مقرر اللجنة: تشكيل وعى المصريين جزء أساسى من قوتنا الناعمة

«حقوق الإنسان» تناقش حرية البحث العلمى واستقلال الجامعات

لجنة «حقوق الإنسان» أثناء مناقشة حرية البحث العلمى واستقلال الجامعات
لجنة «حقوق الإنسان» أثناء مناقشة حرية البحث العلمى واستقلال الجامعات

أكد المشاركون فى لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة أن البحث العلمى هو أساس التقدم وتحسين جودة حياة الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة بالدولة، مطالبين بضرورة استقلال الجامعات والمراكز البحثية، فالحق فى التعليم لا يمكن التمتع به إلا إذا كان مصحوبا بالحرية الأكاديمية.

جاء ذلك خلال الجلسة النقاشية الخاصة بلجنة حقوق الإنسان والحريات العامة المندرجة تحت المحور السياسى بالحوار الوطنى لمناقشة تشجيع التفاعل بين الجماعة الأكاديمية المصرية ونظيرتها بالخارج، ومتطلبات حرية البحث العلمى.

وقالت الدكتورة نيفين مسعد مقرر لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة إن الجزء الأساسى من قوة مصر الناعمة هو تشكيل الوعى الأكاديمى للمصريين وغير المصريين، مؤكدة أهمية ما تناقشه الجلسة من الحريات الأكاديمية والبحث العلمى.. مثمنة استجابة الرئيس عبدالفتاح السيسى لتوصيات اللجنة خلال الجلسات الماضية بإصدار قانون حرية تداول المعلومات وإنشاء مفوضية عدم التمييز.

وأوضحت أن مصطلح الحريات الأكاديمية يشمل الحريات المتعلقة بالتدريس والبحث والنشر والتى يمكن تحديدها من خلال عدة مؤشرات، الأول حرية الأستاذ الجامعى داخل قاعة التدريس وحرية الباحث، فهناك اختلاف بين الكليات التى تدرس علوم اجتماعية والأخرى التى تدرس العلوم الطبيعية والعلمية.
وأضافت أن المؤشر الثانى هو إمكانية حصول الاستاذ/الباحث على المعلومات التى تمكنه من إجراء أبحاثه وهذا يندرج تحت ما تم مناقشته من قبل فى جلسة قانون حرية تداول المعلومات، والمؤشر الثالث حق الأكاديميين فى التفاعل مع الجماعة الأكاديمية بالخارج، والمؤشر الرابع هو استقلال الكليات الجامعية، والخامس هو استقلال الجامعات نفسها فيما يتعلق بسياسات اختيار رؤساء الجامعات والكليات.

وتابعت أن مصطلح الحريات الأكاديمية يتقاطع مع الحق فى التعليم وحرية الرأى والتعليم، فلا يمكن التمتع بالحق فى التعليم إلا إذا كان مصحوبا بالحرية الأكاديمية دون تمييز، مؤكدة أن الحقوق والحريات الأكاديمية تتماسك مع عدد آخر من الحريات وهى حرية التعليم والبحث العلمى وتشجيع المؤسسات البحثية وحرية الرأى والفكر.

الممارسات التنفيذية 

أشار أحمد راغب مقرر مساعد لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة إلى إن اولى مخرجات الحوار الوطنى هى إنشاء قانونى حرية تداول المعلومات ومفوضية عدم التمييز، لافتا إلى ضرورة الاستثمار فى حقوق الإنسان ولها جانبان الأول شخصى والثانى لصالح الدولة المصرية والمجتمع، مؤكدا أن أكثر الجلسات حضورا ومشاركة وتوافقًا هى جلسات لجنة حقوق الإنسان والحريات.

وأضاف: أنه فيما يتعلق بالاستثمار فى حقوق الإنسان، فإن أهم مورد للدولة المصرية هو الإنسان، فهناك الكثير من الدول التى أنفقت الكثير من أجل الاستفادة من العقول المصرية، لافتا إلى أن حرية الصحافة من أهم النقاط من أجل جذب الاستثمار والشفافية، مشيرا إلى أن حرية البحث العلمى والحريات الأكاديمية هى حق من حقوق الإنسان ولكنه أيضا عامل مساعد أساسى لبناء قاعدة صناعية وعلمية لمصر.

وقال الدكتور مصطفى كامل السيد مقرر مساعد المحور السياسى إن المطالبة بالحريات الأكاديمية هى مطالبة بإعمال نصوص دستورية وتمكين هؤلاء الأكاديميين من التمتع بحقوقهم، الأمر الذى يقتضى إقرار نص دستورى باستقلال الجامعات وهو ما ينص عليه الدستور.

وأشار إلى ضرورة استقلال تنظيم الأنشطة البحثية والعلمية المشروعة لتفعيل التواصل البحثى مع الجماعات البحثية بالخارج وكل ذلك يندرج تحت بند استقلالية الجامعات.

قواعد منظمة 

وقال نجاد البرعى، عضو مجلس الأمناء، إن هناك إجماعا من قبل المشاركين فى جلسة تشجيع التفاعل بين الجماعة الأكاديمية المصرية ونظيرتها فى الخارج ومتطلبات حرية البحث العلمي، ضمن جدول أعمال لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة بالحوار الوطنى، المنعقد اليوم، على وجود مشاكل تواجه منظومة البحث العلمى.

واقترح البرعي، الانتقال من مسألة السيطرة على المنظومة للإدارة الذاتية، على ان يتم إعادة نظام انتخاب عمداء الكليات، على الأقل للانتقال من المراقبة والشكل إلى الإدارة الذاتية، وما سينعكس على المنظومة من إيجابيات.

وشدد البرعى، على ضرورة الانتقال من مسألة التعديلات الشفوية المتخصصة إلى القواعد الموضوعة للنقاش بشأن الموضوعات البحثية وكيفية ضمان استقلال الجامعات.

المتطلبات الأساسية 

أكد النائب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الانسان بمجلس النواب أن البحوث العلمية تعد من أهم الأدوات التى تستخدمها الدول لتحقيق التقدم والتطور فى مختلف المجالات، فهى تعتبر الأساس لتطوير العلوم والتكنولوجيا والاقتصاد والصحة والبيئة، وتساهم بشكل كبير فى تحسين جودة الحياة للإنسان.. لذلك من هذا المنطلق، لا يمكن تجاهل أهمية البحث العلمى فى مصر وضرورة توفير المتطلبات اللازمة لتحقيقه.

وأوضح رضوان أن مصر تعانى العديد من التحديات التى تؤثر على جودة البحث العلمى فى البلاد، ومن أهم هذه التحديات نقص التمويل والإمكانيات المادية والبشرية، وضعف البنية التحتية للبحث العلمى، وعدم وجود استراتيجيات واضحة لتحسين جودة البحث العلمى. ولتحقيق النجاح فى البحث العلمى فى مصر، يجب توفير مجموعة من المتطلبات الأساسية.

وعن البنية التحتية: يجب تحسين البنية التحتية للبحث العلمى فى مصر، وتوفير المرافق الحديثة للبحث.

وفيما يخص التدريب والتأهيل: شدد رضوان على ضرورة توفير التدريب والتأهيل اللازمين للباحثين والطلاب الذين يرغبون فى العمل فى مجال البحث العلمى، وذلك من خلال تقديم الدورات التدريبية والورش العلمية والمؤتمرات العلمية.

وأشار إلى أن الدعم الحكومى يجب أن تتخذ الحكومة المصرية سياسات واضحة لدعم البحث العلمى، وتوفير الدعم المالى والمادى للباحثين والمشاريع العلمية.

وقال د. جودة عبدالخالق عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى إن الحرية الأكاديمية فى مصر الآن فى حدها الأدنى، فالجامعات والكليات مثل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية لا تستطيع عقد أية فعاليات علمية إلا بالحصول على العديد من الموافقات، الأمر الذى يعوق أى نشاط علمى داخل الكلية.

وأضاف عبد الخالق أن هناك العديد من المعوقات التى تواجه الجماعة الأكاديمية المصرية، فهناك مراكز بحثية لا تستطيع نشر أى بحث، لافتا إلى أنه من أجل أن يكون هناك متابعة لنشاط الجامعات فيجب أولا بحث آلية استقلال الجامعات وهو ما يليق بمكانتها، فالجامعات هى التى تخلق العقل والفكر والوجدان والوطنية، مطالبا بضرورة استقلالية الجامعات والمراكز البحثية.

وبدوره.. أكد معتز خورشيد وزير التعليم العالى والبحث العلمى الأسبق ضرورة دعم الإبداع الفكرى والابتكار واستقلال الجامعات، مشيرا إلى أن الحق فى التعليم لا يمكن التمتع به إلا إذا كان مصحوبا بالحرية الأكاديمية، حيث إن العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ينص على ضرورة استقلال مؤسسات التعليم العالى.

وقال محمد فايد فرحات عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى إننا نحتاج إلى تأهيل مراكز الفكر، بحيث إن مراكز الفكر تعد إحدى التجارب التنموية الكبيرة فى العالم، موضحا أن كل التجارب العالمية لها دور كبير فى مراكز الفكر خاصة فيما يتعلق بصناعة الفكر.

المجال العام 

وتحدث عمرو هاشم ربيع عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، قائلا إن مشكلة الحريات العامة للجماعة الأكاديمية المصرية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمناخ العام ومدى انفتاح المجال العام على اتساع الرأى والرأى الآخر. 

وأضاف أن هناك مشكلات كثيرة تواجه العمل الأكاديمى فى مصر وتواجه أساتذة الجامعات أيضا، حيث إن أساتذة الجامعات تعانى التضييق بالتحرك والسفر، وكذلك باستضافة وفود واستقدام أساتذة من الخارج، يتم التعامل معهم بالكثير من التعقيدات فى الإجراءات والمتطلبات.

وفى السياق ذاته .. أكد الدكتور أشرف الشيحى وزير التعليم العالى الأسبق، أن الصورة ليست قاتمة مثل ما قال المتحدثون بشأن التمويل والتضييق على الجماعة الأكاديمية، مضيفا:» نحن فى الكليات العملية ليس لدينا مشكلة فى حرية ممارسة أبحاثنا، ماعدا الميثاق الأخلاقى الخاص بكل كلية مثل عدم إفشاء أسرار المرضى وغيرها.

وأوضح الشيحى أن مصر مستهدفة بتدمير الاسرة التى تعتبر أساس المجتمع، مشددا على أهمية وجود ضوابط للحفاظ على ذلك ومنعه، فالباحث لا يجرم بفكره لكنه يجب أن يتمتع بالنضح الفكرى والمسئولية  الكافية بعدم الخوض فى موضوعات تسبب مشاكل.

وأكد الشيحى أن ٤٤٪ من الابحاث المصرية المنشورة فى الخارج تمت بالمشاركة مع علماء أجانب مما يؤكد أننا لسنا منغلقين بهذا الشكل كما أشار المتحدثون، مضيفا»: ولكن نحتاج لمزيد من الانفتاح، والضوابط ليست عيبا ولكن حماية للأمن القومى، وقلق عادى ،محذرا من تحوله لقلق مرضى يتسبب فى التضييق على الباحثين.

القيود والعراقيل

وقال طارق الخولى وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب إنه وفقا للمادة ٢٣ من الدستور التى تنص على أن الدولة تكفل حرية البحث العلمى لتحقيق السيادة الوطنية، لافتا إلى أنه خلال العقود الماضية كان يتم التعامل مع البحث العلمى على أنه من الكماليات.

وأوصى بإمكانية وضع استراتيجية وطنية للبحث العلمى، ودراسة إنشاء وزارة منفصلة للبحث العلمى ولو لفترة محددة، وتعظيم دور وزارة الهجرة فيما يتعلق بزيادة إسهام الباحثين المصريين المتواجدين بالخارج، وتعظيم دور الدولة فى إبرام اتفاقيات التعاون الأكاديمى فيما يخص التكنولوجيا والبحث العلمى.

وأشار وليد نصر عضو حزب الدستور وممثل الحركة المدنية إلى أنه من الصعب الفصل بين حرية البحث العلمى، وحرية تداول المعلومات، وكل من حرية الفكر والرأى والتعبير، وحرية الصحافة والنشر، والإبداع، والمساواة، وعدم التمييز، وكلها حقوق تم النص عليها بالدستور.

 وأكد نصر أن حرية البحث العلمى تحتاج إلى نظام حكم ديمقراطى، وإرادة سياسية فى حالة عدم توفر هذا النوع من الأنظمة.

 وأوضح نصر أنه  توجد العديد من المشاكل التى تواجه البحث العلمى والحريات الأكاديمية فى مصر، وطرح توصيات حزب الدستور للمساعدة فى حل هذه المشاكل، مثل تحقيق استقلال الجامعات والمؤسسات البحثية ، وتوفير مناخ ملائم للبحث العلمى ودعم الباحثين، وأولها منع التدخل الأمنى فى الشأن الأكاديمى بالجامعات، وتوقف إدارات الجامعات عن التدخل فى حق الأساتذة الجامعيين فى تناول ما يرونه من موضوعات، داخل قاعات التدريس والمحاضرات، ووضع أسئلة الامتحانات، بالاضافة الى التوقف عن التفتيش فى الميول السياسية والدينية للأساتذة الجامعيين والباحثين، مع ضرورة إصدار قانون ينظم الحق فى الاطلاع على الوثائق والمستندات.

 وطالب بزيادة نسبة الإنفاق على البحث العلمى بحيث لا يقل عن النسبة التى نَصَّ عليها الدستور.