« الأنفلونسرز » يدخلون السينما من باب « بيت الروبى »

الأنفلونسرز
الأنفلونسرز

ريزان العرباوي

تستمر حياة المؤثرين على السوشيال ميديا في مغازلة شهية كتاب الأعمال الفنية, حيث أصبحت المسميات المختلفة من أنفلونسرز, يوتيوبرز, بلوجرز.. وغيرها من الظواهر العصرية التي فرضها علينا العالم الإفتراضي, بل وأصبحت مهنة للعديد من الأشخاص ومصدر للمكسب والشهرة السريعة السهلة, ومن منطلق دور الفن في رصد إيجابيات وسلبيات المهن المختلفة، ومحاولة تقديم معالجة درامية للقضايا الاجتماعية المتعلقة بها, تطرق عدد من الأعمال الفنية لحياة هؤلاء المؤثرين.. فما أهمية هذا التناول دراميا؟, وهل استطاع الفن أن يتلاحم مع الواقع الذي يفرضه العالم الإفتراضي بشكل متوازن لتشكل تلك الأعمال جرس إنذار لمخاطر هذا العالم؟, أم أنها مجرد أعمال هدفها الربح المادى واستقطاب جمهور وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة لضمان الانتشار؟.

يفتح فيلم “بيت الروبي” بطولة كريم عبد العزيز وكريم محمود عبد العزيز, المجال من جديد لمناقشة قضايا السوشيال ميديا من خلال رصد حياة “المؤثرين–الأنفلونسرز”, حيث يعيش المؤثر الاجتماعي”إبراهيم الروبي” مع زوجته حياة بسيطة هادئة بأحد المناطق الساحلية، حتى يطلب منه شقيقه الذهاب معه إلى القاهرة ليوم واحد، وهنا يصبح على طريق الصدفة “أنفلونسر”، ويتعرض للعديد من المفارقات الكوميدية. 

الفيلم إخراج بيتر ميمي وتأليف محمد الدباح وريم القماش، ويشارك في البطولة نور اللبنانية, تارا عماد ومحمد عبد الرحمن.

حياة المؤثرين تم تناولها أيضا من خلال عدد من الأعمال التلفزيونية, ومنها مسلسل “كدبة كبيرة”، وهو من حكايات مسلسل “ورا كل باب” تناول خطورة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والمشاهير و”البلوجرز”, والمسلسل بطولة أحمد زاهر وهنادي مهنى, وتأليف إسلام حافظ وإخراج سميح النقاش.

أيضا مسلسل “عائلة جيجي” تناول نفس الأمر، وهو حكاية من حكايات مسلسل “ورا كل باب” بطولة نادين, إسلام جمال, ليلى عز العرب وهند عبد الحليم, وتأليف محمد الشواف وإخراج منال الصيفي.

كما تناول أحمد مكي أيضا القضية في إطار كوميدي ضمن إحدى حلقات مسلسل “الكبير أوي” بالجزء السابع،وشارك في بطولة الحلقة آيتن عامر.

السيناريست مجدي صابر علق على انتشار “المؤثرين” ضمن أحداث الأعمال الفنية أو حتى كمشاركين في التمثيل قائلا: “يعمل الفن على رصد ومتابعة جميع الظواهر الاجتماعية وتجسيدها من خلال أشكال فنية مختلفة، سواء أغنية أو فيلم أو مسلسل, وهي مسألة طبيعية, فالفن مرآة للمجتمع, ونلاحظ ظاهرة نمت مؤخرا وكانت وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لنموها أدت إلى ظهور المؤثرين بمختلف مسمياتهم سواء على (تيك توك) أو (يوتيوب) وغيرهما, لدرجة أنها أصبحت وظيفة ومهنة أساسية يديرها مئات الآلاف اليوم بتقديم محتوى لا يهم إن كان هادف أو غير ذلك، فالهدف الأساسي الحصول على أكبر عدد من المتابعين و(اللايكات), ونجد تلك النماذج في كل بيت، وإن لم يكن فمن الأصدقاء, وأنا شخصيا لي صديق يقدم محتوى عن صيانة الهواتف النقالة، ويمتلك متابعين بالملايين, فهو عالم (بحره  واسع)، ومنه من يقدم محتوى هادف يفيد الناس، ومنهم التافه اللاهث فقط خلف (اللايكات) و(الشير)، وطبيعي أن يتطرق الفن لمثل هذه الظواهر، فهي مسألة طبيعية في قضية مهمة لا يجب غض البصر عنها, وستشغل حيز كبير من اهتمام صناع الفن بالفترة المقبلة، فكل أفراد الأسرة اليوم أصبحوا مشاهير على (تيك توك) وغيره, وإن نظرنا إلى جانب إيجابي في الموضوع فهو فرصة لاكتشاف مواهب جديدة”.

وينهي صابر حديثه قائلا: “لمواجهة مخاطر السوشيال ميديا نحتاج إلى مزيد من الوعي، وللفن دور مساعد في ذلك, مع العلم أنه ليس من مهامه علاج المشاكل، لكن فقط تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية الملحة ورصد الظواهر في محاولة جذب الانتباه لها، من خلال طرحها بشكل درامي جاذب للتوعية بمخاطر هذا العالم وتأثيراته التي قد تكون شديدة الخطورة”.

محصلة إيجابية

في ذات السياق أكدت الناقدة خيرية البشلاوي على أهمية دور الفن في رصد تلك النماذج, وتقول: “تتحدد الأهمية وفقا لنوع التأثير الذي تحدثه المادة التي يتم تناولها داخل العمل الدرامي, وكل ما هو مؤثر في التركبية الذهنية والعقلية والوجدان الجمعي والسلوك الأخلاقي العام للمتلقي، يجب أن يكون موضع إهتمام الفن, إذ كل ماهو مؤثر بالفعل يستحق أن يتم تناوله دراميا، لكن الأهم (كيف يتم هذا التناول الدرامي؟), فلابد أن يترتب عليه محصلة إيجابية في النهاية، ويكون هناك نوعا من الفهم والدراسة الحقيقة والاستقصاء لهذا الموضوع الذي يتم تناوله من قبل الصناع, وليس لمجرد كونه موضوع مؤثر أن يتهافت عليه البعض ليقدمه بشكل سطحي واستخفاف، مع عدم المعرفة والدراسة والرجوع لذوي الرأي السديد ممن لهم علاقة بهذا الهم الاجتماعي”.

وتضيف: “إذا هذا التناول مهم؟, بالطبع نعم, كأي قضية اجتماعية أخرى، مع جدية التناول وتحديد الهدف الحقيقي منه لمعالجة هذه القضية, لكن السؤال الذي يفرض نفسه (هل صناع الدراما على هذا القدر من الجدية؟)، وإجابتي أن أي عمل يتم تناوله بإستخفاف ودون دراسة وجدية حقيقية ومغزى وهدف جاد، فهو نوع من اللعب والتسلية والجريمة التي يحاسب عليها القانون، فالتأثير يحتاج إلى دراسة, وعلى أي حال هو موضوع يستحق التناول بأكثر من عمل، لأنه مؤثر بالفعل، ونعلم جيدا أن السوشيال ميديا تلعب في حياتنا دور شديد العمق والضرر في ذات الوقت، فليس كل ما يتم تداوله على السوشيال ميديا حقيقي يؤخذ بجدية، فلها جوانب كثيرة خفية وأخرى مزيفة, فعالم (الأنفلونسرز) بحاجة إلى إختراق من جانب الفن, لأنه مع فرضية وجود نماذج مندسة وموظفة لأحداث فعل أو تأثير بعينه، لتحقيق أهداف وأجندات خارجية هو أمر وارد, فهناك كتائب غير مرئية تلعب في عقول المتلقين في ظل غياب الوعي وارتفاع نسبة الأمية الثقافية”.

وسيط متغير

يرى الناقد رامي عبد الرازق أن تلك النماذج تمتاز بـ”الطزاجة”, فهي جديدة على المجتمع، بعيدا عن المهن التقليدية مثل الطبيب والمهندس، ويقول: “أصبح هناك أنماط جديدة، وفي نفس الوقت تلك الأنماط مشهورة ومعروفة من قبل فئات كثيرة ومختلفة, لأننا مع الآسف نقضي معظم الوقت على السوشيال ميديا بمختلف تطبيقاتها، وبالتالي عند مشاهدة حياة تلك النماذج يشعر الجمهور المتابع لهم أنهم في نفس العالم الخاص بهم، وكأنه إمتداد للعالم الإفتراضي, وكلها عوامل وأسباب تدفع صناع الفن للنبش في عالمهم, بالإضافة إلى طبيعة النمط نفسه، فهناك نماذج لا تقدم محتوى هادف إنما فقط تفاهات, من أجل الشهرة والمكسب السهل السريع، وهم لمعظم فئات الجيل الجديد مثل أعلى، ومن هنا جاءت فكرة (الأنفلونسر) المؤثر, وفي الماضي كان (الأنفلونسر) غالبا ما كان كاتب أو طبيب أو مفكر, فهم بالفعل النماذج المؤثرة التي تنتج فكر وتفيد الإنسان في سياقات مهمة من حياته، ومن هنا أصبح مؤثرا, لكن ما يحدث الآن شخص يقوم بالرقص على (تيك توك) ويطلق عليه مؤثر، ولا نعلم ما نوع التأثير هنا, وكلها عناصر تفتح شهية الدراما وتجعل من الفكرة جذابة، بالإضافة إلى فكرة ثورة الاستغلال التجاري، فعند تناول حياة تلك النماذج أو الإستعانة بـ(يوتيوبر) أو (أنفلونسر) مشهور يأتي ذلك لضمان استقطاب المتابعين لهم، وبالمناسبة لا يتم ذلك فقط في الأفلام والمسلسلات، لكن في مجالات مختلفة أخرى”.

ويتابع: “عادة من الصعب توجيه صناع الدراما لما يجب طرحه، وهو ضد مبدأ العمل الفني، لأنه من المفترض أنه نتاج تأثر كاتب أو مخرج بقضية معينة من زاوية معينة، فقرر العمل عليها, فمن الصعب تحديد وتوجيه الصناع بعناصر معينة, لكن ننظر إلى الناتج النهائي، وفي رأي إلى الآن الناتج يخلو من التعمق، فمازالت الأعمال سطحية دون دراسة للكثير من النماذج الموجودة التي يفرزها هذا النوع من المهن والناس والأوساط، والتي أرى أنها مادة درامية خصبة، لكن لم يتم دراستها بشكل متقن، بل أخذ منها فقط القشور،مع أنه من الممكن أن تفرز قصص وحكايات أكثر تأثيرا على المجتمع, فنحتاج إلى وقت واهتمام حتى يخرج من مجرد كونه (حلية) إلى قضية يتم التركيز عليها”.

اقرأ أيضًا : نادية الجندي تهنئ جمهورها بـ عيد الأضحى


 

;