عاجل جداً

رسالة إلى شركات الدواء..

غادة زين العابدين
غادة زين العابدين

تهديد غريب تطلقه بعض شركات الدواء بوقف إنتاج بعض الأدوية بحجة وقف الخسائر التى تتعرض لها، وتتلقى لجنة التسعير بهيئة الدواء المصرية ، مئات الطلبات من شركات محلية وعالمية تطالب برفع أسعار بعض منتجاتها لتتمكن من الاستمرار فى الإنتاج، وتقوم اللجنة بدراسة هذه الطلبات لتجنب حدوث أزمات نواقص، خاصة فى الأدوية الحيوية.

الدواء أمن قومى، وسلعة استراتيجية، لا بديل لها ، ولذلك تحرص الدولة المصرية على وضع تسعيرة جبرية له من خلال لجنة التسعير بهيئة الدواء المصرية،

ولكن فى حالة تجاوز تكلفة الإنتاج سعر البيع، تلجأ بعض الشركات للتوقف عن الإنتاج بحجة عدم قدرتها على تحمل الخسائر المالية.
المعادلة صعبة فى سوق الدواء،

بعض الأدوية تتعرض للنقص أو الاختفاء والمريض يعانى فى البحث عن دواء لا بديل له لوقف آلامه

والشركات فى المقابل تهدد بوقف انتاج الأدوية التى تسبب لها الخسارة ، بحجة أن أغلب المواد الخام التى يتم استخدامها فى صناعة الدواء يتم استيرادها من الخارج بالدولار ، حتى الأدوية التى يتم تصنيعها فى مصر.

ورغم أننى أتفهم موقف الشركات والمصاعب التى تواجهها إلا أننى أفهم أيضا أن المصانع المنتجة للدواء لا ينبغى أن تحسبها بـ «الرأس»، فليس هكذا نتعامل مع صناعة الدواء!!

فإذا كانت هناك أدوية قديمة تخسر ، ففى مقابلها أدوية جديدة تكسب، ومئات الأدوية القديمة المعروفة اختفت وظهرت لها بدائل ، فأدوية الكحة التى كانت شائعة فى الثمانينات والتسعينات مثلا، توارت وتراجعت ومعظمها اختفى، وظهرت بدلا منها أدوية أخرى بأسعار أعلى،كما نفاجأ سنويا بظهور عشرات الأدوية الجديدة لنزلات البرد والأنفلونزا والمضادات الحيوية ، ومعظم الأطباء يحرصون على وصف هذه الأدوية الحديثة، إما عن قناعة منهم بجدواها، أو بتأثير وضغط «ناعم» من شركات الدواء المنتجة.

وكما قلت فإن شركات الدواء يجب أن تتعامل مع بيزنيس الدواء كـ «باكيچ»، متكامل، ولا تحسبها بـ «الرأس» ، ليس فقط لأنها قضية أمن قومى ولها أبعاد اجتماعية ، ولكن لأنها بالفعل بيزنيس مربح ، فى دولة تعدادها أكثر من مائة مليون مواطن، أى سوق محلى ضخم، بالإضافة للتصدير حيث من المتوقع ان يصل حجم التصدير لأكثر من 100 مليار دولار خلال خمس سنوات .

لدينا 170 مصنعا لانتاج الدواء ، وصناعة ضخمة يصل حجمها إلى 150 مليار جنيه، لكننا مازلنا نستورد 95% من مستلزمات إنتاج الأدوية من الخارج بالعملة الصعبة، وهو ما يعنى أننا سنظل مهددين بأزمات متكررة فى سوق الدواء، ونقص بعض الأصناف المهمة.

وهذه هى المشكلة الحقيقية ، التى ينبغى ان تتكاتف الشركات لحلها ، معظم مصانع الدواء تركز على تجميع وتعبئة وتغليف المنتج، وربما لو حدثت شراكة بين عدة مصانع كبرى للتركيز على صناعة المواد الخام لكان هذا أفضل لسوق الدواء، وضمانا لعدم تكرار أزمات نقص الدواء، وتطبيقا لرؤية بعيدة النظر فى مستقبل هذه الصناعة.

وهى -بالمناسبة- أزمة لا تواجه مصر فقط لكن تعانى منها دول عديدة مثل تونس واليونان والعديد من دول أفريقيا وخاصة مع أزمات الحروب وارتفاع سعر الدولار .

الأمل الآن فى مدينة الدواء التى تم افتتاحها مؤخرا والتى من أهم أهدافها توفير مستلزمات انتاج الدواء من المواد الخام كحل جذرى للمشكلة بعيدا عن «المسكنات».