أم كلثوم.. عبدالوهاب.. وحكاية الكراسة الزرقاء

عبد الوهاب - أم كلثوم
عبد الوهاب - أم كلثوم

 

في غرفة عبد الوهاب المزدحمة بالزوار، وباقات الزهور، وعلب الحلوى، والمارون جلاسيه، كانت أم كلثوم تتردد عليه ويتحدثان معا بصوت خافت عن أول لحن، وافترقا على أن يبحث كل منهما عن الكلمات.

حيث كان أحمد شفيق كامل يعرض كل أغنية يكتبها على مسامع عبد الوهاب الذي اعتاد أيضا ألا يسجل ألحانه الجديدة في بيته إلا بحضور أحمد شفيق كامل وهو يجلس أمامه صامت لا يتكلم ولا يتحرك ولا يسعل، ولا تصدر منه حركة واحدة تدل على وجوده.

اقرأ أيضًا| حكاية «اتيكيت الوقاحة»

وفي أحد المرات عرض أحمد شفيق كامل كلمات أغنية "أنت عمري" التي أراد أن يستنير برأيه فيها، خلع عبد الوهاب نظارة التلحين، ولبس نظارة القراءة، وأخذ يقرأ مرة ومرات "رجعوني عينيك لأيامي اللي راحو" ثم كتبها بخط يده وبعث بنسخة لأم كلثوم، والتي طالبت بتعديل بعض الكلمات.

وبقي السؤال كيف حصل الصحفي والكاتب الكبير جليل البندري على هذه الأغنية. وقام بنشر خبر وانفراد بها على صفحة جريدة اخبار اليوم عام ١٩٦١.

حيث قال انه علم من أحد مصادره الخاصة أن عبد الوهاب مشغول بتلحين اول أغنية لأم كلثوم، فأخذ يتردد عليه لبضع ليال بقصد السؤال عن صحته، وخلال تلك الزيارات نما إلى علمه أن عبد الوهاب يكتب أغانيه بخط يده في كراسة محاضرات زرقاء قديمة، ونجح في الحصول عليها وأخذ يقرأ فيها، ورأى قصيدة "لاتكذبي"، التي سجلها لنجاة، وأغنية كل حاجة لعبد الحليم حافظ، ولفت نظره وهو يقلب في الكراسة أغنية "أنت عمري"، التي لم يسمع عنها أحد ووجود بعض التعديلات التي طرأت عليها وكانت قد طلبتها أم كلثوم.

واستكمل البنداري قائلا: وما إن رآني عبدالوهاب وأنا اقرأ هذه الأغنية تظاهر بأنه لم يراني حتى لا يلفت أنظاري اليها، وبعد قليل ازدحمت الغرفة بالزوار، وانشغل عبد الوهاب مع حليم في حديث هامس، فقام البنداري وتوجه إلى الحمام ومعه الكراسة الزرقاء، وقام بنقل أبيات الأغنية كلمة بكلمة، ثم عاد إلى مكانه وشاهد عبد الوهاب لايزال مشغولا بالحديث الهامس، ولم يراه وهو ذاهب أو أثناء عودته.

تملكت الحيرة من البنداري بعد أن شعر بأن هذه الأغنية لها أهمية خاصة عند عبد الوهاب.
قرر السفر إلى أم كلثوم في رأس البر، لكن هو يعرف جيدا بأنها ذكية ولبقة ولم يخرج منها بخبر واحد، حيث أثناء لقاءاتها مع الصحفيين تحصل منهم على كل الأخبار ولا يحصلون منها على كلمة واحدة.

قرر البنداري أن يوفر تكاليف السفر لأنه يعرف النتيجة مقدما، وتردد على منزل عبد الوهاب، وتذكر أن اسم أم كلثوم مكتوب بالقلم الرصاص بخط يد عبد الوهاب أعلى الصفحة.

أخذ يصول ويجول، وتملكه الفضول الصحفي، حتى تأكد من أن مؤلف الأغنية هو أحمد شفيق كامل، وسارع بنشر خبر في جريدة أخبار اليوم عن أول لحن لعبد الوهاب مع أم كلثوم، واتصل ٣ رؤساء تحرير بعبد الوهاب يسألونه  عن حقيقة هذا النبأ فأجابهم بأنه صحيح.

وقال له إحسان عبد القدوس: لقد كنا نتهمك بالوسوسة أما في هذا اللحن بالذات فكلنا نطالبك بالوسوسة.

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم .