باعوا المبادئ والخصوصية.. مرضى التريند وباء «السوشيال ميديا» الجديد

تشوهات التريند تطال مهاويس الشهرة والمال
تشوهات التريند تطال مهاويس الشهرة والمال

«اللى بيجى بالساهل بيروح بالساهل».. تربينا من أجدادنا وآبائنا على هذا المبدأ لكى نسير به فى حياتنا وكافة أحوالنا، وهو أن كل شيء يأتى سهلاً يضيع بكل سهولة أيضا، لأن كل عمل تتقنه وتتعب به يأتى بثمار غالية، وتجبرك أن تحافظ عليها حتى آخر يوم بعمرك، ولكن هذا المبدأ لم يتعلمه الجيل الحالي.

جيل السوشيال ميديا الذى أصبح يعرض حياته للبيع والشراء لمن يدفع أكثر، وكأنها سلعة رخيصة لا يصح الحفاظ عليها حتى أصبحت الخصوصية مشاعاً للغير.

دار الإفتاء أكدت فى العديد من البيانات وعلى لسان علمائها وشيوخها بأن بَث ونَشر «اليوتيوبرز» المقاطع المصورة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم لزيادة التفاعل حولها إن كان مما لا يجوز للغير الاطلاع عليه؛ لكونه مما يُعَيَّب به المرء، فنشره عَمَلٌ محرَّم شرعًا، ومُجَرَّم قانونًا؛ لما فيه من إشاعة الفاحشة فى المجتمع.. ولكن الأمر تخطى الحدود، فانتشر مرضى التريند وأغرقوا الصفحات والقنوات، وحولوا ما يقدمونه إلى وباء جديد يغرق السوشيال ميديا.

آخر ما طفح على السطح، كانت قصة القبض على اليوتيوبر هبة السيد التى حاولت البحث عن الشهرة فخاضت فى عرض أبنائها.. والمتهمة بهتك عرض أطفالها والاتجار في البشر.. هذه السيدة سيطرت عليها شهوة التريند، لتنضم سريعا إلى قائمة مرضى التريندات وما أكثرهم. 

سلم للشهرة

بات التريند هو بداية سلم الشهرة ولكن بدون تعب، فقط يقومون أصحاب المبادئ «الفالصو» بتقديم محتوى تافه وغير لائق على صفحاتهم للمشاركة فى التريند من أجل الشهرة وجلب المال من الهواء، وكل هؤلاء صنفوا من قبل الأطباء بأنهم مرضى نفسيون ذوو أعراض قاسية تدل على سهولة التضحية بالنفس والأخلاق وتعدد العلاقات، وهذا ما أشار إليه الدكتور إبراهيم عبد الرشيد إخصائى الطب النفسى بجامعة عين شمس، والذى أكد أن هؤلاء الاشخاص هم من الأساس متخلون عن مبادئهم، ولكن كانوا منتظرين الفرصة للإعلان عن ذلك.

ويأتى هذا نتيجة اضطراب الشخصية المرضى المنتشر فى المجتمع، والذى حدث من خلال التطورات الاجتماعية الكارثية فى خلال العشر أو العشرين عاماً الماضية، والتى نتج عنها ظهور شخصيات مضطربة وكوارث مع وجود متغيرات اجتماعية مثل السوشيال ميديا وهى من أهم العوامل واخطرها التى أظهرت كل هؤلاء الشخصيات المريضة نفسيًا. 

اقرأ أيضًا | مشاهير السوشيال ميديا.. من شاشات المحمول إلى خلف القضبان

وأشار إخصائي الطب النفسي إلى أن السوشيال ميديا فرصة لظهور الشخصيات المضطربة وهى خالية من المبادئ والأخلاق والقيم، فهم يعتمدون على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، علاوة على ذلك تواجد جزئية تُحرك مبدأ الطمع بداخلهم وهو الحصول على المال بدون بذل أى مجهود، وأشهر هذه الشخصيات هى الشخصية الحدية التى تمتلك أسوأ الصفات والمبادئ فهى شخصية حادة واندفاعية وتقول كلمات صادمة وغير سوية ومتعددة العلاقات ويكون أسلوبها لا يميل إلى الاحترام أو الأخلاق بأى صلة، وهى تجمع كل الشخصيات غير المتزنة بداخلها فهى تحب الظهور والسيطرة على من حولها وفرض رأيها على الغير، ومن صفاتها الأنانية والطمع، وجاءت السوشيال ميديا لتكون البيئة الفاسدة التى تنمو فيها هذه الشخصيات، بالإضافة إلى الحصول على المال. فهذا كل ما يريدون تحقيقه. 

عالم مفتوح

وأوضح د. عبد الرشيد أن الجهات المسئولة لم تتمكن من السيطرة على السوشيال ميديا، لأنه عالم مفتوح، ولكننا يمكننا أن نستخدم السوشيال ميديا بطريقة أخرى أفضل من ذلك مثل دعم الشخصيات التى تقدم محتوى هادفا وتشجيعهم عليه.

من جانب آخر يناشد عبد الرشيد المسئولين فى الدولة بتغليظ القوانين والعقوبة التى تحد من هذه الشخصيات المريضة والعمل على الاستثمار فى الإنسان وزرع المبادئ والقيم بداخله وعدم تركه لشخصيات مريضة تجعله إنساناً غير سوى ومريضاً نفسياً تؤدى به إلى ارتكاب الجرائم مثل القتل أو السرقة وغيرها من الجرائم الأخلاقية التى تعتمد على التربية فى بداية الأمر.