في الماضي القريب، تحديدا في الربع الأخير من الألفية الماضية، وهي الفترة التي شهدت تقديم أهم الأعمال التلفزيونية الخالدة في أذهان وقلوب الجمهور في مصر وكل العالم العربي، كانت أغلب الأعمال التي تقدم تحمل قضايا وموضوعات هامة، وكان أهم كتابها وفي مقدمتهم “أسامة أنور عكاشة، وحيد حامد، محسن زايد، محمد جلال عبد القوي، محمد صفاء عامر، يسري الجندي.. وغيرهم”، ولديهم فكر وقضايا اجتماعية تشغلهم ويسعون إلى طرحها في أعمالهم، ويهدفون بالتأكيد إلى وصولها للجمهور وتحقيق النجاح، لكن لم يكونوا يفكرون في ما يريده الجمهور، وما يمكن أن ينجح معهم، أو التوليفة الجماهيرية حتى يقدموها، بل يفكرون في قضية أو ظاهرة اجتماعية ما، ويبدعون في صياغته وتناوله بشكل صادق وجهد وإهتمام بكل تفاصيله، وكان دائما تحقق أعمالهم نجاحا مبهر، أو لم يكن أحد هولاء المبدعين يفكر في استغلال نجاح عمل ما وتقديم جزء ثاني منه، إذا لم يكن مخطط من البداية لتقديم جزء ثاني لهذا العمل، لهذا لم نشاهد مثلا أجزاء ثانية لمسلسلات حققت نجاحا جماهيريا تفوق الأعمال التي تقدم حاليا، وبدون السوشيال ميديا واللجان الإلكترونية، رغم أن أحداثها ونهايتها كانت تحتمل تقديم أجزاء أخرى، مثل “ضمير أبلة حكمت، الراية البيضاء، أنا وأنت وبابا في المشمش، أرابيسك، النوة” لأسامة أنور عكاشة، و”البشاير” و”العائلة” لوحيد حامد، و”ذئاب الجبل” و”الضوء الشارد” و”حلم الجنوبي” لمحمد صفاء عامر، و”نصف ربيع الآخر” و”حياة الجوهري” لمحمد جلال عبد القوي، وأعمال أخرى عديدة لأهم كتاب الدراما، لكن لم تقدم أجزاء أخرى منها، رغم نجاحها الجماهيري الضخم، لأنه لم يكن مخطط لذلك منذ البداية، أما الآن، فبمجرد نجاح أي مسلسل - حتى وإن كان لا يحمل أي قضية أو هدف سوى إرضاء الجمهور - فإن صناعه يسعون على الفور لتقديم جزء جديد، لإستغلال النجاح الجماهيري، ولا يفكرون إطلاقا في سؤال أنفسهم “هل يتحمل هذا العمل تقديم جزء جديد منه أم لا؟”، ولا يحاولون السعي وبذل الجهد لتقديم موضوع جديد، بل يفضلون اللعب في المضمون، لأنهم يدركون أنهم لا يسعون لتقديم عمل مهم يحمل أي قضية، أنما يسعون للنجاح الجماهيري فقط، وتحقيق “التريند” على حساب أي شيء آخر.