فنكوش مشروع النهضة.. وهم «الإخوان»

فنكوش مشروع النهضة.. وهم «الإخوان»
فنكوش مشروع النهضة.. وهم «الإخوان»

كثيرة هى الأكاذيب التى أطلقتها جماعة «الإخوان» الإرهابية على مر تاريخها، ولم تكتف الجماعة فقط بأن تدفع أتباعها إلى تصديقها، بل إنها حافظت على وتيرة مستمرة من الإصرار على ترديد الكذبة حتى تصل إلى مرحلة التصديق، عملا  بمقولة جوزيف جوبلز وزير الدعاية فى عهد ألمانيا النازية: «اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس»!!


ورغم أن مسيرة الجماعة حافلة بأنواع شتى من التضليل، لكن يبقى «مشروع النهضة» الإخوانى واحدا من الأكاذيب التاريخية التى لا يمكن أن تتلاشى بسهولة، فالجماعة نفسها حشدت لهذا المشروع دعاية غير مسبوقة على أمل أن تغسل به أدمغة المصريين الذين كان يؤرقهم فى تلك الفترة سؤال المستقبل، فسعى أتباع المرشد إلى مغازلة ذلك القلق بمشروع أثبتت الأيام أنه لم يكن سوى «فنكوش» كبير!


بدأت الكذبة بالتزامن مع إعلان خيرت الشاطر، أحد أبرز صقور الجماعة ترشحه لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية عام 2012، ولأن «الشاطر» ظن أنه «تاجر شاطر»، فقد سعى إلى أن يطلق حملة دعائية تحشد الأنصار، وتغرى المترددين، وتربك الخصوم، واتخذت تلك الحملة مما أطلقت عليه الجماعة اسم «مشروع النهضة» موضوعا لها.
وأطلقت ماكينة الدعاية الإخوانية مدفعيتها الثقيلة لبيع وهم المشروع على نطاق واسع عبر الادعاء بأن ما يقرب من 1000 عالم وخبير ومتخصص قد شاركوا فى إعداده، وأن 16 لجنة استشارية متخصصة قد عملت على صياغته عبر عمل شاق دام أكثر من 15 عاماً، وأن فرق العمل التى أعدته قامت بزيارة أكثر من 50 دولة لنقل تجاربها، وأنه تم التوصل من هذه الزيارات إلى 25 تجربة رائدة فى 25 دولة، حتى يجمع المشروع تجارب النجاح فى كل العالم.


والغريب أن تلك الحملة الدعائية غير المسبوقة، لم تفصح عن بنود محددة من هذا المشروع «الخرافي»، بل اكتفت بترديد أفكار عامة وشعارات براقة، دون التطرق إلى التفاصيل، فالجماعة أكثر من غيرها، تدرك أن «الشيطان يكمن فى التفاصيل»، وأن المشروع «الوهمي» لا يمكن أن يصمد طويلا أمام الفحص العلمي، أو النقاش الجاد من جانب خبراء ومتخصصين لا تعميهم الأيديولوجيا، ولم «يبيعوا» عقولهم وضمائرهم وهم «يبايعون» المرشد على السمع والطاعة العمياء!


والأغرب أنه عندما فشل ترشح الشاطر فى الانتخابات الرئاسية، واستقر الأمر على خوض «المرشح الاستبن» محمد مرسي، استمرت الكذبة مع  «الدوبلير»، واستطاعت الآلة الدعاية للجماعة الإرهابية أن تجد لحنا جديدا لإطالة عمر الكذبة، فجرى الحديث فى تلك الفترة عن أن مشروع النهضة لا يرتبط بشخص بل هو «حلم أمة»، وهكذا خاض «الاستبن» الانتخابات بـ«مشروع النهضة» الفنكوشي!!
والواقع أن ذلك الحلم تحول على أرض الواقع إلى كابوس حقيقى عاشه المصريون كل يوم، وسط حالة من الإنكار المستمر من جانب الجماعة وأتباعها، فجميع المؤشرات الاقتصادية تكشف أن الدولة على حافة الانهيار، وحديث «مشروع النهضة» عن التحول السريع والشامل من اقتصاد ريعى إلى اقتصاد قيمة مضافة، فى إطار مجتمع المعرفة والإنتاج، ومن خلال 100 مشروع قومى تفوق تكلفة كل منها المليار، أثار سخرية وتهكم خبراء الاقتصاد فى تلك الفترة، الذين كانوا يدركون أن من يطرح مثل تلك الأفكار «مغيب عن الواقع»، ولا يدرك حقيقة ظروف الدولة الاقتصادية فى تلك الفترة.
وحديث المشروع عن القضاء على مشكلات الأمن والنظافة خلال المائة يوم الأولى من حكم «مرسي» لم يكن ليصمد أمام جولة واحدة فى شوارع أى مدينة مصرية، فالأمن يتراجع، والجرائم تتضاعف، وأكوام القمامة تحاصر الشوارع، وتفضح عجز الجماعة ومشروعها الزائف.
وبدأت الأصوات تتعالى بالهجوم على «مشروع النهضة»، بل وبدأت شخصيات سياسية تكشف أن كثيرا من أفكاره ومحاوره «مسروقة» من مشروعات سابقة تقدموا بها قبل 2011، ومنهم محور الزراعة الذى تبين سرقته من مشروع للمهندس محمد سعد سلامة عضو مجلس الشورى السابق، ومسجل فى مضابط الجلسات فى 19 يناير سنة 2004 و7 ديسمبر 2006 و6 يناير 2003 و26 يناير 2005.  


الهجوم الواسع، اتخذ بعدا ساخرا يجسد عبقرية المصريين، ويكشف قدرتهم على فضح المزيفين والزائفين، فقد هتف المتظاهرون: «خيرت شاطر حلق حوش مشروع نهضة طلع فنكوش»، وهنا لجأت الجماعة إلى سلاحها القديم المتجدد: «الإنكار والتهرب»!


على الفور خرج مهندس مشروع النهضة خيرت الشاطر ليؤكد فى مقطع فيديو، حقق انتشارا سريعا وهائلا وقتها، أن «النهضة» مشروع «مبدئي» سيخضع لوجهات نظر التيارات السياسية الأخرى، وأنه «فكرة وليس مشروع» وأن «الإعلام هو اللى فهم غلط»!!


وهكذا تحول مشروع النهضة الذى تم ترويجه على أنه أكبر مشروع لبناء مصر، إلى مجرد «مشروع لقيط» جاء نتيجة «غلطة» أو «سوء فهم»، ورغم أن ذلك الاستسهال الإخوانى والاستخفاف بالعقول يعد كارثة فى حد ذاته، إلا أن اقتناع الكثير من أتباع الجماعة إلى الآن بأنه كان هناك بالفعل مشروع للنهضة الإخوانية، وأن «مؤامرة جرت لإفشاله»، هى كارثة أكبر، تؤكد بجلاء أن العقلية الإخوانية تحتاج لفهمها تحليلا نفسيا وليس تحليلا سياسيا!!