عمرو جلال يكتب: «شُراب» العلاقات المصرية الكورية 

عمرو جلال
عمرو جلال

نعم، هي كما قرأتها "شُراب" بضم الشين وتعنى بالفصحى جوارب، وهي التي نرتديها رجالًا ونساءً. بالأمس تلقيتُ ذلك "الشُراب" هديةً، وكانت هي الأغرب والأعجب في حياتي الصحفية. وقبل أن تعرف سبب تلك الهدية، أريد أن أحدثكم أولاً عن صاحبها الذى قام بإهدائها…ذلك الرجل هو سفير كوريا الجنوبية بالقاهرة هونج جين أووك!!

القصة بدأت بالأمس عندما دعى السفير عددًا كبيرًا من أصدقائه ورجال الصحافة والإعلام لحضور حفل وداع و انتهاء مهمته الدبلوماسية بعد ٣ سنوات قضاها سفيرًا لبلاده في مصر. ولأول مرة، أرى حفل وداع سفير يتم بتلك الطريقة، فالموضوع يتم في الغالب بصورة تقليدية للتعبير عن التقدير والاحترام للسفير الذي يغادر منصبه بعد فترة من الخدمة الدبلوماسية في الدولة المضيفة…برتوكول غالبًا ما يتم في أضيق الحدود، لكن هذا السفير غير تقليدي، ولم يكن يتركوه يغادر هكذا دون وداع حار.

لأول مرة، أرى شبابًا وفتياتٍ مصريَّاتٍ حضرن الحفل يبكين حزنًا على فراق هذا الرجل. سبب كل ذلك أن مستر هونج لم يكن دبلوماسيًا عاديًا، فقد صنع لنفسه شعبيةً كبيرةً في مصر بسبب تقاربه مع المصريين وبفضل التفاعل الإيجابي الذي حظي به من الجمهور، وحرصه على الاهتمام بالثقافة والعادات والتقاليد المصرية والإسلامية. فنراه يصوم في رمضان، ويأكل على مائدة شعبية في المطرية، ومرة أخرى يقف مع فتاةٍ مصريةٍ تبيع الطعام الكوري في الشارع، ثم يعزف الأغاني المصرية ويتحدث العربية، ويشارك ويدعم العديد من الفعاليات الثقافية والفنية وغيرها من الأمور غير المصطنعة التى تحول معها   إلى "ترند" في العديد من المناسبات.

أما الهدية العجيبة، فقد تلقاها كل المدعوين في نهاية حفل وداع السفير، وتم وضعها داخل صندوق ورقي صغير…المفاجأة كانت على وجه الجميع…الهدية لم تكن سوى "شُراب" أبيض مطبوع عليه تميمة تُمثِّل مصر وكوريا. البعض بالتأكيد قد يكون قابل الأمر بالضحك وآخرون بالسخرية، لكن لم تكن تلك بالنسبة لي سوى هدية ذكية من دبلوماسي غير تقليدي يريد أن يوصل رسالة عميقة بطريقة غايةً في الإبداع والخروج عن المألوف لترسخ في الأذهان….الرسالة هى مصر وكوريا مثل قدمين في جسد واحد، لا يمكن أن تنفصل علاقتهما مهما كانت التحديات…. اليوم نودعك، معالي السفير هونج، وأتمنى لك حظاً موفقاً في مهمتك التالية. لن ننساك، لقد تركت بصمةً إيجابية في العلاقات بين البلدين، وسيظل اسمك مرتبطًا بالذكريات الجميلة لدى المصريين الذين عاشوا تجربة التعامل معك كسفيرٍ وعاشقٍ للفن.