فتاوى «زواج القاصرات»

زواج القاصرات
زواج القاصرات

منى ربيع

 لم تشهد مصر اسوأ من فترة حكم الجماعة الإرهابية، والذين كانوا يريدون طول الوقت الحط من قدر وشأن المرأة المصرية، والعودة إلى العصر الجاهلى، فطالبوا بعدم وضع سن محدد لزواج الفتيات حتى يفتحون الباب لزواج القاصرات وناقشوا ذلك ومطالبته في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور المصري، وبالفعل كانت اسوأ فترة طوال حكم الجماعة الارهابية لدرجة أن آخر دراسة بحثية عن تلك الفترة ورصدها لتلك الظاهرة اسمتها بـ» دعارة الأطفال» نظرًا لتشجيعهم على زواج القاصرات والتى لم تتجاوز القاصر الخامسة عشر من عمرها.

«اخبار الحوادث» رصدت تلك الفترة التى واجهتها مصر وكيفية التصدى لها.

 في عام 2012 اشتعلت ازمة كبرى فى مصر وقت حكم الجماعة الارهابية حينما طلب شيوخ السلفية في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور  بإقرار مادة تبيح زواج الفتيات دون تحديد سن معين، وإقرار خضوع سن زواج الفتيات إلى الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى عدم تحديد حقوق الطفل.

وأعلنها ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية صراحة وقتها في برامج االتوك شوب مؤكدًا أن السلفيين في الجمعية التأسيسية مصرون على زواج الفتاة دون تحديد سن مثلما يتم النص عليه في الدستور وهو ما يعرف بـب زواج القاصراتب.

 وأضاف برهامي أنهم فى التأسيسية يرون أن المادة الخاصة بزواج القاصرات هى الحل للحد من حالات الزواج العرفي للبنات الصغيرات، 

مصرًا على أنه يجب إقرار هذا النص الخاص بزواج القاصرات للحد من الزواج العرفي وأنه موافق على زواج القاصرات مشيرًا إلى أنه تم تعديل النص الخاص بالرق لأن الأمم المتحدة تعتبره رقا مخالفا لحقوق الانسان وحول تحديد سن الزواج، رفض ياسر برهامي تحديد سن لزواج الفتاة قائلا: اتتزوج فى أى وقتب وعلل برهامي فتواه الغريبة والشاذة بأن آلاف البنات تزوجن عرفيًا من شباب بحجة أن العائلة ترفض زواجها بمن ترغب لافتًا إلى انه مصمم على أن تكون المادة الخاصة بالشريعة الإسلامية واضحة وصريحة قائلا اإنه يجب النص على ذلك بصراحةب!

لتهاجمه الناشطة الحقوقية المحامية نهاد أبو القمصان في تلك الفترة مؤكدة إن اللجنة أخضعت تلك المادة إلى الشريعة الإسلامية فمثلا سن الزواج للفتيات يتحدد وفق الشريعة، ومن المعروف أن هناك عدة مذاهب في الدين الإسلامي، ومنهم من يقر بالزواج المبكر وهو ما يفتح الباب لزواج القاصرات وهذا الأمر خطير جدا ويتناقض مع المواثيق الموقعة عليها مصر. 

وطالبت بعدم المساس بقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 الصادر بناءً على ما صادقت عليه مصر من اتفاقيات دولية لحقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل عام 1990، والتي تؤكد على تجريم ختان الإناث، ورفع سن الزواج للإناث إعمالا بمبدأ المساواة، ورفع سن المسؤولية الجنائية للأطفال من سن 7 إلى 12 سنة، واستحداث نظام قضائي خاص لمعالجة الأطفال الجانحين.

وعندما تم مهاجمة تلك الفتاوى الغريبة والتى تفتح الباب لزواج القاصرات حاولت الجماعة الارهابية التهرب من تلك الفتاوى والتبرؤ منها حيث اتهم صبحى صالح الاعلام بإثارة تلك الأحاديث وصنع منها جدلا كبيرًا زاعمًا انه تم مناقشة السيدات عضوات الجمعية التأسيسية، وتساءلن عن سبب إخضاع باب الحقوق والحريات لأحكام الشريعة الإسلامية وعندما جاوبنا عليهن اقتنعن بالكلام وأغلق الحديث، أما ما يتفوهون بغير ذلك لا يفهمون بشكل صحيح معنى الشريعة، لأنها أسمى وأرقى من ذلك بكثير.

وأضاف صالح إذا طبقت الشريعة بكل ما فيها فسوف تكون الحصن والضمانة الدائمة لاستقرار الأسرة والحفاظ عليها من العابثين بها، وهذا بالطبع يشمل استقرار الأطفال وتوفير حياة مستقرة وهادئة إليهم!

وبالرغم من محاولة جماعة الاخوان وقتها التبرؤ من تلك الفتاوى كما رددوا إلا انهم كانوا دائما كانوا يحاولون وضع السم في العسل والحديث دائمًا عن الشريعة الاسلامية وانهم يحاولون الاستناد لها في مواد الدستور!

لكن فتاوى الاخوان والسلفية في تلك الفترة أدى لزيادة الظاهرة بشكل ملحوظ طوال عام من حكم الإرهابية، كما رصد المجلس القومى للمرأة فى آخر دراسة بحثية عما سمته بـبدعارة الأطفالب، وفتحت مجالاً لعرض صورة المرأة فى الفتاوى الدينية طوال عام مضى كان هو الأكثر قسوة على المرأة المصرية التى صورتها الفتاوى الدينية بشيطان يجب إقصاؤه عن المجتمع.

التعديل والعقوبة

حيث اكدت الدراسة زواج القاصرات، جهاد النكاحب كانت هى أبرز الفتاوى التى أفتى بها بعض الشيوخ في تلك الفترة مما جعل بعض الأهالى يقومون بتزويج فتياتهن ابتداء من سن 15 عامًا، وبعضهم من أجاز الزواج من سن 9 سنوات؛ حيث أكد المجلس القومى للمرأة فى دراسة رصدت أكثر من مليون طفلة تزوجت فى سن 16 عاماً منذ عام 2011، وزادت بنسبة 22% لعام 2012-2013، كما رصد البيان زيادة نسبة الوفيات بين أعمار الـ 18 عامًا نتيجة للحمل والولادة، وهى الظاهرة التى كانت موجودة بالفعل، وتعرضت لتفاقم ملحوظ بعد الإفتاء بجوازها.

وعلى مدار الاعوام الماضية طالب الداعية السلفي سامح عبد الحميد حمودة، بعدم وضع سن محدد لزواج الفتيات ردًا على محاولة وضع قانون لمنع زواج القاصرات، مؤكدا أنه ليس هناك أي دليل شرعي على منع الفتاة الأقل من 16 عامًا من الزواج.

لكن بالرغم من تلك الادعاءات والفتاوى الغريبة إلا أن الدولة المصرية تسير بخطى واضحة إلى النور حيث وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بشأن حظر زواج الأطفال، للحد من ظاهرة زواج الأطفال والتى كانت سببا من أسباب انتهاك حقوق الأطفال فى المقام الأول والأخير، ناهيك عن مشكلات اجتماعية وأسرية قد تظهر مع مرور الوقت.

ويأتى مشروع القانون تماشيا مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة 20 نوفمبر 1989 والمصادق عليها بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 260 لسنة 1990 بشأن الموافقة على اتفاقية حقوق الطفل والمتضمنة أن الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز 18 عامًا سنة ميلادية، كما أن المادة 10 من الدستور تنص على أن الأسرة أساس المجتمع وقوامها الدين والأخلاق والوطنية وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها.

ونصت المادة 80 من الدستور على أن يعد طفلا كل من لم يبلغ الثامنة عشر من عمره وتعمل على تحقيق المصلحة الفضلي للطفل فى الإجراءات التى تتخذ حياله؛ ولهذا فإن زواج الأطفال جريمة فى حقهم تؤدى إلى آثار سلبية على المجتمع لعدم اكتمال نموهم الصحي المناسب لتحمل تبعات الزواج لأن الطفل سواء كان ذكرا أم أنثى، فى هذه المرحلة العمرية غير مؤهل من النواحى النفسية والثقافية والعقلية والجسدية لكى يتحمل مسئولية تكوين أسرة وتربية أطفال، ويعد هذا اعتداء صارخًا على مرحلة الطفولة، وتدفع المشرع للتدخل لمنع هذه الممارسات الضارة على المجتمع وهو ما دعا إلى اقتراح مشروع القانون المرافق.

وينص مشروع القانون المقدم من الحكومة على: أنه لا يجوز توثيق عقد الزواج لمن لم يبلغ ثمانى عشرة سنة ميلادية، ولا يجوز التصادق على العقد المذكور. 

كما أجاز لذوى الشأن أن يقدموا طلبًا على عريضة إلى رئيس محكمة الأسرة، بصفته قاضيًا للأمور الوقتية للإذن بتوثيق عقد زواج من لم تبلغ ثماني عشرة سنة فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد أرقام (267)، و(268)، و(269) من قانون العقوبات، بعد صدور حكم نهائى بالإدانة.

وأوجب مشروع القانون على المأذون أو الموثق المنتدب إخطار النيابة العامة الواقع فى دائرتها مقر عمله بواقعات الزواج العرفى الذى يكون أحد طرفيه طفلاً لم يبلغ ثمانى عشرة سنة وقت الزواج، والتى تقدم للمأذون بغرض التصادق عليها، مرفقًا بالإخطار صورة عقد الزواج العرفى، وبيانات أطرافه، وشهوده.

ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد على مائتى ألف جنيه، كل من تزوج أو زوَّج ذكراً أو أنثى، لم يبلغ أى منهما ثماني عشرة سنة، وقت الزواج، وتقضي المحكمة على المحكوم عليه إذا كان مأذونًا أو موثقًا أو وصيًا على الطفل بالعزل، وإذا كان وليا عليه بسبب الولاية.

ويعاقب كل من حرض على هذه الجريمة بذات العقوبة، ولو لم يترتب على التحريض أثر، ولا يُعد الطفل مسئولاً مسئولية جنائية أو مدنية عن هذه الجريمة، ولا تنقضى الدعوى الجنائية الناشئة عن هذه الجريمة، بمضى المدة.

كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، و لا تزيد على خمسين ألف جنيه، والعزل، كل مأذون أو موثق منتدب خالف نص المادة (2) من هذا القانون، الخاصة بالإخطار عن واقعات الزواج العرفى الذى يكون أحد طرفيه طفلاً.

اقرأ أيضًا : «معلومات الوزراء» يستعرض مؤشرات زواج القاصرات عالميًا.. وسبل الحد منه


 

;