«إطلالة نور»

يتيم الأب

محمد هنداوى
محمد هنداوى

كنت أخشي تلك اللحظات طوال سنوات عمري ، أكرهها ، أهرب من التفكير فيها ، لا أتمني حدوثها أو أن أعيشها بأى شكل ، ليس ضعف إيمان حاشة لله أو اعتراضاً علي قضاء وقدر الله ولكنه ضعف النفس البشرية والخوف من فقدان من نحب خاصة إذا كان هذا الشخص هو الأب والأم فمهما طال الزمن فلابد أن يأتي الموت الذي لن يسلم منه أحد، لا نبي مرسل، ولا ملك مبجّل، ولا فقير مذلل .

فالموت تقف أمامه كل المعاني والمشاعر عاجزة عن التفسير أو التساؤل.. ولا يبقى لنا إلا أن نصبر ونحتسب وندعو لفقيدنا بالرحمة والمغفرة ولأنفسنا بالصبر علي هذا القضاء والتسليم والرضا والحمد .

في يوم الإثنين ١٩ يونيو الجاري الموافق الأول من شهر ذي الحجة فقدت أبي حبيبي سندي وقوتي في هذه الدنيا ، وجاءت اللحظات التي كنت أكره حدوثها لأعيش مرارتها وقسوتها دون رحمة بسبب فقدان أبي غفر الله له وأسكنه الله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء يارب ، فالأب نعمة كبيرة في حياتنا ولن يعوض مهما طال الزمن .

كتبت منذ فترة قصيرة في هذا المكان عن أفضال أبي في حياتنا ولله الحمد فأنا أقدر بكل فخر وأتذكر بكل حب ولن أنسى ما فعله وقدمه أبى لى ولأشقائى طوال سنوات عمره من عطاء وجهد وعرق ليوصلنا إلى محطات مهمة فى هذه الحياة الصعبة مع مشقة وصعوبة رحلتها ، فالمشاهد لن تغب عن مخيلتى والتفاصيل لن تموحها سنوات العمر ، مواقف كثيرة لا ولن أنساها لأبى رحمه الله ، فطوال سنوات عمرى أجد نفسى ممتنًا لأبى وشاكراً له على كل ما قدمه لى و لأشقائى لنصمد بقدرة الله أمام أمواج الحياة الثائرة مع اختلافها وتنوعها فى حياتنا الشخصية والعملية والأسرية، أجد نفسى مقدراً لأبي قبل رحيله عن دنيانا و الذى أعطانا كل دعم وسند ومحبة ونصيحة ودعاء بكل حب وخوف علينا مهما تقدمنا فى العمر ، أدعو الله أنه يتغمده برحمته وعفوه ورضاه وأن يطيل الله فى عمر أمى الغالية ويصبرها علي فراق والدي الحبيب .

أتمني أن ندرك جميعاً نعمة وجود الأب والأم في حياتنا .. وأنصحكم ان تشبعوا بكل الطرق منهما سواء بمشاعر أو ذكريات أو كلام وغيرها لأن الموت يأتي فجأة و لا يستأذن أحدًا قبل أن يأخد عزيزاً أو غالي علي قلوبنا.