التعديلات تستخدم الضريبة لتحقيق بعد اجتماعي

تعديلات رسم التنمية تنحاز لمحدودي الدخل.. الزيادة تشمل الكافيار والسيمون فيميه

الكافيار والسيمون فيميه
الكافيار والسيمون فيميه

■ كتبت: أسماء ياسر

وافق مجلس النواب على تعديلات رسوم تنمية موارد الدولة، والتى تضمن زيادات رسم التنمية على بعض السلع والخدمات الترفيهية، وهى الزيادات التى تنحاز لمحدودى الدخل، حيث لا تمس السلع الأساسية للمواطنين من محدودى الدخل، بل تقتصر على بعض المنتجات غير الأساسية كالكافيار والسيمون فيميه، والبن المحمص فقط، ولذى يمثل 12% على الأكثر من البن المستورد، بما يسهم فى تحفيز صناعة إعداده للبيع كمنتج نهائى فى مصر، أما كافة أنواع البن والتى تمثل أكثر من 87%من البن المستورد لن تخضع لرسم التنمية، كما لا تخضع أيضا لأى ضريبة جمركية «زيرو جمارك ورسوم». 

ولم تمس التعديلات الأجهزة والسلع المعمرة والمشروبات الغازية وأدوات التجميل والبارفانات، وكذلك لم تفرض أى زيادات فى رسوم التنمية على السينما والمسرح، باستثناء الأفلام الأجنبية المستوردة بالدولار فقط التى تم فرض ٥٪ عليها، كما أن زيادة الأوبرا والباليه لا تتجاوز ٥ جنيهات لكل 100 جنيه، كما أن الحكومة تعفى جميع أنواع العروض التى تطلب وزارة الثقافة إعفاءها، وقد تمت زيادة رسوم التزلج على الجليد وحفلات الغناء والديسكو من جنيه إلى ٢٠ جنيهًا كحد أدنى.

أما رسوم مغادرة الأراضي المصرية فقد كانت ٥٠ جنيهًا منذ عام ٢٠٠٤ دون استثناء أحد بمن فيهم السياح الأجانب وكانت تعادل ١٠ دولارات، والحكومة رفعتها إلى ١٠٠ جنيه تعادل ٣٫٢٥ دولار، مع إعفاء السياح الأجانب من هذه الزيادة فى محافظات القاهرة، والجيزة، والبحر الأحمر، وجنوب سيناء، والأقصر، وأسوان، ومطروح؛ تشجيعًا للسياحة.

كما لم تشهد وثائق التأمين على الحياة فرض أى رسوم إضافية للتأمين على الحياة، بينما هناك ١٪ فقط زيادة فى قيمة القسط على التأمينات الأخرى بحيث تتحمل الشركة50% وتخصم من الوعاء الخاضع للضريبة، ويتحمل المؤمن له الـ50% الأخرى.

ويرى المحاسب القانونى أشرف عبدالغنى رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية أن تعديلات رسم التنمية تهدف إلى الموازنة بين المفقود من الحصيلة الضريبية المطلوبة من مصلحة الضرائب والمطلوب تعويضه من الحصيلة الضريبية، فقد تضمنت تعديلات ضريبة الدخل زيادة حد الاعفاء الضريبي الى 36 ألف جنيه سنويا، ويستفيد من هذا الاعفاء محدودو الدخل بواقع اعفائهم من الضريبة عما يعادل 3 آلاف جنيه شهريا، وهو ما يكلف الموازنة العامة للدولة تنحو 10 مليارات جنيه خلال العام المالى القادم، تمثل نقص حصيلة المرتبات» كسب العمل» بسبب رفع حد الإعفاء السنوي، ولذلك كان من المفروض اجراء تعديلات ضريبية لتعويض هذا الفقد فى الحصيلة الضريبية، بما لا يؤثر على محدوى الدخل، لأن زيادة رسم التنمية على بعض السلع غير الأساسية مثل الكافيار والسيمون فيميه لن يكون له تأثير على محدودى الدخل، كما أن زيادة رسم أقساط التأمين بخلاف التأمين على الحياة- يعطى فى نفس الوقت مادة مشجعة، وهى أن الشركات لها الحق فى خصم 50% من القسط من مصاريفها، خاصة أنها بجانب التأمين العادى الحكومى تندرج تحت بند مزايا عينية للموظفين، وهى التى تعطى للموظفين معاشا اضافيا أو مكافأة نهاية خدمة اضافية لمساعدة أصحاب المعاشات الصغيرة.

وأضاف عبدالغني: ونحن كجمعية نرى أن هذه التعديلات تحقق التوازن بين جزء من الحصيلة المفقودة، وبين جزء من الحصيلة المطلوب تعويضها خلال الفترة القادمة، خاصة أن هذه التعديلات تهدف إلى مساندة محدودى الدخل، ونؤكد أننا نؤيد جميع الخطوات التى تسعى الى تخفيف الأعباء الضريبية عن محدودى الدخل، أو ما يمكن تسميته باستخدام الضريبة لتحقيق بعد اجتماعي، فزيادة المبالغ المعفية من الضريبة لمحدوى الدخل تعتبر نوعا من أنواع المساندة لهم، كدور اجتماعى اقتصادى للضرائب فى حياة المواطنين، وهو ما يتم من خلال بنود لا تؤثر على المواطن العادى وبين اعفاءات تحقق استفادة له، بالتالى فإن تعديلات رسم التنمية مقبولة لتحقيق التوازن المطلوب.

ويقول د. عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أن التعديلات التشريعية التى أقرها البرلمان بشأن تعديل رسوم التنمية وضريبة الدمغة وبعض أحكام قانون ضريبة الدمغة بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة الهدف منها زيادة إيرادات الموازنة العامة للدولة، وتقليل اللجوء إلى الاقتراض، ومواجهة تمويل الإنفاق المتزايد على برامج الحماية الاجتماعية العديدة التى تنفذها الحكومة والتى يستفيد منها ملايين المصريين، والتى ستزيد فى الموازنة العامة خلال العام المالى القادم، حيث سيزيد حجم الدعم من ٣٥٨ مليار جنيه إلى ٥٢٩ مليار جنيه، بزيادة تتجاوز 41% وأيضًا مواجهة الأعباء المالية التى ستتحملها الدولة نتيجة زيادة الإعفاء الضريبى ليصبح ٣٦ ألف جنيه سنويًا، والذى سيحمل الموازنة العامة زيادة فى الإنفاق تصل الى ٩ مليارات جنيه.

وأكد السيد أن الحكومة ترى أن هذه التعديلات ستوفر التمويل المطلوب لتلبية احتياجات أجهزة الموازنة على جانب الإنفاق، وضمان قدرتها على تحقيق مستهدفاتها، حيث تهدف الحكومة إلى تطوير منظومة الإيرادات العامة وإجراء بعض التعديلات على بعض القوانين الضريبية لزيادة موارد الخزانة العامة للدولة، لصالح توفير التمويل المطلوب لتلبية احتياجات الإنفاق العام، خاصة برامج الحماية الاجتماعية، مثل مباردة «تكافل وكرامة» التى تحتاج 6 مليارات جنيه لزيادة عدد الأسر المُستفيدة من 2.5 مليون مواطن إلى 5.1 مليون أسرة، أى نحو (25 مليون مواطن مصرى)، لافتًا إلى أن هذه الزياده قد تؤدى إلى زيادة فى أسعار بعض السلع، وقد يستغلها بعض التجار لزيادات غير مبررة لأسعار بعض السلع، لذلك الأمر يحتاج تشديد الإجراءات على الأسواق وفرض عقوبات أكثر صرامة.

◄ اقرأ أيضًا | ننشر تفاصيل الزيادة الجديدة في الضرائب على الكافيار وحفلات الغناء

وأوضح السيد أن هذا القانون أحدث جدلا فى الشارع المصري، رغم أن هناك عددا من الدول تطبقه منذ سنوات، كما أن الحكومة ارتأت إلغاء البنود الخاصة بالسلع الأساسية التى تمس حياة المواطن بشكل أساسى، وجعلته مقتصرا على السلع الترفيهية وسلع أغلبها غير أساسية، مؤكدًا أننا نحتاج أيضًا لحلول أخرى تهدف إلى زيادة إيرادات الموازنة العامة، وذلك من خلال ضم الاقتصاد غير الرسمي، وجذب مزيد من الاستثمارات، والتوسع فى طرح الشركات فى البورصة المصرية، والاستغلال الأمثل لموارد الدولة، وزيادة حصيلة السياحة، بالإضافة إلى زيادة الصادرات المصرية من خلال الاستغلال الأمثل للاتفاقيات التجارية الموقعة مع العديد من الدول، وفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية من السلع والخدمات، وأيضًا تطوير وإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال وجعلها أكثر فاعلية.

وفى نفس السياق أشار د. أحمد شوقي الخبير المصرفي وعضو الهيئة الاستشارية لمركز مصر للدراسات الاقتصادية إلى أن التعديلات التى وافق عليها مجلس النواب بشأن رسوم تنمية موارد الدولة لمجموعة من السلع غير الأساسية تهدف إلى زيادة موارد الدولة، والتى تركز على السلع الكمالية والرفاهية ذات الأسعار العالية والتى لا يتم تداولها من خلال المواطنين محدودى ومتوسطى الدخل، فضلًا عن إمكانية دعم تلك الرسوم ما تستورده الدولة من سلع أساسية يحتاجها محدودو ومتوسطو الدخل، وهى لا تمس السلع الأساسية للمواطنين من محدودى الدخل، وبالتالى تساهم فى تقليل عجز الموازنة بشكل نسبي، والزيادة المفروضة سيكون لها دور فى تقليل استيراد حجم السلع الرفاهية، كما تساهم فى احتواء السيولة فى السوق، فضلًا عن استخدام السيولة فى دعم نمو الناتج المحلى الإجمالي، وزيادة إنتاجية السلع الأساسية بشكل مباشر من خلال استيراد مستلزمات إنتاجها.

وأكد شوقي أنه يجب الحفاظ على عدم المبالغة فى تسعير المنتجات، وزيادة بعض الأسعار بشكل غير مبرر، لذلك نحتاج إلى تفعيل منظومة الرقابة الشاملة على دورة نشاط السلع، بدايةً من استيراد السلع الأساسية وحتى خروجها من المصانع وبيعها فى منافذ البيع، كما يجب تغليظ تنفيذ العقوبات بشكل سريع على التجار المبالغين فى تسعير المنتجات والسلع، وتكثيف الحملات التموينية على منافذ البيع، والاستجابة السريعة لشكاوى المواطنين من أى تعاملات احتكارية للسلع وبلاغات التسعير غير السليم للسلع وذلك لاحتواء معدل التضخم واستمرارية معدلات التشغيل والإنتاج.