إنها مصر

كرم جبر يكتب: إنها إرادة الله

كرم جبر
كرم جبر

قال لى ضابط مصرى متقاعد خاض حروب 67 و 73، أنه كان يدخل حجرته ويغلق على نفسه ويبكى بالدموع بعد أحداث يناير 2011 حزناً على مصر العظيمة التى افتداها أبناؤها المخلصون من رجال القوات المسلحة بأرواحهم ودمائهم، ويحاول الصغار والأشرار تدميرها حقداً وغلاً.

كان الأوفياء يذرفون الدموع دماً، وهم يتابعون الكاميرات الأجنبية تعبث فى الشوارع والميادين المصرية، وتبث كل أشكال الخراب والدمار، وكنا « فرجة» للعالم كله يتسلون على مصائبنا، وكنا نسأل أنفسنا : هل هانت مصر على بعض أبنائها وعلى الأشرار إلى هذا الحد؟.

كانت الدماء تغلى فى عروقنا، ونحن نشاهد دولا وأجهزة تخابر أجنبية تتآمر ضد أكبر دولة فى المنطقة، وتحاول السطو على مكانتها وحضارتها وعزتها وكبريائها، بتواطؤ جماعة إرهابية، أرادت أن تختزل شرعية الوطن فى شرعيتها المزيفة.

لم يصدق أحد أن هذا البلد يمكن أن يضيع أو أن يسلم مصيره لجماعة إرهابية ، جاءت لتهدم السمات الأصيلة للشعب المصرى العظيم ، وأهمها حب المصريين لبلدهم والاستعداد للتضحية من اجله .

عاشت مصر ودُفنت فتاوى القرضاوى فى مقابر الخيانة ، وكان قبره بعيدا عن ثراها الطيب ، بعد ان افتى بقتل الضباط والجنود الدين يدافعون عن وطنهم ، وادان المصريون فتاويه الدموية حين امتطى منبر الأزهر، غازياً إخوانياً جاء من كهوف التطرف، مرتدياً ثياب الثعالب، متباكياً على مصر بدموع الذئاب، وكان وجماعته يفضلون مصر الضعيفة المهانة، للمتاجرة بأوجاعها، أما مصر القوية المتعافية مرفوعة الرأس، فهم ضدها على طول الخط ولا يحبونها.

ماذا فعلت مصر للجماعة الإرهابية التى عبأت عقول الشباب بكراهية وطنهم ، ودفعهم إلى ارتداء أحزمة الديناميت، ليقتلوا أبناء وطنهم ،بدلاً من أن تملأ عقولهم بالعلم النافع، ليكونوا مهندسين ومدرسين وأطباء وأساتذة، يخدمون أوطانهم وينفعون أهاليهم، ويطرحون الخير فى كل شبر يسيرون فيه. وفى الوقت الذى كانوا يرسلون الشباب إلى القبور، يبعثون أولادهم إلى الغرب، ليتعلموا فى أكبر جامعاته ويتزوجوا أجنبيات ، ويعملون فى البنوك ويمتلكون الشركات، أما أولاد الفقراء فهم حطب الجهاد، والدماء التى تضخ ملايين فى حساباتهم بالبنوك.

فى احداث يناير كان المصريون جميعاً شهود عيان، على أكبر مؤامرة اخوانية تتعرض لها البلاد فى تاريخها، لنزع هويتها وتاريخها وحضارتها وثقافتها، واستبدالها بدولة المرشد وقوانينه وميليشياته، وكان المصريون جميعاً شركاء فى انتزاع وطنهم من أنياب الشيطان .

وطن عظيم قوامه التسامح والمحبة والتعايش السلمي، واحتواء جميع الثقافات والديانات والحضارات، وليس العنف والقتل والإقصاء والإبعاد.. وكانت إرادة الله فوق أيديهم، وانشقت الأرض عن أوفياء ومخلصين دافعوا عنه.