طرائف إستيفان روستي مع رفيق مشوار الضحك والدموع

صورة موضوعية
صورة موضوعية

عندما تُوفى الريحانى امتلأت الصحف والمجلات بمقالات الرثاء من أقلام كبار الكتاب والسياسيين والفنانين ومن بينهم صديق عمره الفنان إستيفان روستى الذى كتب رثاء بعنوان «صور خاطفة من حياة الريحانى.. فسفور وفيتامين بقرش» يقول فيه : «كنا نعمل فى أيام فاقتنا وبوهيميتنا فى مسرح الشانزليزيه بالفجالة، كنا نمثل ونعد المناظر ونحمل الأخشاب والديكور على أكتافنا، وفى نهاية العرض نجلس مع صاحب المسرح لنتحاسب على إيراد الليلة، فيُخصم أجرة المسرح وإيجار الأثاث، وما تبقى يوزعه علينا وعلى عزيز عيد وأمين صدقى وروزا اليوسف فباقى الممثلين والكومبارس، وبعد فراغنا من تمثيل رواية «يا ستى ما تمشيش كده عريانة» خصنى أنا ونجيب من الإيراد مبلغ ثلاثة قروش، فخرجنا نطوف بالشوارع لنملأ بطوننا الجائعة بهذا المبلغ، واتفقنا على أكلة فول مدمس جامدة تعاوننا على النوم، ذهبنا إلى مطعم الفول، وبينما كنا نهم بالدخول استقبلتنا متسولة عجوز تجر بيدها طفلا وتحمل آخر على كتفها، الكل يبكون ويطلبون الإحسان والعشاء فما إن رآهم الريحانى حتى قطب وجهه وأخرج من جيبه قرشين وأعطاهما للمرأة ثم أخذنى من ذراعى وهو يقول: «الغلابة دول أحق منا بالأكل.. تعالى نتعشى جوافة بقرش صاغ وتأكد أنها أقوى من الفول ألف مرة دى كلها فيتامين وفسفور» !. واتفقنا يوماً على العمل مع صاحب مسرح فرحب بنا قائلا: «اتفقنا.. اتفضلوا تعالوا من بكرة اشتغلوا».. فنظر إليه الريحانى نظرة شك وريبة قائلا: «ازاى هنشتغل من غير عقد»، فقال الرجل: «ما تخافوش احنا متفقين بعقد شفوى» فقال نجيب: «يفتح الله يا أخينا دى آخر مرة اشتغلنا بعقد شفوى قبضنا اجرتنا شفوى، وكانت الأجرة يعلم بها الله» ! ولما فتح الله على نجيب وكون لنفسه فرقة خاصة، حضر إليه ذات ليلة بعض الكومبارس، وقالوا له: «مش يصح يا أستاذ نجيب لنا أكل حقيقى فى مشهد المطعم علشان نقنع الجمهور»، فقال لهم ولم تكن حالته المالية تسمح باستحضار طعام حقيقى «من عينى دى وعينى دى هقدم لكم أكل حقيقى، وهقدم لكم سم حقيقى فى مشهد الانتحار» !


كان معنا خمسة جنيهات فقال نجيب: أنا عايز أعمل الخمسة دول عشرة فى البلياردو فقلت بلاش جنون هتضيع الفلوس، فأجاب: «ما لكش دعوه.. أهو فريستنا جاى» وأشار إلى يوسف وهبى بك وأكمل «اطمن ما بيعرفش يلعب زينا» وبدأت المباراة وحمى وطيس اللعب الذى انتهى بتشطيب يوسف وهبى على كل ما فى جيوبنا، واضطررنا إلى أن نقترض منه أجرة العربة» !

إستيفان روستى

« الكواكب» 1949

اقرأ أيضا | في ذكرى وفاة نجيب الريحاني.. لقطات من حياة «الضاحك الباكي»