إنها مصر

الإخوان .. لا عهد ولا أمان!

كرم جبر
كرم جبر

لا عهد ولا أمان لهم، وكافأوا الرئيس السادات الذى فتح لهم أبواب السجون والمعتقلات.. بقتله، يوم الاحتفال بنصر أكتوبر العظيم.

أراد الرئيس السادات أن يعيدهم إلى الحياة كبشر أسوياء، وقرر الإفراج عنهم بعد توليه الحكم وربما أراد أن يبدأ صفحة جديدة مع كل القوى السياسية، أو استقطاب عناصر التيار الدينى لمناصرته فى صراعه مع الشيوعيين والناصريين ومراكز القوى، وأياً كان السبب فقد استغلوا التسامح بالنكران وفتحوا الباب على مصراعيه لتيارات العنف ونافورات الدماء، وانتهت المأساة بقتل السادات نفسه فى المنصة سنة 1981.

كانت غلطة الرئيس السادات أنه ترك نجوم الإخوان يحكمون السيطرة على عقول الشباب.. وتسللوا إلى الجامعات واحتلوا وسائل الإعلام، وكان أخطرهم على الإطلاق عمر التلمسانى الذى خدع السادات وأجهزة الأمن وتجول فى البلاد من أقصاها إلى أقصاها، واستغل صداقته بكبار المسئولين فى الذهاب إلى المؤتمرات التى تعقدها الجماعات الإسلامية.

كان التلمساانى يتمادى فى الهجوم على الدولة بينما يتظاهر برفض العنف، ونفذ بدقة الخطة التى أقرتها الهيئة التأسيسية للإخوان التى انعقدت فى موسم الحج لعام 1975.

نفذ التلمسانى خطة إعادة إحياء تعليمات حسن البنا فى شكل جديد، والسير بالدعوة فى عدة اتجاهات سياسية واقتصادية وثقافية وإعلامية، وظهرت فى أعقاب ذلك المشروعات الاقتصادية الإخوانية وشركات توظيف الأموال التى امتصت دماء المصريين، وتغلغلوا فى الأحزاب السياسية خصوصاً الوفد والعمل.
أما الرئيس جمال عبد الناصر فكان حاسما منذ البداية، ولما أدرك أنهم يريدون الانقضاض على ثورة 23 يوليو، فقرر أن يبادل عنفهم بضربات موجعة.
تصور الإخوان فى البداية أنه يمكنهم اللعب مع الثورة كما لعبوا مع الوفد والإنجليز والقصر والأحزاب، فأيدوا الثورة ولم يختلفوا مع برنامجها أو بيانها الأول، واقتصرت مطالبهم فقط على تعيين بعض الوزراء الإخوان فى حكومة الثورة.

وتصوروا أن شهر العسل يمكن أن يمتد طويلاً لينتهى الأمر بإحكام قبضتهم على البلاد، وأن يحققوا ما فشلوا فى تحقيقه مع الملك والوفد والإنجليز، ولكن سرعان ما انتهى شهر العسل وتحول الود إلى غضب، والنفاق إلى مواجهة، والمناوشة إلى قطع رقاب.

وكانت عملية قطع الرقاب الكبرى التى لن ينساها الإخوان فى عام 1965.

وفى هذا التوقيت خرج سيد قطب من السجن، وكان يقضى عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 15 عاماً، ولكن لم تمض سوى أسابيع قليلة حتى أعاده عبد الناصر للمعتقل مرة ثانية، وكانت التهمة هى التخطيط لقلب نظام الحكم وتخريب البلاد والتخطيط للقيام بسلسلة من الاغتيالات ونسف القناطر الخيرية وإغراق الدلتا والتسلل إلى القوات المسلحة بتجنيد الشباب من ضباط الاحتياط، وتم ضبط شحنة من الأسلحة   وصلت من السودان للتنظيم السرى للإخوان الذى أعيد تشكيله لتنفيذ الانقلاب.

وانتهت المواجهة بالزج بكل قادة الإخوان فى السجون والمعتقلات، مصطفى مشهور وكمال السنانيرى وعمر التلمسانى وأحمد حسين وعبد العزيز عطية ومأمون الهضيبى وشكرى أحمد مصطفى وغيرهم، أما سيد قطب فكان مصيره الإعدام شنقاً.