تصيب المرضى بتورم وحروق.. ومضاعفات العلاج خطيرة

«حساسية الشمس».. عدو البشرة في الصيف

كريمات الكورتيزن الحل لعلاج الالتهابات الشديدة
كريمات الكورتيزن الحل لعلاج الالتهابات الشديدة

يعانى كثير من الأشخاص فى فصل الصيف مشاكل جلدية مزعجة بسبب التعرض لأشعة الشمس الحارة، ما يصيبهم بالطفح الجلدى والالتهابات المؤلمة، وقد يكون الأمر عارضا نتيجة التحسس من الشمس ويختفى من تلقاء نفسه، وقد يكون مرضًا مزمنا يُعرف بـ«حساسية الشمس»... ما الذى يحدث للجلد نتيجة حساسية الشمس؟ وماذا عن طرق العلاج؟ هذا ما تناقشه «آخرساعة» فى هذا التحقيق مع عدد من المصابين بحساسية الشمس والأطباء المتخصصين.

تحكى أميرة مشكلتها مع حساسية الشمس، حيث تقول إنها فى بداية ظهور هذه الحساسية لديها كان عمرها 19 عامًا، حينما لاحظت إصابتها بحبوب صغيرة تظهر على يدها بمجرد تعرضها للشمس تزداد معها حالة من الحكة المزعجة يصاحبها تورم وألم، واعتقدت أنها تحدث بسبب تفاعل بشرتها مع نوع من الأكسسوارات التى ترتديها، وظلت فى محاولات لعلاجها سواء بتبريدها بالماء أو عن طريق وضع الكريمات المرطبة لكن بدون جدوى، وحينها تأكدت أن الأمر مرضى خاصة بعد تطوره وأصبح يظهر فى الوجه أيضا فى منطقة الحاجبين وإحداث حالة من الاحمرار والتورم الشديد بمجرد التعرض لأشعة الشمس أو حتى الهواء الساخن «الصهد» ولو لمدة 5 دقائق فقط.

تحدثت أميرة مع المختصين حول حالتها وتأكدت أنها مصابة بحساسية الشمس والحل هو وضع الكريم الواقى من الشمس باستمرار لتجنب وصول الأشعة لبشرتها، لكنه لم يحدث أى تأثير معها وكان الحل الوحيد هو وضع الكريمات التى تحتوى على الكورتيزون فقط، وهذه معاناة أخرى لأنه قد يسبب لها أعراضًا ومضاعفات خطيرة بمرور الوقت، لكن لا أمل لها غيره، فضلا عن أنه لا يصلح للاستخدام أثناء فترة الحمل أو الرضاعة، لذا فهى تأمل فى وجود علاج آخر أقل ضررًا ويأتى بالنتائج المرجوة.

◄ حروق شديدة
أما والدة الطفل زين البالغ من العمر 8 سنوات، فتقول إن معاناة طفلها مع حساسية الشمس مزعجة لدرجة خطيرة، فهو ممنوع من التعرض للشمس فى أوقات الظهيرة تماما، مما يجعله يمتنع عن اللعب والحركة مثل بقية الأطفال خاصة على شاطئ البحر، فأقصى مدة يمكن أن يتعرض لها للشمس يجب ألا تزيد على ساعة واحدة يوميًا فى الفترة من السادسة حتى العاشرة صباحًا، ومن الرابعة حتى السابعة مساءً، وإلا يبدأ جسده بالكامل فى التحول للون الأحمر وبعدها ينقلب إلى آثار حروق وتورمات شديدة.

أما منى فتؤكد أن حساسية الشمس من أكثر الأمراض المرهقة لها طوال فصل الصيف، فهى تعانى منها بشكل يومى أثناء الذهاب للعمل والعودة للبيت، حيث يتحول كف يدها للون الأحمر ثم يتحول اللون إلى درجة أغمق، كما تحدث لها التهابات بالوجه وتورم فى منطقة الجفون وأعلى الحاجبين، وتتضاعف المشكلة مع تقشُّر الجلد مما يجعله أضعف وأكثر عرضه للإصابة بسهولة. وتقول إن العلاج الذى نصحها به أطباء الجلدية هو وضع كريم الكورتيزون لمدة لا تزيد على 5 أيام، ما يجعلها تبحث عن طرق بديلة وأفضل ما وجدت هو جِل الصبار الطبيعى الذى يهدِّئ من حدة الأعراض.

◄ «حساسية الشمس».. عدو البشرة فى الصيف

◄ حساسية فيزيائية
من جانبه، يوضح الدكتور أمجد الحداد، رئيس قسم المناعة والحساسية بالمصل واللقاح، أن حساسية الشمس أحد أنواع الحساسية الفيزيائية وتعنى أن فيزياء الجسم تكون مرتبطة بالتغيرات الخارجية من حرارة وبرودة ومياه ويحدث لها نوع من التحسس من مختلف الأجواء على مدار العام وليس فصل الصيف فقط، فكما يوجد حساسية من الأجواء الحارة هناك من يتحسس أيضا من الطقس البارد.

والأشخاص المصابون بحساسية الشمس يحدث لهم تحسس للأجزاء غير المغطاة فى الجسم فقط، ويكون ذلك فى شكل احمرار وحكة شديدة والتهاب، وفى أحيان أخرى يظهر الجلد بشكل حروق، وهذا يحدث نتيجة زيادة نسبة الهيستامين بالجسم فى حالة التعرض للشمس، لذا تزيد المعاناة فى الصيف لطول فترة التعرض للشمس مع ارتفاع درجة الحرارة.

◄ اقرأ أيضًا | كيف تحمي نفسك من أشعة الشمس الضارة في الصيف؟

◄ «ماكياج بير السلم» وعلاج غير المختصين يجعل الحالة أسوأ

فيما تؤكد الدكتورة شاهندة أحمد رامى، باحث واستشارى الأمراض الجلدية بالمركز القومى للبحوث، أن الإصابة بحساسية الشمس ليس شرطا أن تكون مرضًا وراثيا أو تصيب الشخص فى سن محددة، لذا لابُد من التشخيص الصحيح من قبل أطباء الجلدية وعدم اللجوم لبعض المتخصصين فى البشرة فقط، لأنه يمكن أن تظهر الحساسية فى شكل لون داكن للبشرة، وينصح البعض بإجراء بعض العمليات التى تقشر الجلد وتخلصه من الجلد الميت للمساعدة على تفتيح لون البشرة، ما يزيد الأمر سوءًا ويصعب علاج الالتهاب فيما بعد.

وتشير إلى تعدد أنواع حساسية الشمس، فمنها ما يظهر على شكل حبوب أو احمرار أو التهاب وحروق بالجلد، أو فى شكل مرض الحزاز الشمسى الذى يعد أحد أنواعها لكنه نادر الحدوث وأعنف من الأنواع الأخرى، وقد يكون بسبب عامل وراثى وهو مرض يصيب الجلد فى شكل حبوب صغيرة يصاحبها حكة شديدة ثم تتغير فيه الحبوب للون الداكن وتترك أثرا ذا لون أسود بالجلد، ولابُد من اتباع نظام علاج مع الطبيب المختص وعدم السماع للاجتهادات الأخرى التى يصفها البعض.

وأوضحت أن حساسية الشمس ليس لها أسباب واضحة، ولكن هناك بعض العوامل التى قد تكون سببا فى زيادتها فى بعض الأحيان، كعدم شرب كمية كافية من الماء مما يفقد البشرة الرطوبة اللازمة لإعطاء الجلد المرونة والحماية من أشعة الشمس، وأيضا ضعف مناعة الجسم أو كآثار جانبية لبعض الأدوية التى تزيد من حساسية البشرة للشمس، فضلا عن أن البشرة الحساسة تكون أكثر عرضة بسبب ضعف درجة الحماية بها، وهناك أنواع أخرى للبشرة تكون طبيعة الخلايا الصبغية بها نشطة جدا وعند التعرض للشمس أو حدوث التهاب يتحول به الجلد سريعا للدرجة الداكنة.

◄ الكلور والماكياج
ومن العوامل الأخرى التى قد تؤثر فى البشرة وتصيبها بحساسية الشمس، التعرض لنسبة عالية من الكلور فى حمامات السباحة، مما يحدث تفاعلا مع أشعة الشمس فوق البنفسجية ينتج عنه الإصابة بحبوب واحمرار فى الأماكن غير المغطاة بالجسم، وكذلك هناك بعض أنواع مستحضرات التجميل وخاصة مجهولة المصدر، قد تحدث أنواع من الالتهابات عند تفاعلها مع الشمس مما يسبب هذه الحساسية، لذا يجب أن يكون الإنسان على دراية بطبيعة الجسم ووقايته من الأمور التى تضره.

وأضافت الدكتورة شاهندة: يعتقد البعض أن حرارة الشمس غير المباشرة أو كما يطلق عليه «الصهد» هو سبب فى الإصابة أيضا، والحقيقة أن للشمس أنواعا كثيرة ومختلفة من الأشعة التى تصل جميعها للأرض طوال فترة سطوعها، فحتى إن كان الجو غائما فهناك نوع من الأشعة يصل للجسم ويسبب الإصابة بحساسية الشمس، ولكن تعد الأشعة فوق البنفسجية هى أكثر الأنواع الصريحة التى تصل للبشرة ولها فائدة كبرى فى تحفيز عمل فيتامين «د» بالجسم، لذا لابُد من التعرض لها لكن بفترات قصيرة حتى لا تؤذى البشرة.

وشددت على أهمية أن يكون العلاج تحت إشراف الطبيب، واتباع البروتوكول الصحيح الذى يبدأ باستخدام كريمات مضادة للالتهاب ثم كريمات الكورتيزون، وقد ينصح الطبيب باستخدام الكريمات البديلة التى تعمل على امتصاص التهاب الشمس لكنها ليست بقوة الكورتيزون، وفى حالة حدة الإصابة يتم اللجوء للعلاج الفموى عن طريق علاج الملاريا الذى وُجد أن له دورا فعالا فى التقليل من حساسية البشرة للشمس، لذا يمكن تناوله فى الحالات المتطورة لكن تحت إشراف الطبيب لتحديد الجرعات اللازمة وتجنب المضاعفات والأعراض الجانبية.

◄ الأطباء: لا توجد سن محددة للإصابة.. والوقاية خير من العلاج

◄ الوقاية
ولأن الوقاية خير من العلاج، فعلى مريض حساسية الشمس اتباع كل الطرق التى تقى البشرة من الإصابة قدر الإمكان وذلك من خلال التأكد من استخدام واقٍ شمسى طبى بمعامل حماية لا يقل عن 50 درجة، وأن يتم تطبيقه على البشرة والأماكن الأخرى المعرضة للشمس قبل الخروج من المنزل بنصف ساعة مع إعادة تجديده كل ساعتين خاصة فى حالة التعرض لنسبة كبيرة من الشمس طوال النهار، كما ينبغى شرب كمية وفيرة من الماء، تناول الخضراوات والفواكه الطازجة لمساعدة الجسم على المحافظة على الماء بداخله وتحسين نسبة الكولاجين فى الجلد مما يزيد قدرته على حماية نفسه من العوامل الخارجية، وأيضا تناول الأطعمة التى تحتوى على مضادات أكسدة مثل وجبات السمك مرتين فى الأسبوع وتناول مكملات فيتامين «د»، وأخيرا اتباع روتين مناسب للبشرة والتأكد من تنظيفها ليلا من جميع الشوائب ووضع الكريم المرطب قبل النوم، أما فى الصباح فيكتفى بغسل الوجه فقط ووضع واقى الشمس بدون اللجوء لأى مستحضرات أخرى كالتى تستخدم لتقشير الجلد حتى لا يتم تفتيح المسام ويجعله أكثر عرضة للتأثر بالعوامل الخارجية، محذرة من استخدام منتجات البشرة التى تحتوى على فيتامين سى نهارا لأنه يتأكسد سريعا مع أشعة الشمس ويحدث تصبغات فى البشرة.