قراءة فى نتائج برلمان كويتى جديد| ربع المجلس من الوجوه الجديدة واتجاه للتهدئة مع الحكومة

صورة أرشيفية برلمان كويتى جديد
صورة أرشيفية برلمان كويتى جديد

بالأمس استمرت عمليات الفرز فى انتخابات مجلس الأمة الكويتى ساعات الليل كاملة حتى ظهرت النتائج الأولية ليصبح السؤال المطروح ما هو مستقبل الحياة السياسية فى الكويت وهل تنتهى مرحلة التأزيم السياسى ويكمل المجلس مدته القانونية؟ ونستعرض هنا مجموعة من المؤشرات التى يمكن فهم طبيعة المشهد السياسى القادم على ضوء النتائج المعلنة والتى حملت العديد من المفاجآت ونتوقف عند بعضها.

أولا : شهدت الكويت منذ معارك التحرير فى فبراير ١٩٩١ ثلاثة عشر برلمانا لم يكمل سوى ثلاثة فقط مدتهم كاملة وتم حل ٧ مجالس قبل اكمال المدة الدستورية المقررة كما تم إبطال ثلاثة مجالس خاصة ودعونا نشير إلى حقيقة مهمة ان المجلس المنتخب حديثا هو الثالث خلال عامين ونصف منذ تقلد الشيخ نواف الاحمد الجابر الصباح منصب أمير البلاد فى أواخر سبتمبر ٢٠٢٠. 

الاولى فى الخامس من ديسمبر ٢٠٢٠ والذى تم حله مرتين الاولى فى أغسطس ٢٠٢٢ بعد انسداد افق التسوية السياسية بين المعارضة والحكومة اعتصام عدد من النواب داخل البرلمان للمطالبة برحيل الرئيسين الحكومة صباح الخالد الحمد الصباح  والامة مرزوق الغانم واستجاب الامير الى مطالب النواب وأعلن فى خطاب ألقاه عنه ولى العهد الشيخ مشعل الاحمد الجابر الصباح حل المجلس والدعوة الى انتخابات عامة وكلف نجله الشيخ احمد نواف الاحمد الصباح برئاسة الحكومة والمرة الثانية بعد ما أبطلت المحكمة الدستورية  فى ١٩ مارس الماضى انتخابات مجلس ٢٠٢٢ بسبب بطلان مرسوم الحل واعادت مجلس ٢٠٢٠ وقوبل القرار برفض شديد من المعارضة فاستجاب الامير إلى مطالبهم وقام بحله فى ابريل الماضى وقال الامير يومها عبر ولى العهد ان قراره جاء انتصارا لإرادة الشعب وجرت الانتخابات الاخيرة بصورة كشفت عن توجه من الناخب الكويتى بإحداث تغيير حقيقى فى تركيبة المجلس وهو ما سنتحدث عنه بالتفاصيل. 

اقرأ أيضًا|خريطة سياسية جديدة في الكويت بعد تشكيل الوزارة

ثانيا: شهدت الانتخابات إقبالا من الناخبين ووصلت النسبة الى حوالى ٤٩ بالمائة على عكس كل التوقعات حيث زاد الاقبال فى ساعات الاقتراع الاخيرة بعد انكسار حدة الحرارة وحرص كثير من الناخبين والناخبات على قطع اجازاتهم والعودة للمشاركة فى الانتخابات مع قدرة المرشحين على الحشد وتوفير كل الامكانيات لتسهيل عمليات المشاركة. 

ثالثا: كشفت النتائج عن انتكاسة جديدة لتمثيل المرأة فى مجلس الامة بعد أن خسرت مقعدا من المقعدين فى المجلس السابق ونجحت فقط جنان بو شهرى بعد خسارة عضوة المجلس السابق عالية الخالد بعد ان شهدت قوائم الترشيح عن وجود ١٣ سيدة والغريب ان المرأة تمثل أكثر من ٥٣ بالمائة من القاعدة الانتخابية ولعل ذلك يعود الى عزوف السيدات على إعطاء اصواتهم للمرشحات مع تفضيل الرجال فى هذا المجال.  

رابعا : لعل مفاجأة النتائج كانت فى نسبة التغيير الملحوظة والتى تجاوزت حوالى ٢٦ بالمائة بوجود ١٣ نائبا جديدا لم يسبق لهم الحصول على عضوية المجلس رغم صعوبة المنافسة مع وجوه تقليدية حيث شارك فى الترشح  ٤٧ مرشحا من أعضاء المجلس السابق وعدم ترشح ثلاثة فقط بالإضافة الى ١٤ عضوا من مجلس ٢٠٢٠ المنحل مرتين و١١ مرشحا من مجالس سابقة مع عودة لعدد من الوجوه التقليدية.

خامسا : تفاوتت نسب نجاح الكتل السياسية بين من نجح فى الحفاظ على نوابه كما هم ومن تراجع مثلا الحركة الدستورية الاسلامية حيث حافظت على مقاعدها بثلاثة مقاعد وهو نفس ما حدث مع التيار السلفى نجح ثلاثة من التجمع الاسلامى السلفى اما تجمع ثوابت الامة السلفى فله مرشح وحيد هايف المطيرى نجح هو الآخر وتراجع تمثيل الشيعة ايضا بعد ان كان لهم تسعة نواب على نفس المسالة جاء التمثيل القبلى والذى شهد تراجعا محدودا اربعة من قبيلة العوازم وثلاثة من قبيلة الراشدية ومثلهم من المطران واربعة من العجمان. 

سادسا : لعل الخاسر الاكبر فى الانتخابات والذى يمثل مفاجأة مزلزلة لم تكن متوقعة كان مرزوق الغانم الذى أصيب بهزيمة كبيرة رغم نجاحه فقد كان يطمع فى رئاسة المجلس وحظه شبه معدوم خاصة مع السقوط الذريع لعدد من المرشحين الذين كان يعول عليهم لتشكيل تكتل يقود به المعارضة مما فتح الطريق امام  اختيار احمد السعدون بالتزكية وفقا لكل المراقبين لرئاسة مجلس الامة وهو فى نهاية الامر صاحب تاريخ طويل فى العمل البرلمانى يجيد المعارضة البناءة دون صدام ويعرف متى يدعم الحكومة ومتى يعارضها.  وهكذا فان الانتخابات كشفت عن مزاج مختلف للناخب الكويتى نجح فى اختيار نواب يمكن ان يحافظوا على استقرار التجربة على عكس كل ما كان يتم الترويج له بأن عمر المجلس الحالى محدود منع البعض من خوض تجربة الترشح والحفاظ على جهده وامواله للانتخابات القادمة ويبدو من كل المؤشرات انها ستتأخر لتدخل الكويت مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي.