أحمد عبد الناصر يكتب | «الغيرة القاتلة»

الكاتب أحمد عبد الناصر
الكاتب أحمد عبد الناصر

«رغد العيش ليس في مال تكتسبه، إنما رغد الحياة في رضا القلب» .. محمد شاب في الثلاثين من عمره لم يملك مال ولكن أمتلك قلب كبير، تعلم وحصل علي شهادات عليا لكنها لم تنفعه في مجتمعه، فظلم الحياة جعلته يعمل في غير تخصصه،  ورضاه بما قسمه الله له من عمل جعله راضي بما يعمل. 

عمل محمد في مجال بيع وشراء الأشياء البسيطة مثل جمع الروبابيكيا، وذات مساء أطلت دهب من شرفة منزلها، وهى فتاة في العشرين من عمرها، تنادي على جامع الروبابيكا بعد أن سمعته ينادي من يريد أن يببع أشياء قديمة يملكها ولا يحتاجها، نادت دهب عليه، فانتظرها حتى نزلت له وكان في يدها جهاز تدفئة متهالك تريد أن تبيعه له، فسر الشاب من جمالها وحسن أدبها، وسألها عن والدها، فأخبرته أنه متوفي وأمها بلغت من العمر أرذله.

وقع محمد في حبها من أول نظرة، تزوجها وأنجبت له حور، وبعد عدة أعوام، أصيبت دهب بمرض أدى لوفاتها ولم تبلغ حور عشرة أعوام بعد. 

أصبح محمد بالنسبة لحور الأب والأم والصاحب وكل شيء، غمرها بالحب، لم يحرمها من شيء طلبته حتي أصبحت حور ابنه العشر سنوات فتاته المدللة. 

وفي يوم عاصف نزل الأب لعمله يبحث عن أشياء مستعملة وقديمة ليشتريها، وإذا به يجد طفلة في ذات عمر ابنته حور فاقدة الوعي، يغمر وجهها الدماء، ففزع من هول المنظر وجري بها لأقرب مستشفي، بعد إجراء الفحوصات والرعاية اللازمة لها أخبره الطبيب أنها تعرضت لحادث وفقدت ذاكرتها، فلم يجد محمد خيار أمامه غير أن يأخذها لتعيش معه. 

غارت حور من تلك الفتاه التي اسموها لين من معاملة والدها لها وكثرة هدايا الأب للطفلة لين، وأرادت حور أن تنتقم من تلك الطفلة التي أخذت مكانها في قلب والدها لسنوات،  وفي إحدي الأيام خرج الأب لعمله وترك الطفلتين في البيت وحدهما، وقلب حور يملؤه الكره والحقد والرغبة في الانتقام من لين، فكرت حور سريعا كيف تتخلص من لين.

فقامت حور بوضع سم الفئران في طعام لين، وبعد أن أكلت لين طعامها شعرت بمغص وألم شديدين في معدتها، وبدأت تصرخ، وعلى غير عادة الأب رجع في هذا اليوم باكرا بعد أن رزقه الله من واسع رزقه، فعاد مسرورا يحمل الهدايا ل حور ولين، وعندما فتح الباب وجد لين هامدة على الأرض، حملها مسرعا للمستشفي وأجري لها الطبيب غسيل معدة وأخبر الأب انها تعرضت لحالة تسمم، فزع محمد من كلام الطبيب، لكنه قال في نفسه أنا سبب كل هذا، فلم أدرك غيرة ابنتى حور من حبي لطفلة أخرى.