فى الصميم

نحو نظام عالمى.. أكثر عدالة إنسانية

جلال عارف
جلال عارف

الأزمات المالية والاقتصادية التى توالت على العالم فى السنوات الأخيرة، كشفت مدى هشاشة النظام الذى يحكم اقتصاد العالم حتى اليوم، والذى صمم فى الأساس لخدمة الكبار، فكانت النتيجة أن ازداد الفقراء فقرا وتضخمت ثروات الأغنياء وعانت معظم شعوب العالم من آثار نظام يفتقر إلى العدل وإلى الحكمة.

الآن أصبح واضحا أنه لا يمكن للعالم أن يستمر فى هذا الطريق، وأنه لا بديل عن نظام جديد أكثر عدلا يفتح آفاق التنمية أمام شعوب العالم التى تم استنزاف ثرواتها أو تم إسقاطها فى مصيدة الديون.

وفى هذا الإطار تنعقد اليوم قمة باريس بمشاركة الرئيس السيسى لتبحث عن ميثاق عالمى جديد يرسى قواعد نظام مالى أكثر عدلا ويتضامن فيه الجميع من أجل التنمية الحقيقية ومواجهة الفقر والتغيرات المناخية والعمل على إتاحة التمويل المطلوب لمشروعات التنمية بشروط لا تفرضها الحاجة بل الشراكة العادلة.

وقد سبق لمصر فى مؤتمرات دولية عديدة أن أوضحت كيف تعانى قارتنا الأفريقية من غياب العدالة فى النظام الدولى فى ظل عدم وفاء الدول الغنية بتعهداتها. لقد تسببت التغيرات المناخية التى تتحمل   الدول الصناعية الكبرى المسئولية عنها فى الجفاف الذى كان وراء انخفاض الإنتاج الزراعى الأفريقى بأكثر من الثلث!! وتسببت "كورونا" فى خسائر تفوق ١٤٠ مليار دولار.. وكانت نتيجة سنوات الاستثمار والاستغلال أن أفريقيا تحتاج لأكثر من مائة مليار دولار للبنية التحتية و٢٠٠ مليار دولار للتنمية المستدامة.

فى قمة المناخ بشرم الشيخ كان التحرك واسعا من أجل أن تفى الدول الصناعية بالتزاماتها، ومازال الضغط مطلوبا من أجل تعويض الدول الفقيرة عن خسائرها بسبب التلوث المناخى.

ومازال الضغط مطلوبا لكى تفى الدول الغنية بما تعهدت به من تخصيص أقل من ١٪ من دخلها للمساعدة من أجل التنمية. لكن الأهم من المساعدات هو الاستثمار بشروط عادلة والتمويل منخفض التكلفة. وللأسف الشديد مازالت الدول الغنية تستحوذ على معظم الاستثمارات العالمية، ومازالت تستولى على معظم التمويل منخفض التكلفة الذى تتيحه المؤسسات الدولية الكبرى..

ولابد أن يكون كل ذلك محل مراجعة وتصحيح ولعلنا نرى فى قمة باريس بداية التحرك فى الطريق الصحيح.