الأم: رفض دفع الإيجار وتعدى على أبنائي من ذوي الهمم

جريمة بسبب «الإيجار القديم»

جريمة بسبب «الإيجار القديم»
جريمة بسبب «الإيجار القديم»

آمال فؤاد

خلافات ومشكلات الإيجار القديم نستطيع أن نفهمها جيدًا؛ فهي أزمة عمرها عقود طويلة وكم من مشاجرات تنتهي لا بالصلح بل بتحرير محاضر في النيابة وتصل للقضاء، لكن في هذه الواقعة كان الأمر مختلفًا كل الاختلاف؛ الأزمة أن الخلاف هذه المرة بين المستأجر والمالك؛ بسبب رغبة المستأجر في تحرير عقد إيجار جديد له بعد وفاة والده ورفض المالك لهذا الإجراء؛ لسنا طرفًا – بالتأكيد في هذا الأمر – فمكانه هو ساحة القضاء خاصة وأن مشكلات اٌلايجار القديم لا تزال محل البحث والدراسة قبل صدور قانون من المشرع ينصف الطرفين؛ ولكن ما يجب أن نتوقف عنده؛ هو قيام المستأجر بالتنمر على أولاد المالك وهم من ذوي الهمم، والأم هي سيدة عجوز تبلغ من العمر «70 عامًا»، أسرة تكاد تجد قوت يومها بالكاد والاسم أنهم أصحاب «ملك»، الواقعة مثيرة وقضية التنمر التي تعنينا في المقام الأول وصلت للقضاء وأصدر فيها حكمه العادل، وإلى البداية حيث التفاصيل نحكي ما جرى داخل بيت قديم بحي شبرا الخيمة.
 

نحن أمام واقعة ضد الإنسانية والأخلاق مهما اختلفت دوافعها؛ أن تدافع عن وجودك في شقة والدك فهذا حقك، خاصة وأن المستأجر هنا متزوج ويعول أطفالا ولا مكان له أن ترك شقة والده يذهب إليه وسط الأسعار المرتفعة للشقق التمليك، ولكن أن يتنمر على ثلاثة أبناء شاء القدر أن يأتوا الى الدنيا مصابين بضمور في العضلات وعاجزين عن الحركة فهذا شيء مرفوض تمامًا؛ تلفظ بالكلمات الموجعة والاستهزاء والتهكم والسخرية من اعاقتهم بالضمور في العضلات الذي يعوقهم عن الحركة،وكأن هذه الإعاقة هم لهم فيها يد.
إيذاء نفسي ومعنوي

التقينا الأم وتحدثنا معها عن الأسباب والنزاع القائم بينها ونجل المستأجر، وكيف تم التعدي عليها وعلى أبنائها الثلاثة الشباب من «ذوي الهمم»؟!، وما هي أصل وكواليس المشكلة من البداية؟، وكيف يتسبب الايجار القديم في كثير من المشكلات بين المالك والمستأجر؟!

الام المغلوبة على امرها حكت لنا تفاصيل المأساة التي تعيشها وأبناؤها الثلاثة، اسمها سماح ،ع 70 عاما، كانت في حالة يرثى لها من البؤس والحيرة، ملامحها تشكو قلة حيلتها والدموع تنهمر من عينيها، ربما خائفة من أن يأتيها ملك الموت يومًا تاركة أولادها تتلاطمهم الحياة، يعيشون في كابوس من بعدها وهي الأم والأب لهم؛ فهي لا تزال تتذكر بأسى أن أحد أبناء مستأجر قديم يقيم في العقار المملوك لها، تسبب في دخول ابنها الأوسط في نوبة رعاش وحجزه في احدى المستشفيات بسبب عدم قدرته على رد إهانة أمه من قبل هذا الشخص الذي لم يراعِ كبر سن الأم، وما يسببه من إيذاء نفسي ومعنوي لها ولأبنائها الثلاثة المعاقين ومن «ذوي الهمم»، الذين يعانون من ضمور في العضلات، وهذه الأم العجوز هي من تقوم على رعايتهم وتدعو الله بأن يمد لها في العمر حتى تؤمن لهم مستقبلا آمنًا لا أكثر ولا أقل تتمناه هذه الأم، خاصة وانها في حالها وتكره المشكلات، وان السكان بالعقار جميعهم تربطهم بها علاقات طيبة، إلا هذا الشاب دائمًا ما يقوم بالتعدي اللفظي عليهم بالكلام والالفاظ الجارحة ويسخر من إعاقة الأبناء، ويعايرهم على انهم عاجزي الحركة، ولا يستطيعون أن يفعلوا معه أي شيء لانهم لا حول لهم ولا قوة؛ يسمعون إهانتهم ولا يستطيعون الرد فقط يكتفون بالبكاء تجنبًا للمشكلات معه؛ كل هذه الأفعال المشينة لان الأم رفضت تجديد عقد الايجار باسمه بدلا من والده بنفس القيمة الايجارية، ليس هذا فقط وإنما حررت الأم محضر تنمر وسب وقذف ضد هذا المستأجر ووصلت القضية إلى المحكمة التي عاقبته أولا بتغريم المتهم عشرة آلاف جنيه عن التهمة الأولى مع النفاذ والمصاريف وهي السب؛ حيث قالت المحكمة هنا أن المتهم وجه ألفاظا تخدش الشرف والاعتبار علانية على النحو المبين في الأوراق، وفي التهمة الثانية وهي التنمر بالحبس ثلاث سنوات بتهمة مع الشغل والنفاذ وغرامة 100 ألف جنيه، وقالت المحكمة في حيثيات حكمها هنا؛ «حيث ان التهمة ثابتة قبل المتهم من محضر الضبط متضمنًا ما جاء بوصف النيابة؛ حيث أن المتهم لم يحضر ولم يدفع التهمة بدافع مقبول ينال من ثبوتها في حقه».
25 عامًا

وكما ذكرت الأم انها تعيش في هذا العقار منذ اكثر من 25 عاما مع  زوجها الذي كان يعمل موظفًا بإحدى الشركات، وقد جاءه والد هذا الشاب المقيم بالعقار وقتها واستأجر الشقة بعقد ايجار قديم، وعاش فيها سنوات طويلة، ثم تركها لنجله واشترى الأب شقة في مكان أخر لكي يقيم بها بعد زواجه مرة أخرى، وعقب ذلك حاول الاب تجديد العقد القديم باسم نجله، ولكن زوج الأم رفض، وبعد وفاة زوجها قبل 9 سنوات جاء الاب المستاجر الأصلي مرة ثانية بصحبة نجله  اليها وابنائها الورثة، واراد أن يجدد العقد باسم ابنه، لكن الأم رفضت؛ فبدأ المستأجر يمارس عليهم كل طرق المضايقات حتي وصل الامر الى حد التنمر بابنائها وهم من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ بالتعدي عليهم بالسب والشتم والالفاظ المهينة بغرض إخضاعهم؛ لتجدبد عقد الايجار بنفس القيمة الايجارية القديمة، وأكدت الأم أن النزاع بينهم طال وامام تطاوله عليهم بالسب وخوفا منه لم تخاطر بنفسها أوأولادها ومع تكرار إهانته اضطرت الأم العجوز تحرير محضر ضده بالتنمر، وكان من نتيجة هذا أن أصيب احد أبنائها بحالة تشنج عصبي بسبب عدم قدرته على الدفاع عن أمه،وعسى الأم أن توقفه عند حده خاصة وأنها لم تجد من يقف مدافعًا عنها، إلا القانون والقاضي الذي لاذت به.
وكما قال نجلها «وليد»الذي يبلغ من العمر30 عاما؛ انه يعاني هو وأشقاؤه من مشكلات  صحية، ضمور في العضلات تعوق حركتهم، وتقوم والدتهم المسكينة على رعايتهم ورغم كل ذلك يحمدون الله على كل  شيء فهم لا يملكون من أمرهم شيئًا، يعيشون داخل العقار الذي تركه والدهم لهم بعد وفاته منذ 9 سنوات، وهو مكون من 8 طوابق به 12 شقة، يتقاضون منه شهريًا 2000 جنيها فقط، ورغم قلة الإيجار؛ يسكن إحدى شققه مستأجر يعكر صفو حياتهم، امتنع عن دفع الايجار بعد وفاة والده، قبل أن يجددوا العقد القديم له بدلا من والده، لكنهم رفضوا وعقب ذلك ظل يتوعد لهم ويسبهم بشكل مستمر بعد رفضهم تجديد العقد له بالنظام القديم،ما دفع الأم الى رفع قضيد طرد له لامتناعه عن دفع الإيجار، وقضت المحكمة للمدعية بفسخ العقد وطرد نجل المستأجر ولكن المدعي عليه استأنف الحكم ولا تزال القضية متداولة في المحكمة.

وإن كانت تتبقى لنا كلمة في النهاية فهي؛ في ظل تزايد مثل هذه المشكلات والتي تصل في نماذج كثيرة منها إلى حد وقوع المشاجرات والتي تنتهي في بعضها بارتكاب جرائم قتل؛ ألم يكن من الأولى ضرورة إدراج هذا الملف المهم والحساس وهو الايجار القديم علىأولويات نواب البرلمان؛لأهمية تعديل القانون والوصول الى حلول ترضي طرفي النزاع، الملاك والمستأجرين ولكي لا يقع ظلم على الطرفين معًا.
 


 

 

 

;