مدير مشرحة جامعة هارفارد يقود عصابة لبيع الأعضاء البشرية

جامعة هارفارد
جامعة هارفارد

دينا جلال

  فضيحة أخلاقية ومهنية لم يتخيل أحد تفاصيلها غير الآدمية؛ حين فجرت السلطات الأمريكية مفاجأة الكشف عن احدث شبكة تجارة اعضاء بشرية، المتهم الاول في تلك العصابة لم يتوقع أحد نشاطه الإجرامي السري؛ حيث يشغل منصب مدير مشرحة كلية الطب في جامعة هارفارد العريقة ويشاركه نشاطه الإجرامي زوجته وخمسة آخرون لديهم سجل إجرامي تجاهلته السلطات الأمريكية حول تجارة الاعضاء، أثارت القضية فزع الأمريكيين وتنوعت مخاوفهم نحو موتاهم وكذلك نحو مصيرهم المجهول بعد موتهم حيث تتحول أجسادهم او جثثهم التي تبرعوا بها عن طيب خاطر لخدمة الطب والبحث العلمي دون أن يتوقع أحد ان تتحول أجسادهم إلى سلع مليئة بالبضائع البشرية، يتم بيعها لأعلى سعر؛ حيث يجري المزاد على اعضائهم سرًا ويتم تشريحهم وشحن أعضائهم في طرود خاصة عبر خدمة البريد الامريكي.

كشف جيرارد كرم المدعي العام الفيدرالي بوسط ولاية بنسلفانيا عن هوية المتهم الاول في شبكة تجارة اعضاء الموتى لتصدم الأمريكيين نظرًا لكونه مدير مشرحة كلية الطب بجامعة هارفارد، اعتقلت السلطات سيدريك لودج، 55 عامًا، بتهمة الإتجار بأعضاء بشرية مسروقة للموتى، وأعرب المدعي العام في بيان الاعتقال عن صدمته ليصف اعمال تلك الشبكة بسلسلة جرائم غير مفهومة، الضحايا موتى تبرعوا بأعضائهم لخدمة المجال العلمي والطبي، وكشفت لائحة الاتهام أن مدير المشرحة وزوجته دينيز لودج وشركائهما الخمسة متورطون في الاتجار غير المشروع بالرفات البشرية بين عام 2018 وحتى 16 أغسطس 2022 أثناء شغل منصبه لإدارة المشرحة كجزء من برنامج المنح التشريحية بالجامعة.

بيع وشراء وتوصيل                                                                                                                                                                        المتهم‭ ‬سيدريك‭ ‬وزوجته‭ ‬اثناء‭ ‬اقتيادهما‭ ‬للمحكمة 

يواجه مدير مشرحة كلية الطب بجامعة هارفارد تهم متنوعة عبر عريضة اتهام فيدرالية تم رفعها منذ ايام قليلة لتكشف سرقته لرؤوس الموتى وأدمغتهم وجلودهم وعظامهم من جثث قام اصحابها بالتبرع بها قبل موتهم، وأخذ الجثث الى منزله في جوفستاون بولاية نيو هامبشير لتتم عملية بيعها بعد الترويج لها عبر تواصله هو وزوجته مع المشترين والاتفاق معهم عبر الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي، وتعامل المتهم وزوجته بكثافة مع المتهمين كاترينا ماكلين 44 سنة من ماساتشوستس، وجوشوا تايلور، 46 سنة من بنسلفانيا، واشارت اللائحة إلى أن لودج سمح لماكلين وتايلور بدخول المشرحة او منزله لمعاينة الجثث وانتقاء الاجزاء المطلوبة قبل الشراء، ثم يعيد ماكلين وتايلور بيع هذه البقايا البشرية لمشترين آخرين لجني أرباح مادية، وازدادت جرأة المتهم ليلجأ في اغلب الوقت إلى شحن بعض الرفات حتى عبر خدمة بريد الولايات المتحدة دون قلق.

أعربت كلية الطب في جامعة هارفارد عن صدمتها وانزعاجها البالغ بسبب ما حدث في حرمها؛ لتؤكد إنهاء خدمة سيدريك لودج وفصله من عمله، وصف جورج كيو دالي، عميد كلية الطب بجامعة هارفارد في بيان له سلوك لودج بأنه «خيانة مقيتة» و تجاوز أخلاقي، قائلا «نشعر بالفزع عند علمنا بأن امرًا صادمًا للغاية يمكن أن يحدث في حرمنا الجامعي الذي يضم مجتمعًا مخصصًا لشفاء وخدمة الآخرين»، بدأ عمل سيدريك في جامعة هارفارد منذ عام 1995، وأنهت كلية الطب عمله في 6 مايو من هذا العام، وتتعاون الجامعة حاليًا مع السلطات الفيدرالية لتحديد سجلات بيانات المتبرعين ممن تم بيع اعضائهم لشبكات تجارة الأعضاء البشرية، وكذلك أنشأت كلية الطب خطًا ساخنًا لعائلات المتبرعين للوصول إلى المعلومات والدعم اللازم، وبالطبع ثارت حالة من القلق نحو باقى الموظفين لتنفي الجامعة أى شبهات نحو موظفين آخرين يواجهون اتهامات أو يشتبه في ارتكابهم مخالفات نحو هذا الملف.

سجلات إجرامية

كشفت لائحة الاتهام عن هوية المتهمين في نفس القضية وهم لا يقلون خطورة عن استاذ الطب وزوجته حيث يدير المتهمان جوشوا تايلور وكاترينا ماكلين شركة نقل اعضاء موتى بطرق سرية غير مشروعة، وأوضحت لائحة الاتهام دور المتهمين كاترينا وجوشوا: «في كثير من الوقت، استغل المتهم الاول سيدريك لودج منصبه بإدارة المشرحة للسماح لكاترينا وجوشوا وآخرين بدخول المشرحة واختيار ما تبقى لشرائه، ويواجه المتهم ماكلين تهم محددة ببيع رفات الموتى التي يحصل عليها ويتم نقلها الى منزل المتهم الاول مدير المشرحة، ثم يقوم ببيعها لتجار آخرين في الاعضاء البشرية في ولايات متعددة ومنهم التاجر الشهير جيريمي بولي، 41 سنة من ولاية بنسلفانيا.

حددت جهات التحقيق واقعة اخرى وقعت احداثها في أكتوبر 2020 حين ارسلت ماكلين وجهين وجلد تشريحين لبولي مقابل 600 دولار، ليتم استغلالهم في مجال تلوين الجلد وتم دفع المبلغ عبر تحويله الكترونيا، واعتقال المتهم بولي سابقا بتهمة إساءة استغلال جثة وإهانة اعضاء بشرية بالإضافة إلى الإتجار في ممتلكات مسروقة وغسيل الاموال عبر أنشطة غير قانونية حين قام بشراء أجزاء من الجثث تم سرقتها من محرقة جثث في ليتل روك بأركنساس، وشملت بيانات المتهمين كانديس تشابمان سكوت الذي يواجه تهم سابقة بسرقة جثتي طفلين متوفيين كان من المقرر حرق رفاتهما.

أشارت لائحة الاتهام إلى المتهم بولي الذي تولى مهمة بيع العديد من الجثث لباقي افراد الشبكة الإجرامية، وكشف المحققون العثور على خمس حاويات من الاعضاء البشرية اسفل منزل بولي، ضمت أدمغة بشرية وقلوب وكبد وجلد ورئتين، ووصف المدعي الأمريكي جيرارد كرم تلك الجرائم في بيانه قائلا: «بعض الجرائم تتحدى الفهم البشري  حيث تسيئ سرقة الرفات البشرية والإتجار بها الى جوهر ما يجعلنا بشر، والامر الصادم هو تطوع الضحايا بأجسادهم من اجل البحث العلمي وتثقيف المهنيين الطبيين وتعزيز مصلحة العلم والشفاء، وحين يتحول الامر إلى تجارة اعضائهم البشرية بغرض الربح يعد الامر مروع بالنسبة لهم ولعائلاتهم وهو ما يدفعنا لتأمين العدالة لصالح هؤلاء الضحايا»، واشار جيرارد الى كلية الطب كضحية في تلك الواقعة مؤكدًا أن الجامعة تتعاون بشكل جاد في هذا التحقيق وعلق قائلا : «لن تكون هذه المحاكمة ممكنة بدون التعاون الوثيق والعمل الجاد من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، وخدمة التفتيش البريدي الأمريكية لمراجعة عمليات النقل والتوصيل بدقة، وكذلك مكاتب المدعي العام للولايات المتحدة في مناطق متنوعة وخاصة المنطقة الشرقية من أركنساس لنصبح امام تحقيق متعدد الاختصاصات القضائية، ويعمل مكتبنا بكثافة لتحقيق العدالة».

جهات تحقيق متنوعة

تشير القوانين الامريكية إلى أن العقوبة القصوى بموجب القانون الفيدرالي لهذه الجرائم تصل إلى السجن لمدة 15 عامًا، وقد تخضع إلى الافراج عن المتهمين بعد قضاء سنوات العقوبة تحت الإشراف بعد السجن بالاضافة إلى غرامة يقررها القاضي بعد إثبات الإدانة بعد النظر في قوانين الأحكام والمبادئ الفيدرالية حيث تخضع القضية للتحقيقات من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، وخدمة التفتيش البريدي بالولايات المتحدة، وإدارات الشرطة، ومكاتب المدعين العامين في اغلب المقاطعات التي شهدت تلك الجرائم، ويؤكد المحقق المسئول في مكتب التحقيقات الفيدرالي جاكلين ماجواير؛ إن المتهمين انتهكوا ثقة المتوفى وعائلاتهم باسم الجشع، وأن التهم لا يمكن أن تلغي الألم الذي سببته هذه الجرائم البشعة، ومع ذلك سيواصل مكتب التحقيقات الفيدرالي العمل من أجل تحقيق العدالة، ويكشف كريستوفر نيلسن، المفتش المسئول عن خدمة التفتيش البريدي بفلادلفيا تفاصيل شحن اعضاء الموتى عبر البريد قائلا: أعلن المدعي العام للولايات المتحدة اتهاماته ضد العديد من الأفراد الذين استخدموا بريد الولايات المتحدة لشحن رفات بشرية مسروقة، ويعد استخدام بريد الولايات المتحدة لتسهيل سرقة وشحن الرفات البشرية جريمة فيدرالية، وتعهد ببذل خدمة التفتيش البريدي كل ما في وسعها لإثبات تلك الجرائم وإيقاف المزيد عنها عبر جهات إنفاذ القانون والمدعي العام للولايات المتحدة لمنع تكرار تلك الجرائم الصادمة.

اقرأ أيضًا : سلبية اختبار الكحول والمخدرات لمنفذ الهجوم اللاجئ السوري


 

 

 

;