز اسم رجل الأعمال الروسى  يفجينى بريجوجين ممولًا رئيسيًا لفاجنر. لم يكن لبريجوجين أى  خلفية عسكرية أو أمنية، وكل ما يعرف عنه أنه قضى فترة من عمره بالسجن نتيجة للاحتيال والسرقة وبعد خروجه أصبح مديرًا لمطاعم راقية، ثم أصبح المتعهد لتوريد الطعام إلى الكرملين فلقب باسم «طباخ بوتين».

ينحدر كل من بريجوجين وبوتين من مدينة سان بطرسبرج، ثانى  أكبر مدن روسيا، وتعود علاقتهما ربما إلى التسعينيات من القرن الماضي، عندما كان بوتين يعمل فى  مكتب عمدة سان بطرسبرج، وكان يتردد حينها على مطعم بريجوجين الذى كان يحظى بشعبية بين المسئولين المحليين.

ازدهرت أعمال بريجوجين فى مجال الإطعام وتوسعت بعد إبرام عقود مع الجهات الحكومية مثل المدارس ورياض الأطفال وفى النهاية مع الجيش إذ وصلت قيمة هذه العقود إلى أكثر من 3 مليارات دولار.

فى عام 2010 ربطت عدة تحقيقات صحفية بريجوجين بوحدة معلومات مضللة تعرف باسم «مصنع ترول» فى سانت بطرسبرج. وذكرت الأخبار أن المصنع ينتج مواد وينشرها عبر الإنترنت بهدف تشويه سمعة المعارضة السياسية الروسية وتلميع صورة الكرملين من جهة أخرى.

ووفقًا لتحقيق أجراه لاحقاً المستشار الخاص روبرت مولر فى عام 2016 كان مصنع الترول جزءاً من محاولة روسية للتدخل فى  الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ونفى حينها بريجوجين وجود صلات له بالمصنع. لكن فى  نوفمبر من العام الماضى حينما كانت انتخابات التجديد النصفى  فى  الولايات المتحدة جارية، اعترف بمحاولات التأثير على السياسة الأمريكية.

لسنوات عديدة نفى بريجوجين صلاته بمجموعة المرتزقة العسكرية فاجنر، بل رفع دعوى قضائية ضد الصحفيين الذين زعموا أنه أسسها. ظهرت فاجنر لأول مرة فى  شرق أوكرانيا عام 2014، حيث ساعدت الانفصاليين المدعومين من روسيا فى السيطرة على الأراضى الأوكرانية وفى  إنشاء جمهوريتين منفصلتين فى منطقتى دونيتسك ولوهانسك.

فى سبتمبر من العام الماضى وبعد ستة أشهر من الغزو الروسى لأوكرانيا اعترف بريجوجين فجأة أنه أسس مجموعة فاجنر، بعد أن أثبتت أنها واحدة من أكثر الوحدات الروسية فعالية فى  الحرب. من الناحية الرسمية ليس لبريجوجين أى  منصب رسمى فى المؤسسة الرسمية الروسية، ورغم ذلك من الواضح أنه يتمتع بنفوذ وتأثير كبيرين.